مقاطعة لاجتماعات المجلس الأعلى للدولة الليبي

بسبب استغلاله لصالح جماعات والزج به في "حسابات فئوية ضيقة"

طالب أعضاء المجلس الأعلى للدولة الليبي الداعمون لحكومة فتحي باشاغا في بيان، رئيس المجلس خالد المشري بـ”إعادة النظر في طريقة إدارته للمجلس والابتعاد عن الزج به في حسابات فئوية ضيقة، ومحاولة استغلاله في مشاريع تخدم مجموعات بعينها بعيدا عن المصالح الوطنية العليا”.

كما طالب الأعضاء الذين يقاطعون الاجتماعات رئاسة المجلس بدعم لجنة المسار الدستوري وإيجاد مساحة أوسع من التوافق مع لجنة البرلمان في الجولة القادمة من الحوارات المزمع عقدها الأسبوع المقبل في مصر.

يشار إلى أن المجلس الأعلى للدولة الليبي، الاثنين، فشل في عقد جلسة عامة للمرة الخامسة على التوالي، بسبب مقاطعة أعضائه الداعمين لحكومة فتحي باشاغا، في خطوة تعكس وجود خلافات داخلية قد تعصف بحالة التماسك التي عرف بها المجلس وحافظ عليها طوال السنوات الماضية.

ويدعم نحو 75 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة، رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا وخارطة الطريق التي أعلن عنها البرلمان، مقابل 54 عضوا أعلنوا دعمهم لبقاء رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة في السلطة إلى حين إجراء انتخابات برلمانية، في خطوة تعكس انقساما داخل المجلس.

وقد يؤثر هذا الانقسام على جهود التوافق بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان حول القاعدة الدستورية للانتخابات، في جولة المفاوضات القادمة التي تعقد منتصف الشهر الجاري في مصر.

وتوصلت اللجنة المشتركة من مجلس النواب والأعلى للدولة، الشهر الماضي، إلى التوافق المبدئي حول 137 مادة من مسودة الدستور، من بينها الباب الثاني المعني بالحقوق والحريات، فضلا عن البابين الخاصين بالسلطة التشريعية والقضائية، فيما لم يتم التوافق على المواد التي تتعلّق بشروط الترشح إلى الانتخابات الرئاسية وصلاحيات السلطة التنفيذية وكذلك المواد التي تتعلق بالحكم المحلي والسلطة التشريعية.

اشتباكات سوق الجمعة

على صعيد آخر، اندلعت مواجهات مسلحة في منطقة الفرناج في العاصمة الليبية، بين مجموعات مسلحة تتقاتل لأجل بسط نفوذها على تلك المنطقة الاستراتيجية، في ظل تدهور الحالة الأمنية، وبشكل حاد، في طرابلس خلال الأسابيع الماضية.

وأفادت مصادر محلية، إن الاشتباكات دارت خلال الساعات الأولى من صباح الإثنين، حيث سمع أصوات دوي إطلاق النار.

والفرناج هي من أكبر الضواحي في منطقة سوق الجمعة بطرابلس، ويعد موقعها استراتيجيًّا، حيث تعد بوابتها الجنوبية، وجميع الطرق بها تؤدي إلى قلب العاصمة، كما أن بها كثافة سكانية كبيرة، وهي مركز تجاري بسوق الجمعة، وبها العديد من المؤسسات العامة والخاصة المهمة.

كانت المنطقة مسرحًا لمواجهات عنيفة خلال الشهور الماضية، حيث دارت بها اشتباكات بين ما يسمى بـ”الشرطة القضائية” التابعة لـ”ميليشيا الردع”، و”قوة دعم الاستقرار”، وذلك في أكتوبر العام 2021، استخدمت خلاله مختلف الأسلحة الآلية، ثم كانت “الشرطة القضائية” طرفًا في صراع آخر مع “ميليشيا 777″، وذلك في فبراير الماضي، وذلك في منطقة الجزيرة، قرب منطقة عين زارة، وذلك بعد خلاف حول التمركزات المسلحة.

لكن أعنف حلقة في مسلسل الاشتباكات كانت في مطلع يونيو الجاري، حيث دخلت “الشرطة القضائية”، مدعومة بمجموعات مسلحة أخرى، في صراع مع ميليشيا “ثوار طرابلس” التي يقودها “أيوب بوراس”، حول السيطرة على مقر جهاز الأمن الداخلي (المخابرات).

ونجحت “الشرطة القضائية”، التي يقودها “أسامة نجيم”، في بسط سيطرتها على المقر، لكن الأمر كلفها سقوط نحو خمسة من عناصرها.

دولة داخل الدولة

قال الباحث السياسي الليبي محمد قشوط، إن الميليشيات صنعوا منظومة، تحولت إلى “دولة داخل الدولة”، مشيرًا إلى تعدد وقائع الانفلات الأمني في طرابلس، والغرب الليبي عمومًا، خلال الفترة الماضية بدءًا باقتحام مقرات لمؤسسات عامة، وصولًا إلى الاشتباكات في جنزور وطرابلس والعجيلات والزاوية، والاغتيالات في مدينة صبراتة.

ويرى قشوط أنه من الخطأ الاعتقاد بأن نهاية تلك المجموعات يتأتى بالتفاوض مع قياداتها على الخروج بشكل آمن من المشهد مع ما نهبوه، لأنهم يسعون للحفاظ على مكاسبهم، والنفوذ الذي حازوه في المؤسسات والوزارات، متكئين على العلاقات التي أبرموها مع أطراف دولية.

وشدد على أن الحديث معهم يجب أن يكون في الإطار الأمني، بمعنى تحديد مستقبل أفراد تلك الميليشيات، وكيفية دمجها ضمن مشروع وطني يؤهلهم للعودة كمواطنين صالحين ينبذون العنف، لكن لا يمكن التفاهم معهم حول رؤى سياسية، لأن الأمر سينتهي بـ”ليبيا” إلى استنساخ تجارب دول فاشلة مكنت للمجموعات المسلحة من لعب أدوار في قيادة بلدانها.

ويؤكد المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، أنه لا سبيل لحل الأزمة الليبية واستعادة هيبة الدولة، إلا باحتكار القوة ووضع حد للميليشيات وفوضى السلاح “عبر برامج وتجارب استخدمت في دول كثيرة حول العالم”.

وأضاف عقيل أن العاصمة تعاني تحت سيطرة الميليشيات والمجموعات المسلحة، التي تتصارع على النفوذ والسيطرة، ويتبعون سياسة تكميم الأفواه مع المواطنين الذين فاض بهم الكيل من هذه الممارسات.

وأشار إلى أن افتعال المواجهات والاشتباكات، ما هو إلا طريقة لتأكيد استمرار حالة العنف والفوضى، وأنهم يوصلون رسالة ببقائهم في المشهد وقطع الطريق أمام أي جهد للتوصل إلى حلول سياسية تقود لاستقرار البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى