مجلس شورى إخونجية تونس يقررون سحب الثقة من حكومة الفخفاخ

أفادت مصادر سياسية أن مجلس شورى حركة النهضة الإخونجية قرر سحب الثقة من حكومة إلياس الفخفاخ في تونس.

وأكدت القرار الناطقة باسم مجلس الشورى النهضة سناء المرسني في تصريح لإذاعة “شمس آف آم” المحلية.

وجاء القرار بعد  إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن رفضه لسياسة “الابتزاز والمناورات والعمل في الغرف المظلمة”، التي لجأت إليها الحركة لإسقاط الحكومة، في تزامن مع تحركات لافتة للكتل البرلمانية للإطاحة برئاسة راشد الغنوشي للبرلمان، عبر لائحة سحب ثقة.

وأعلن الفخفاخ في بيان وزعه في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، أنه يعتزم إدخال تعديل على تركيبة حكومته خلال الأيام المقبلة “ليتناسب والمصلحة العليا للبلاد”، وألمح فيه إلى إمكانية استبعاد وزراء حركة النهضة من الحكومة، بعد رفضه ورئيس الدولة إعلان حركة النهضة عن تكليف الغنوشي بإجراء مفاوضات لتغيير الحكومة الحالية بسبب شبهات فساد مالي حول رئيسها.

وفي هذا السياق لم يتردد في اتهام حركة النهضة الإخونجية (54 مقعدا برلمانيا)، التي تُعد أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم حاليا (6 وزراء)، بـ “إرباك العمل الحكومي، وخدمة مصالحها الحزبية، والإخلال بمبدأ التضامن الحكومي”، واصفا دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة بأنها “انتهاك صارخ واستخفاف بالاستقرار”.

والتقى الفخفاخ، الثلاثاء، بكل من نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية)، وسمير ماجول، رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد أرباب العمل)، وعبدالمجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصّيد البحري (نقابة المزارعين)، في خطوة تهدف إلى حشد أوسع للقوى الفاعلة اقتصاديا واجتماعيا إلى جانب الحكومة في وجه ابتزاز النهضة.

وقال الفخفاخ إن البلاد “لم تعد تحتمل المزيد من الإرباك والمناورات السياسية”، وأن “الوضع الدقيق يقتضي من الجميع تغليب المصلحة العليا للوطن، للتمكن من إنقاذ الدولة”.

واعتبر القوماني أن مجلس الشورى ناقش خلال اجتماعه الطارئ ترتيبات ما بعد حكومة الفخفاخ الذي اختار ببيانه المذكور “الهروب إلى الأمام، بدل مواجهة الواقع في علاقة بشبهة ‘تضارب المصالح’ التي تلاحقه، والتي أضرت بصورته لدى الرأي العام، وجعلت المشهد الحكومي في وضعية سياسية وأخلاقية صعبة”.

ولفت إلى أن كل السيناريوهات في علاقة بالمسار الحكومي، وما يقتضيه من توازنات برلمانية مطروحة على طاولة هذا الاجتماع الهام، منها احتمال التقدم بلائحة برلمانية لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ، لكنه استبعد في المقابل إمكانية ذهاب حركته إلى حد سحب وزرائها من الحكومة الحالية قبل الإعلان عن التعديل الوزاري المُرتقب.

وفي المقابل، تجمع القراءات السياسية على أن حركة النهضة الإخونجية باتت تلازمها حالة من التوتر والارتباك غير مسبوقة خاصة بعد تراجع شعبيتها لفائدة الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي، وفق ما أظهرته آخر نتائج سبر آراء لمؤسسة “سيغما كونساي”.

وحصل الحزب على 29 في المئة من نوايا التصويت متقدما على خصمه حزب حركة النهضة الذي حصل على 24.1 في المئة.

وتشكل هذه المستجدات رجة سياسية لم تكن في الحسبان، ليس فقط لهذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، وإنما أيضا لرئيسها راشد الغنوشي الذي ارتفعت الشكوك بشأن إمكانية بقائه رئيسا للبرلمان حتى نهاية ولايته.

ويواجه الغنوشي لائحة سحب الثقة منه كرئيس للبرلمان، تقدمت بها أربع كتل نيابية، هي الكتلة الديمقراطية التي تضم حزب التيار الديمقراطي، وحركة الشعب (38 مقعدا برلمانيا)، وكتلة الإصلاح الوطني (16 مقعدا)، وكتلة تحيا تونس (11 مقعدا)، والكتلة الوطنية (11 مقعدا).

وأكدت مصادر برلمانية، أن هذه اللائحة التي يدعمها الحزب الدستوري الحر (16 مقعدا برلمانيا)، وعدد من النواب المستقلين، أصبحت جاهزة لتقديمها إلى مكتب البرلمان لتحديد جلسة عامة لمناقشتها، بعد أن تجاوز عدد النواب الذين وقعوا عليها الـ 73 نائبا، وهو العدد المطلوب دستوريا لتمرير أي لائحة لوم، والتي تبقى بحاجة إلى 109 أصوات للمُصادقة عليها.

وأمام هذا الوضع، اتسعت التقديرات التي تحتمل الكثير من المفاجآت التي من شأنها ليس فقط قلب الحسابات الراهنة وتغيير معادلات موازين القوى، بل أيضا تقليص هامش المناورة لدى حركة النهضة الإسلامية التي دخلت في مأزق جدي مُتعدد الجوانب يدفع بقوة نحو تحجيم دورها ووضع حد لتغولها غير المسبوق الذي عرفته البلاد طيلة السنوات العشر الماضية.

واعتبر الناشط السياسي، منجي الحرباوي، أن حركة النهضة الإخونجية التي لم تترك فرصة لتحقيق مآربها الحزبية إلا واستغلتها، تعيش الآن أزمة داخلية حادة تنذر بتشتتها وتمزقها عكستها المواقف المُتناقضة والمُتضاربة للعديد من كبار مسؤوليها، وأخرى محلية حيث أصبحت معزولة بعد أن خسرت جميع تحالفاتها الحزبية، إلى جانب تآكل صورتها لدى الرأي العام الذي لم يعد يثق بها.

وقال الحرباوي، إن حركة النهضة “تمر الآن بأتعس فتراتها، وهي بذلك تعيش آخر خريف لها، ما يعني أنها اقتربت كثيرا من دائرة الانقسامات والانشقاقات التي عرفتها بعض الأحزاب الأخرى، والتي انتهت بانهيارها، وبالتالي فإن الارتفاع الحاد في خطابها السياسي ليس إلا محاولة يائسة لخلط الأوراق في الوقت الضائع”.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى