مجلس الأمن يدعو لإطلاق حوار بناء بين أطراف النزاع الثلاثة حول سد النهضة

أكد سامح شكري وزير الخارجية المصري، أن القاهرة لديها كامل الحق في حماية حقوقها المائية، وأنه لن يكون أمامها خيار إلا الدفاع عن حق شعبها في البقاء ما لم يتم التوصل إلى تسوية لأزمة سد النهضة.

وتابع شكري: ” على مجلس الأمن منع تحول سد النهضة إلى تهديد لمصر والدفع باتجاه التوصل لاتفاق”، إن التعنت الإثيوبي أحبط كل الجهود المبذولة لتسوية أزمة سد النهضة.

وقال شكري في كلمته خلال الجلسة، أن القاهرة قبلت الانخراط في مفاوضات لحل قضية سد النهضة برعاية الولايات المتحدة، لافتا إلى أن إثيوبيا شرعت دون مراعاة للقوانين والأعراف في الملء المنفرد لسد النهضة.

وشدد على أن موقف مصر من سد النهضة اتسم بالحكمة وضبط النفس والحرص على التوصل لاتفاق، وأن إثيوبيا رفضت في أبريل/نيسان الماضي كل مقترحات مصر والسودان لحل الأزمة.

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن مصر وجدت نفسها مجددًا أمام المسلك الأحادي نحو ملء سد النهضة وهو ما يعكس انعدام المسؤولية من جانب إثيوبيا ومحاولة فرض الأمر الواقع.

تهديد السلم والأمن

وأوضح أن إثيوبيا تتجاهل قواعد القانون الدولي وتسعى إلى أسر نهر النيل والتحكم فيه لممارسة النفوذ السياسي وهذا يهدد السلم والأمن بالمنطقة، منوها إلى أن المسار التفاوضي الحالي وصل إلى طريق مسدود واستُنزف عام كامل في مفاوضات غير مثمرة.

وفي النهاية قال إن مصر لا تطالب مجلس الأمن بفرض تسوية لأزمة سد النهضة، ولكن نطالب بإصدار قرار سياسي بناء لإعادة المفاوضات بشأن سد النهضة.

شدد مجلس الأمن الدولي، في جلسة خصصها يوم الخميس للنظر في أزمة “سد النهضة” الإثيوبي، على أهمية إطلاق حوار بناء بين أطراف النزاع الثلاثة برعاية الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

أيد أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فجر الجمعة، جهود الوساطة التي يجريها الاتحاد الإفريقي بين إثيوبيا ومصر والسودان في النزاع حول تشغيل سد النهضة.

ودعت مصر والسودان المجلس إلى التحرك للمساعدة في حل النزاع بعدما بدأت إثيوبيا هذا الأسبوع ملء خزان السد للعام الثاني، وتعارض إثيوبيا تدخل مجلس الأمن.

التقرير التالي يرصد أبرز ملامح جلسة مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة.

مبعوث الأمم المتحدة

دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى القرن الإفريقي بارفيه أونانجا، أطراف قضية سد النهضة لمواصلة التعاون وتفادي أي إعلانات تزيد من التوتر.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى القرن الإفريقي خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن بشأن ملف سد النهضة، مساء الخميس، إن أطراف قضية سد النهضة لم تتمكن من الاتفاق على القضايا العالقة بينهم رغم التوصيات السابقة.

وأضاف، سد النهضة يمثل تحديات ومخاوف تتعلق باستخدام المياه والطاقة في إثيوبيا ومصر والسودان، والخبراء والمراقبون يدعمون الجهود الإفريقية لحل أزمة سد النهضة.

وحول الأزمة قالت إنجر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن حل أزمة سد النهضة يتطلب التعامل بحكمة من جانب أطرافها، وبمساعدة الخبراء القانونيين والفنيين.

وأشارت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، في إفادتها خلال جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة، إلى أن حكومات مصر والسودان وإثيوبيا لطالما تعاونت لسنوات طويلة من أجل إدارة الموارد المائية واستغلالها.

وأكدت أن سد النهضة سيمكن إثيوبيا من زيادة إنتاجها من الطاقة الكهربائية، كما شددت على أن النيل الأزرق يشكل موردًا حيويًا لشعوب مصر والسودان وإثيوبيا وعلينا أن نعمل من أجل تنمية الدول المعنية.

من جانبها قالت ليندا توماس جرينفيلد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة “يمكن التوصل إلى حل متوازن وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة من خلال الالتزام السياسي من جميع الأطراف”.

قيادة الاتحاد الإفريقي

وأضافت “هذا يبدأ باستئناف المفاوضات الموضوعية المثمرة. ينبغي عقد هذه المفاوضات تحت قيادة الاتحاد الإفريقي، وينبغي استئنافها على وجه السرعة”، وذكرت أن الاتحاد “هو المكان الأنسب لمعالجة هذا النزاع”.

من جانبه دعا السفير طارق الأدب مندوب تونس لدى الأمم المتحدة، إلى التوصل لحل تفاوضي حول أزمة سد النهضة مبني على روح التعاون.

وأكد الأدب في كلمته، على ضرورة الامتناع عن الإجراءات الأحادية في قضية سد النهضة، حتى لا يتعقد الموقف.

وشدد على أن نهر النيل مورد مائي مشترك في غاية الأهمية لمصر والسودان وإثيوبيا، وجدد ثقته في أطراف قضية سد النهضة وبرعاية الاتحاد الأفريقي، وأنهم قادرون على تجاوز الخلافات والتقدم نحو الحل التفاوضي العادل.

أما على الجانب الأوروبي أكدت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد، أن التوصل إلى اتفاق لحل أزمة سد النهضة يتطلب تنازلات من جميع الأطراف.

وقالت خلال كلمتها، واثقون من إمكانية حل أزمة سد النهضة بدعم من الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي.

ودعت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة جميع أطراف قضية سد النهضة إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تقويض المفاوضات.

هشاشة الاستقرار الإقليمي

كما أعرب مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، عن إيمانه بأن أطراف قضية سد النهضة ( مصر إثيوبيا والسودان) قادرة على التوصل إلى اتفاق حول ملئه وتشغيله.

وقال المندوب الفرنسي خلال كلمته، إن كل الأطراف في أزمة سد النهضة لديها مطالب مشروعة، ولكن تبددت الثقة بعد تفاوض استمر إلى 10 سنوات، مشيرًا إلى هشاشة الاستقرار الإقليمي.

وحذر من أي تدابير قد تعرقل المفاوضات، مشيدًا بجهود الاتحاد الإفريقي في دورته السابقة تحت رئاسة جنوب إفريقيا والدورة الحالية برئاسة الكونغو.

وطالب الأطراف الثلاثة بدعم التفاوض والحوار؛ قائلا: “نحن على قناعة حول قدرة الأطراف الثلاثة على التنازل وتحمل المسؤولية من أجل حل المسائل العالقة”.

من جانب أخر اقترح سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن تجتمع الدول وهي في نيويورك لمحاولة تسوية بعض القضايا.

وقال فاسيلي نيبينزيا، في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة، إن بلاده تعترف بأهمية مشروع سد النهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأكد تفهم مخاوف مصر والسودان بشأن ملء وتشغيل سد النهضة ويجب معالجتها، مشددا على أنه لا بديل لتسوية النزاع حول سد النهضة إلا من خلال السبل السياسية.

ولفت مندوب روسيا إلى أنه يجب تفادي خطاب التهديد والتلويح باستخدام القوة لحل أزمة سد النهضة والعمل بدلًا من ذلك على التوصل إلى اتفاق.

من جانبه دعا تشانغ جيون مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى حل أي خلافات حول استغلال مياه نهر النيل بالحوار والتعاون.

وشدد على ضرورة حل الخلافات بين أطراف الأزمة عبر الحوار والمشاورات، وأعرب عن تطلعه إلى استمرار اضطلاع الاتحاد الأفريقي بدوره للوساطة في أزمة سد النهضة.

تحذيرات سودانية

أما على الجانب السوداني، حذرت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي من أن عدم التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة يضر بنصف سكان السودان، وكل سكان مصر.

وقالت خلال كلمتها، إن قضية سد النهضة الإثيوبي تمثل مسألة بالغة الأهمية للسودان، ونعرب عن تقديرنا لدور الاتحاد الأفريقي في عملية التفاوض، ونؤكد على أهمية إيجاد حل عادل ومنصف ترتضيه جميع الأطراف.

وشددت وزيرة الخارجية على أهمية تشغيل سد النهضة بموجب اتفاق ملزم حتى لا يضر بنصف سكان السودان وكل سكان مصر، مشيرة إلى أن فوائد سد النهضة تتحول إلى مخاطر حقيقية بدون التوصل إلى اتفاق حول ملئه وتشغيله.

وطالبت مريم الصادق المهدي مجلس الأمن بحماية الأمن البشري والاستراتيجي للسودان، خاصة أن وجود سد النهضة على حدود بدون اتفاق حول إدارته يشكل خطورة على أرواح أبناء شعبنا.

وحذرت من سد النهضة سيقلل مساحة الأراضي الزراعية بنسبة 50%، ونحن لا نقبل استخدام الملء الأحادي لسد النهضة لإهانة كرامة الشعب السوداني، وعدم توافر معلومات كافية عن كيفية ملء سد النهضة يهدد سلامة سد الروصيرص، مشيرة إلى أن إثيوبيا تستعمل قدرتها المنفردة في إدارة السدود المقامة على أراضيها في تهديد أمن وسلامة المواطنين السودانيين.

ودعت وزيرة الخارجية السودانية مجلس الأمن إلى تعزيز مسار التفاوض تحت مظلة الاتحاد الإفريقي مع اضطلاع المراقبين بأدوار لتسهيل المفاوضات، خاصة أن قضية سد النهضة عادلة وعاجلة والمطلوب من مجلس الأمن تعزيز مسار المفاوضات بدون تكاليف.

وأوضحت بأن صمت مجلس الأمن سيرسل رسالة خاطئة مفادها أن التصرفات الأحادية الإثيوبية مقبولة، ونطالب المجلس بدعوة إثيوبيا لعدم اتخاذ خطوات أحادية بشأن سد النهضة دون اتفاق.

موقف إثيوبيا

من جانبه أكد سيلشي بيكيلي وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، أن بلاده شاركت في مفاوضات سد النهضة بحسن نية للتوصل إلى نتيجة ترضي كل الأطراف.

وقال سيلشي بيكيلي، خلال الجلسة، إن “مناقشة سد النهضة اليوم تضيع موارد ووقت مجلس الأمن”.

وأضاف أن مشروع سد النهضة ليس الأول في أفريقيا أو في العالم، موكدًا أن خزانه أصغر مرتين ونصف من السد العالي المصري.

وأكد سيلشي بيكيلي، أن سد النهضة مشيد في مكانه الصحيح ويهدف إلى تحسين حياة الملايين من سكان ضفاف نهر النيل، وتابع “سد النهضة يحمل بصمات جميع الشعب الإثيوبي الذي يسعى لتحسين حياته في هذه الظروف العصيبة”.

وأوضح وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، أن بلاده تتبادل التمنيات بالخير مع مصر والسودان، وسد النهضة يعزز مبدأ الازدهار المشترك.

وقال خلال الجلسة، “نؤمن أنه يمكننا أن نتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة إذا توافرت الإرادة السياسية ومبدأ حسن النية”.

وأكد سيلشي بيكيلي، أن إثيوبيا ستواصل ضبط النفس وإبداء روح التعاون في أزمة سد النهضة، وأن الملء الثاني للسد يجري في يوليو وأغسطس العام الحالي.

وتابع قائلًا: “ملء سد النهضة جزء من عملية بنائه وهذا أمر منصوص عليه في إعلان المبادئ الموقع عام 2015 ، وبتصميمه الحالي سيخزن المياه حتى تصل إلى 13.5 مليار متر مكعب وهذا ما تم الاتفاق عليه مع مصر والسودان”.

وطالبت إثيوبيا بضرورة رفض مجلس الأمن لمحاولات تحويله إلى هيئة تحكيم للبت في مشروع مائي.

وأكد سيلشي بيكيلي، أن المفاوضات هي الحل الوحيد لتسوية أزمة سد النهضة وليس اللجوء إلى مجلس الأمن.

مفاوضات موسعة

عقب انتهاء جلسة مجلس الزمن الخاصة بمناقشة أزمة سد النهضة، رصد الأطراف الثلاث وجهات نظرهم خلال تصريحات صحفية.

من جانب القاهرة، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه تم الاتفاق على إطلاق جولة واسعة من المفاوضات حول سد النهضة بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وأوضح وزير الخارجية المصري، خلال تصريحات صحفية عقب الجلسة، أن إثيوبيا لم تظهر أي نية سياسية حول التوصل إلى اتفاق بشأن السد.

وقال شكري، إن إجراءات إثيوبيا الأحادية لملء سد النهضة تهدد أمن مصر والسودان ومعيشة عشرات الملايين من السكان.

وأكد وزير الخارجية المصري، أن مجلس الأمن يمكن أن يضطلع بمسؤولياته في مسألة سد النهضة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وصمته عن ذلك يُعد إهمالًا.

وأوضح وزير الخارجية المصري، أن بلاده واثقة من أن مجلس الأمن سيضطلع بمسؤوليته ويتناول قضية سد النهضة من منظور الدبلوماسية الوقائية.

مرونة مصرية

وتابع شكري قائلًا: ” أي طرف يرفض قيام مجلس الأمن بدوره في حل أزمة سد النهضة عليه تقديم تبرير لذلك.. وسنواصل إبداء المرونة في أزمة سد النهضة ولكن علينا حماية مصدر حياة المصريين”.

وطالب وزير الخارجية المصري، إثيوبيا باحترام القانون الدولي والتوقف عن التعنت ولابد أن تكون أي جولة قادمة وفقا لإطار زمني محدد.

من جانب الخرطوم، طالبت وزيرة الخارجية السودانية، مجلس الأمن إلى تشجيع الدول الثلاثة للعمل مع فريق العمل الذي يترأسه الاتحاد الأفريقي وتعزيز مفاوضات سد النهضة بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأكدت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، خلال مؤتمر صحفي عقب الجلسة، أن ملء سد النهضة بشكل أحادي يهدد الاستقرار والأمن في شرق أفريقيا.

وأوضحت وزيرة الخارجية السودانية، أن هناك حاجة إلى دعم مباشر وحتمي لوساطة الاتحاد الإفريقي وإيجاد اتفاق ملزم قانونيا بشأن سد النهضة.

وقالت مريم الصادق المهدي، نريد التوصل لاتفاق ملزم بشأن سد النهضة ضمن مهلة زمنية محددة ونعتقد أن الأمر سيكون ممكنا إذا توفرت إرادة سياسية.

وتابعت، “إثيوبيا تتعامل مع المياه كسلاح للهيمنة على جيرانها وهو ما يجعل القضية ترتبط بالأمن والسلم الدوليين”.

من جانب أديس أبابا، قال سيلشي بيكيلي وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، ” نؤمن بأنه لم يكن يجب مناقشة سد النهضة في مجلس الأمن، ولدينا خبرة كبيرة في بناء السدود الكهرومائية”.

تحقيق مصالح شعوب

وأكد وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، خلال مؤتمر صحفي عقب الجلسة، أن المياه ستواصل تدفقها نحو دول المصب وسد النهضة سيحسن حياة الإثيوبيين ويوفر الكهرباء لأكثر من 6 ملايين شخص.

وأوضح سيلشي بيكيلي، نعمل على تحقيق الازدهار وتحقيق مصالح شعوب الدول الثلاثة، وتابع قائلًا: ” الاتحاد الأفريقي هو المنصة الصحيحة للتعامل مع ملف سد النهضة وخلق البيئة المناسبة للمباحثات”.

يشار إلى أن سد النهضة التي أوشكت أديس أبابا على الانتهاء منه مع شروعها في مرحلة البدء الثاني، لا يزال محل خلاف بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان.

ومنذ يومين، قالت مصر والسودان إن إثيوبيا أبلغتهما رسمياً ببدء المرحلة الثانية من ملء بحيرة سد النهضة، وهو ما قوبل بالرفض القاطع من القاهرة والخرطوم.

وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ عام 2011 للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة المعد ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميجاوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى