نظام أردوغان يؤجج خطاب الكراهية ضد المعارضة التركية

وأجهزة الأمن تواصل الاعتقالات في صفوفها

بالتزامن مع حملات اعتقال لا تتوقف في صفوف المعارضة التركية، يسعة نظام أردوغان الحاكم في البلاد، لإعادة تصدير الاتهامات التي توجهها المعارضة، وذلك في سياق التملص منها، وترويج الأقاويل والاتهامات عن المعارضة، بحيث يكون تبادل الاتهامات متنفساً للتهرب من المسؤوليات، والإيحاء أن المعارضة بدورها تتحمل قسطاً من مسؤولية الواقع السياسي والاقتصادي المزري الذي تعانيه البلاد.

فقد شن أردوغان هجوماً على المعارضة، ووصفها بأنها لن تصل إلى السلطة لأن وعدها الوحيد هو إسقاطه، وأنها تفتقر إلى أية برامج اقتصادية أو سياسية أو إصلاحية للنهوض بالبلاد، وذلك في محاولة منه لتحميلها مسؤوليات فشل سياساته الداخلية والخارجية التي ورطت تركيا في عدة أزمات، بحسب ما يلفت محللون.

وقال أردوغان: “هذه الأمة لن تمنح السلطة لمعارضة وعدها الوحيد هو إسقاط طيب أردوغان. في عملية التغيير السياسي والاقتصادي العالمي، لا يمكن لأي هيكل ذي اتجاه غير مؤكد، بدون مشروع أو موظفين غير كافيين أن يحصلوا على سلطة، أو تأشيرة من أمتنا..

وبشأن أجندة الانتخابات المبكرة قال أردوغان: “الانتخابات المبكرة غير متاحة لكم، إذا تحليتم بالصبر ستنتظرون حتى يونيو 2023. وقال “لدينا المزيد لنفعله”. جاء ذلك في كلمة خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في البرلمان التركي.

وكرر أردوغان إطلاق الوعود بإجراء إصلاحات قانونية واقتصادية وقال: “سنعرض قريبا على البرلمان حزمة الإصلاحات التي أوشكنا على الانتهاء من إعدادها”. وبيّن أن الاستعدادات المتعلقة بحزمة الإصلاحات القانونية والاقتصادية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من التغيير والتقدم قد تبلورت إلى حد كبير.

وأضاف إن “تحالف الشعب”، المكون من حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، يعمل بشكل مستمر لإيصال تركيا إلى أهداف 2023، وتأسيس البنية التحتية لرؤية 2071. وأكد أنهم سيواصلون النضال في هذا الطريق دون انتهاك حقوق أحد، ودون السماح لأحد بانتهاك حقوقهم.

وأعلن أردوغان أنهم سيقدمون مدفوعات دعم للتجار الذين يقل حجم مبيعاتهم عن 3 ملايين ليرة، والذين تنحصر أنشطتهم في قطاعات مثل المطاعم والمطاعم والمقاهي.

وقال أردوغان: “سنقوم بدفع دعم أقل من ألفي ليرة ولا يزيد عن 40 ألف ليرة للشركات التي يبلغ حجم مبيعاتها 50 في المئة أو أكثر، وبقدر يصل إلى 3 في المائة من حجم التداول”. وذكر أنهم قاموا، ضمن إطار درع الحماية الاجتماعية، بتوزيع 46 مليار ليرة (نحو 6.2 مليارات دولار) على كافة شرائح المجتمع دون مقابل.

وتابع: نقوم حسب الحاجة بتوسيع وإطالة مدد برامج الدعم التي نقدمها للشرائح المتأثرة بالتدابير المتعلقة بكورونا. وأشار إلى أنّهم يتعاملون بكل شفافية، وأنّ تحقيق الانتصارات في عملية بناء تركيا الكبيرة والقوية سيبدأ مرحلة جديدة.

بدورها اتهمت المعارضة التركية، أردوغان وحكومتة بالمسؤولية الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمرّ بها البلاد، وقالت “إذا لم يتم قبول الفائدة المفروضة من الخارج من الداخل، فإن المال لا يأتي، يتم تسليمه للفرض ويتم رفع الفائدة. عندما ينخفض ​​سعر الفائدة، يرتفع الدولار والعملات الأجنبية. لا تستطيع الحكومة، العالقة بين مأزقين، أن تنتج حلاً.

وصلت الفوائد المدفوعة في الخارج إلى أرقام غير عادية. إذا أعطيت الموارد التي أنشأتها لحفنة من المستخدمين، فلن تكون قادرًا على إنتاج حلول. تذهب الفاتورة لذوي الدخل المنخفض. لا توجد مشكلة مع الدخل المرتفع. لا توجد مشكلة مع مزادات العملات الأجنبية. لا توجد مشكلة في الحصول على المال وإقراض الأموال للدولة بأسعار فائدة عالية. المشكلة مع التاجر والعامل والعاطلين.. هذا يسبب اضطرابات اجتماعية”.

وفي سياق الضغط الحكومي على المعارضة، أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم الثلاثاء، أنه يستعد لتقديم شكوى جنائية ضد زعيم كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي تتّهمه بممارسة “سياسة الكراهية”.

ونقلت صحيفة حرييت عن وزير الداخلية سليمان صويلو خلال اجتماع برلماني لحزب العدالة والتنمية قوله إن تصريحات زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو التي وصف فيها المحافظين وحكام المناطق بأنهم “متشددون” تعتبر جريمة. وقال الوزير صويلو: “سنقوم بتقديم شكوى جنائية ضد كمال كليجدار أوغلو”، واتهمه بالتحالف مع المشرعين المتهمين بصلاتهم بحزب العمال الكردستاني المحظور.

وفي وقت سابق الثلاثاء، كرر كليجدار أوغلو تصريحات عضو البرلمان السابق عن حزب الشعب الجمهوري، الذي يواجه دعوى قضائية بزعم التشهير بالحكومة والقضاء بسبب تصريحاته في برنامج تلفزيوني. واتهم برهان شيمشك المحافظين وحكام المقاطعات بالتشدد بينما انتقد سياسات الحكومة في ظل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

ورفعت وزارة داخلية النظام التركي شكوى جنائية ضد نائب سابق معارض بدعوى إهانة الأمة التركية والبرلمان التركي، وقالت إنّ برهان شيمشك متهم بتشويه سمعة الحكومة والقضاء بسبب تصريحاته على قناة خبر تورك التلفزيونية في وقت سابق من هذا الأسبوع. ووصفت تصريحات شيمشك بأنّها تجاوزت النقد وكانت “تقلل من شأنها وتزدريها”.

وانتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جيليك يوم الثلاثاء كليجدار أوغلو لإدارته ما أسماه “سياسة الكراهية”. وقال جيليك: “لأول مرة نرى أن الحزب السياسي يترك حدود الشرعية ويعمل بسياسة التدمير. لسوء الحظ، حول كليجدار أوغلو خطاب الكراهية إلى سياسة ممنهجة”.

من جهة ثانية، تواصل أجهزة الأمن التابعة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حملات الاعتقالات “الجنونية” لعناصر الجيش، وسط إدانات لارتفاع حالات الاختفاء القسري.

حيث اعتقلت السلطات التركية، الأربعاء، 4 أشخاص بينهم 3 عسكريين متقاعدين، على خلفية اتهامهم بالانتماء لرجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف بتدبير مسرحية انقلابية عام 2016.

وبحسب صحيفة “سوزجو” المعارضة، فإن المصدر أكد أن القرار صدر عن النيابة العامة في العاصمة أنقرة، موضحا أن من بين المعتقلين ثلاثة برتبة عميد تقاعدوا من الجيش.

وعقب صدور قرارات الاعتقال داهمت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية الأمن بالعاصمة أنقرة بيوت المطلوبين، وتم اعتقالهم واقتيادهم للتحقيق معهم.

ويزعم أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية، أن غولن متهم بتدبير المحاولة الانقلابية المزعومة، وهو ما ينفيه الأخير بشدة.

فيما ترد المعارضة التركية بأن أحداث ليلة 15 يوليو/تموز كانت “انقلاباً مدبراً” لتصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني.

وأسفرت هذه الأحداث عن مقتل 248 شخصاً، إضافة إلى 24 من منفّذي العملية.

وتشن السلطات التركية بشكل منتظم حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة غولن، فضلا عن فصل كثير من أعمالهم في الجيش والجامعات، وغيرها من الوظائف الحكومية، بموجب مراسيم رئاسة كانت تصدر عن أردوغان مباشرة خلال فترة الطوارئ التي استمرت عامين.

ولم يتم حتى اليوم نشر تقرير تقصي الحقائق حول المحاولة الانقلابية الذي انتهى منه البرلمان في عام 2017.

على الصعيد ذاته انتقد رئيس جمعية حقوق الإنسان في تركيا، أوزترك ترك دوغان، صمت وزارة الداخلية تجاه حالات الاختطاف القسري التي تشهدها البلاد.

وقال ترك دوغان خلال مؤتمر صحفي إن حالات الاختطاف القسري ارتفعت في تركيا خلال السنوات الأربع الماضية.

وأوضح أن “الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، وبصفتنا منظمة حقوق الإنسان، نحارب هذا مع العائلات. أمهات السلام وأمهات السبت اللواتي يواصلن كفاحهن دون انقطاع، يمنحنا القوة لهذا المجتمع”.

وتشهد تركيا زيادة في وقائع الاختفاء القسري منذ إقرار “قانون الحصانة” عقب المسرحية الانقلابية؛ لحماية الأشخاص أو المسؤولين الذين ارتكبوا أعمالاً غير قانونية خلال محاولة التصدي لمن تسميهم السلطات بـ”الانقلابيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى