مساعي لتصنيف إسرائيل كدولة فصل عنصري

حذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، خلال مقابلة مع إذاعة “RTL” الفرنسية الرسمية في 23 مايو الجاري، من إن الوضع في إسرائيل قد يقودها إلى أن تصبح دولة فصل عنصري.

وشدد لودريان على ضرورة التمسك بحل الدولتين لخروج من الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية.

واعتبر لودريان أن فرصة حل الدولتين بدأت تتلاشى. وأضاف: “إذا واصلنا تبني منطق دولة واحدة، واستمر الوضع الراهن على ما هو عليه، سيكون خطر الفصل العنصري قوياً”.

احتجاج إسرائيلي

تصريحات لودريان أثارت استنكاراً واسعاً في الأوساط السياسية الإسرائيلية، وقال بنيامين نتنياهو: “أعبر عن احتجاحي الشديد إزاء الحكومة الفرنسية على أقوال وزير خارجيتها إن إسرائيل قد تتحول إلى دولة (أبارتهايد)”.

واعتبر أن اتهامات لو دريان لإسرائيل “ادعاء وقح وكاذب ولا أساس له”.

وزعم نتنياهو أن “إسرائيل تُشكل منارة للديمقراطية ولحقوق الإنسان في منطقتنا، وهي الديمقراطية الوحيدة فيها. هكذا كان الأمر، وهكذا سيكون دائماً. لن نقبل بأي محاولة لتعليمنا الأخلاق في هذا الشأن”.

وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر”، أن “جميع المواطنين في إسرائيل متساوون أمام القضاء بغض النظر عن عرقهم”.

وطالت إسرائيل انتقادات واسعة حول العالم، خلال القصف الأخير على قطاع غزة، وكانت خرجت الكثير من المظاهرات للمطالبة بوقف التصعيد، غير أن حكومة نتنياهو أمرت الجيش بمواصلة العمليات لمدة 11 يوماً.

وقتلت الهجمات الإسرائيلية على غزة أكثر من 240 مدنياً فلسطينياً بينهم 65 طفلاً، إضافة إلى دمار كبير في البنية التحتية، كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية الكثير من المنشآت المدنية، ومن ضمنها برج الجلاء الذي كان يضم مكاتب لمؤسسات صحفية كبرى، مثل وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.

ويعيش في قطاع غزة أكر من مليونين و200 ألف فلسطيني على مساحة لا تتجاوز 365 كيلو متر مربع.

دولة فصل عنصري

وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي في وقت تسعى منظمات غير حكومية إلى تصنيف إسرائيل “دولة فصل عنصري”.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أصدرت تقريراً مطولاً في 27 أبريل الماضي اعتبرت فيه أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تصل إلى درجة “جرائم الاضطهاد والفصل العنصري”.

وقالت المنظمة إن تقريرها الذي يتألف من 213 صفحة لا يسعى إلى تشبيه إسرائيل بجنوب إفريقيا إبان فترة الفصل العنصري، وإنما يركّز على تقييم ما إن كانت أفعال وسياسات بعينها تمثل تمييزاً عنصرياً بحسب تعريف القانون الدولي.

ورفضت الخارجية الإسرائيلية ما جاء في التقرير، ووصفته بأنه “غير صحيح ويتنافى مع المنطق”، مُتهمة المنظمة باتباع “أجندة معادية لإسرائيل والسعي منذ سنوات للترويج لمقاطعتها”. في حين رحبت الرئاسة الفلسطينية بتقرير المنظمة واعتبرت أنه يُمثل “شهادة دولية قوية ومحقة”.

وبعد أن قضت المحكمة الجنائية الدولية أن لا ولاية قضائية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية، قال قضاة المحكمة إنها ستحقق رسمياً في تورط إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب. كما دعت “هيومن رايتس ووتش” ممثلي الادعاء في المحكمة إلى “التحقيق مع أفراد ضالعين على نحو موثوق في فصل واضطهاد عنصري ومقاضاتهم”.

وذكرت المنظمة أن قانون “الدولة القومية” الإسرائيلي الذي صدر عام 2018، ينص على أن اليهود وحدهم يملكون حق تقرير المصير في الدولة، ما يوفر “أساساً قانونياً لتطبيق سياسات تُميز الإسرائيليين اليهود على حساب الأقلية العربية التي تشكل 21% من السكان وتشكو باستمرار من التعرض للتمييز”.

رئيس جنوب إفريقيا

وخلال التصعيد الأخير في غزة وما سبقه من احتجاجات في عدد من أحياء القدس والتهديد بتهجير السكان العرب، ارتفعت الكثير من الأصوات حول العالم منددة بالممارسات الإسرائيلة تجاه الفلسطينيين.

وفي مقابلة مع النسخة الإنجليزية من قناة “فرانس 24” في 19 مايو الجاري، اعتبر رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا أن الطريقة التي تقصف بها إسرائيل غزة تجعل من السهل وصفها بأنها دولة من نوع “أبارتهايد”، في إشارة إلى نظام الفصل العنصري الذي كان سائداً في جنوب إفريقيا حتى مطلع تسعينات القرن الماضي.

وقال رامافوزا إن “الوضع في غزة مقلق للغاية. الصور التي رأيناها تعيد ذكريات مروعة عن تاريخنا و(أبارتهايد). لذلك لا يسعنا إلا الوقوف إلى جانب الفلسطينيين”.

وبحسب البيان العالمي لحقوق الإنسان، يُمثل نظام الفصل العنصري أسوأ أشكال التمييز بين البشر، وفي حالة جنوب إفريقيا استطاعت الأقلية البيضاء أن تحكم الأغلبية من ذوي البشرة السمراء، منذ عام 1948 وحتى إلغاء النظام عام 1990.

وتعود كلمة “Apartheid” التي تعني بالعربية “الفصل”، إلى لغة “الأفريكان”، وهم البيض ذوو الأصول الهولندية الذين استوطن أسلافهم القارة الإفريقية قبل أكثر من قرنين.

ويهدف نظام “الأبارتهايد” العنصري، وفق النموذج الذي انتشر في جنوب إفريقيا، إلى خلق إطار قانوني يُحافظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية لأقلية ما على أساس العرق أو الدين وغيرها.

ويُقارب البعض بين هذا النظام ونظام الدولة القومية الذي أقرته إسرائيل عام 2018، فضلاً عن الجدار الذي بنته ليفصل المناطق الخاضعة لسيطرتها عن الضفة الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى