مناورات إخونجية لعقد تسوية مع الدولة المصرية

أصدرت واحدة من ثلاث جبهات متصارعة راحل تنظيم الإخونجية في مصر، الأحد، بيانا أعلنت فيه رفضها للمشاركة في حوار وطني لم يدع له التنظيم أصلا،  وتبرأت فيه مما قالت إنه صفقة يجري إعدادها بين مصر ودول في الإقليم برعاية أمريكية لترتيب تسوية مع قيادات المنظمة الإرهابية.

وكان التنظيم المحظور في مصر منذ عقود، وفي أعقاب أحداث يناير/كانون الثاني 2011، اتسم حضوره على الساحة السياسية بالغموض القانوني، لكنه أنشأ حزب “الحرية والعدالة” كذراع سياسية له، ومع الإطاحة بالتنظيم من السلطة في ثورة 30 يونيو/حزيران، صنف التنظيم أنه جماعة إرهابية وأُدرج عدد من قادته وكوادره على قائمة الإرهاب.

وفقد التنظيم الذي يتسم بهرمية صارمة وحدته في ضوء خلافات وانقسامات عميقة بين قادته، حيث تتصارع جبهتان على قيادته لكن واقع الانقسامات يعكس تشظيه إلى كتل متناحرة.

وفي أبريل/نيسان الماضي أطلقت الرئاسة المصرية دعوة لحوار سياسي وطني مع القوى الفاعلة في المشهد المصري، واستبعد التنظيم من الحوار الذي اشترط عدم تورط المشاركين فيه في أعمال عنف أو إرهاب.

وقال خبراء تحدثوا إن التنظيم الإخونجي يحاول استغلال المشهد الحالي في الشرق الأوسط مع خسارته لحلفاء إقليميين بارزين من أجل إعلان استعداده لقبول تسوية مع السلطات في مصر.

البيان لا يعكس الواقع

ورأى الباحث المتخصص في شؤون المنظمات الإرهابية، أحمد بان، أن البيان نوع من مغازلة السلطة المصرية، مؤكدا أن ما جاء في البيان لا يعكس من قريب أو بعيد الواقع الحالي.

وأضاف بان ” أن التنظيم الإرهابي مشظي ولم يعد رقما صعبا في المعادلة السياسية ولن يحفل بها أي نظام سياسي عربي أو مصري بعد تورطه سياسيا وأخلاقيا في أعمال العنف.

وأدين قادة وكوادر التنظيم خلال السنوات الماضية في قضايا إرهاب، وصدرت بحقهم أحكام بالإعدام والسجن المشدد.

ولفت بان إلى أن البيان محاولة مكشوفة للإيحاء لرأي العام أن التنظيم رقم مهم بالمعادلة السياسية وأن النظام يحاول مخاطبة وده برغم أنها انقسمت إلى ثلاث جبهات ولم تعد كما كانت كنظام واحد تحت قيادة واحدة.

وتتصارع 3 تيارات على قيادة التنظيم جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للإخونجية وجبهة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخونجية (غير معترف به من الجبهة الأخرى بعد أن عزلته من موقعه)، والمكتب العام ويتكون من 5 أفراد ولا يتمتعون بالتمويل.

الدعاية السياسية

من جانبه، رأى القيادي السابق والمنشق عن الإخونجية، إسلام الكتاتني، أن البيان يمكن أن يدرج في خانة الدعاية السياسية.

وأشار إلى أنه إعلان من التنظيم لأنصاره وللرأي العام أنه لا يزال على الساحة وأنه ملف يمكن أن يطرح على قمم رئاسية.

ومنتصف الشهر المقبل تستضيف السعودية قمة أمريكية خليجية يشارك بها قادة إقليميون على رأسهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وأوضح الكتاتني، أن البيان رد فعل بعد صدمة التنظيم من تصريحات الدولة باستبعاده من أي حوار سياسي وطني وكذلك من لجنة العفو الرئاسي.

مراجعة وضع السجناء السياسيين

وكان السيسي قد وجه في أبريل/نيسان أيضا بتفعيل لجنة للعفو الرئاسي لمراجعة وضع سجناء سياسيين غير متورطين في أعمال عنف.

وبموجب عمل اللجنة أطلق سراح سجناء محسوبين على القوى المدنية في البلاد.

وتابع الكتاتني أن البيان يعكس صدمة التنظيم بعد فقدانه الأمل عقب زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد للقاهرة والتقارب المصري التركي، دون تخفيف التضييق على أعضاء التنظيم أو دعوتهم للحوار.

وأكد أن الإخونجية في وضعهم الراهن على استعداد لقبول الحوار، بل إنهم يتمنونه، لكن على ما يبدو فإن السلطة المصرية ليس لديها نية لفتح هذا الملف تحت أي ظرف إقليمي أو دولي.

أما الباحث في الإسلام السياسي، مصطفى حمزة، فقال إن “هذا النوع من البيانات غير الرسمية تخرج لجس نبض الدولة المصرية تجاه الموقف من التصالح مع تنظيم الإخونجية، خاصة أن البيان لم يصدر عن القائم بأعمال المرشد ولا جبهة إسطنبول (جبهة محمود حسين)، يبدو لي الأمر بالون اختبار”.

وشدد حمزة على أن “تنظيم الإخونجية يسعى بكل ما يملك للتصالح مع الدولة المصرية لكن الرئيس المصري حسم القضية قبل ذلك في حواره مع فرانس برس، على ما أذكر، عندما ألقى بالكرة في ملعب الشعب” قائلًا: “إن هذه القضية هي قضية الشعب المصري وليس مؤسسة الرئاسة، والمصريون لن يقبلوا هذا التنظيم مرة أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى