هل تدفع رئاسة بايدن تركيا والسعودية لتحسين علاقاتهما؟

نيكولاس مورغان

لقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابًا أمام أعضاء حزبه خلال الأسبوع الماضي وقال إن تركيا تتطلع إلى بناء مستقبل مشترك مع أوروبا. ثم قرر إعادة نشر سفن المسح الزلزالي في البحر المتوسط​​، مما أغضب اليونان وقبرص الأوروبيتان.

واستدعى أردوغان سفيري إيطاليا وألمانيا، يوم الإثنين، بعد أن أوقفت الفرقاطة الألمانية “هامبورغ” سفينة الشحن “إم في روزلين إيه” التي ترفع العلم التركي، في إطار عملية “إيريني” الأوروبية التي تضمن الامتثال لحظر نقل الأسلحة إلى ليبيا الذي فرضته الأمم المتحدة. واستنكر الرئيس التركي تفتيش جميع أفراد الطاقم، بمن فيهم القبطان، قسرا.

مهما كان ما يدور في ذهن أردوغان بشأن العلاقات مع أوروبا، فقد بدأ من زاوية صعبة. لكن علاقة تركيا الباردة الأخرى شهدت أمل الذوبان.

ووصف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، يوم السبت، العلاقات مع تركيا بأنها “طيبة وودية”. وكانت هذه الكلمات مفاجئة نظرا للعداوة التي استمرت بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، لكنها أتت بعد عدد كبير من الكلمات الدافئة من قادة الرياض.

بعد الزلزال الذي دمر مدينة إزمير التركية في 30 أكتوبر، أمر الملك السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيا بتسليم المساعدات لإظهار “حرصه على الوقوف إلى جانب الشعب التركي الشقيق”. وبعد أسابيع، جمعته مكالمة هاتفية بأردوغان حيث أعرب الزعيمان عن اهتمامهما بتحسين العلاقات الثنائية. وفي حديثه في قمة مجموعة العشرين التي استضافتها المملكة العربية السعودية نهاية الأسبوع، أشاد أردوغان بالملك الذي وصفه بـ”الأخ العزيز”.

وقال مدير معهد دراسات دول الخليج في واشنطن، جورجيو كافييرو، إن هذه التصريحات تعكس رغبة في تخفيف حدة التوتر قبل ظهور حقائق جيوسياسية جديدة. ونذكر من الدوافع الأكثر إلحاحا انتصار جو بايدن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب والاستعداد لتغيّر الإدارة الوشيك. وتابع كافييرو لموقع أحوال تركية: “لا يسعني إلا أن أستنتج أن التغيير في القيادة في واشنطن متعلّق بهذه التطورات في العلاقات السعودية التركية”.

وأشار كافييرو إلى أن للمملكة العربية السعودية الكثير لتهتم به بعد هزيمة ترامب، بعد سنوات من توفير إدارته غطاء رفيع المستوى لانتهاكاتها لحقوق الإنسان. فقد وصف بايدن المملكة بأنها “دولة منبوذة” ومن المرجح أن يتبع خطّا أكثر تشدّدا مع الرياض على هذه الجبهة.

ينطبق هذا في مسألة تأثير إدارة بايدن بالمثل على تركيا. إذ أقام أردوغان علاقة شخصية قوية مع ترامب، وهو ما حقق له مكاسب عندما حمى الرئيس الأميركي تركيا من غضب الكونغرس إثر شرائها نظام الصواريخ الروسي إس-400 وهجماتها على حلفاء الولايات المتحدة الأكراد في سوريا. في المقابل، تعهد بايدن بالوقوف في وجه أردوغان، الذي وصفه بأنه مستبد وأقر رغبته في أن يراه مهزوما.

ووافق كافييرو أن لأردوغان “أسباب وجيهة للقلق بشأن كيفية تأثير إدارة بايدن على علاقات تركيا والولايات المتحدة”، لكنه أشار إلى مزيد من التقارب حول بعض القضايا بما في ذلك مقاطعة قطر أو الصراع في ليبيا. لكن، ترى المملكة العربية السعودية أرضية مشتركة أقل مع بايدن والمزيد من المخاطر المرتبطة بإدارته.

سيؤثر عامل آخر على أي تقارب بين السعودية وتركيا، وهو الإمارات العربية المتحدة، التي يقول كافييرو إن تنافسها مع أنقرة يبقى أعمق. فمن وجهة نظر تركيا، تعتبر الإمارات “العدو الجيوسياسي الأول لها في المنطقة الأوسع”.

طالما رفضت الإمارات الإسلام السياسي الذي تتبناه حكومة أردوغان، ولا سيما دعمه للإخوان المسلمين. وقد دفعها ذلك إلى معارضة تركيا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحتى دعم الدول الأوروبية ضدها. وتشترك المملكة العربية السعودية في العديد من مواقف الإمارات العربية المتحدة، لكن كافييرو يصر على أن هذا الموقف يبقى أقل تشددا، خاصة فيما يتعلق بالإخوان المسلمين. ويتعلق أحد الأمثلة على ذلك بقطر، وهي حليفة تركيا الوحيدة في الخليج. إذ أشار المسؤولون السعوديون إلى أنهم يريدون السعي إلى حل وسط معها، وهو أمر ترفضه الإمارات.

وقال كافييرو: “إن تصور الإمارات للتهديد القطري أيديولوجي وصارم ولا نقاش به”. وإذا انتهى الحصار دون أن تضطر قطر إلى تقديم تنازلات، فسيدل ذلك على قيمة تركيا كحليف للدول العربية.

بالنسبة لبعض المسؤولين في تركيا، يطرح الخلاف داخل المحور السعودي الإماراتي تساؤلاً حول مدى إمكانية توسيعه. ومع ذلك، لا يرى كافييرو أن خلافات اليوم تشير إلى تباعد كبير بين الحلفاء الخليجيين، كما أنها لا تعوض انعدام الثقة الحقيقية في الرياض أو أنقرة.

من بعض النواحي، قد تكون دبلوماسية الملك سلمان الأخيرة الفرصة الأخيرة لتحسين العلاقات قبل أن يتولى ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العرش.

ووصف محمد بن سلمان تركيا من قبل بأنها جزء من “مثلث الشر” في الشرق الأوسط إلى جانب إيران وجماعة الإخوان المسلمين. كما كان في قيادة الرياض لدعم حصار قطر ودعم الإمارات في ليبيا.

وبعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في أكتوبر 2018، كانت الضربة التي لحقت بصورة المملكة هائلة بما يكفي لدفع الملك سلمان لضبط السياسة الخارجية التي يتبناها ابنه بشكل أكثر متابعة.

ويصر كافييرو على أن الوقت ليس إلى جانب أردوغان نظرا لصحة الملك السيئة واليقين القريب من أن محمد بن سلمان، البالغ من العمر 35 سنة، سيحل محله لعقود.

وقال كافييرو: “من الواضح أن الملك لن يبقى حيا إلى الأبد. وستصبح إدارة العلاقة أكثر صعوبة بمجرد أن يتولى محمد بن سلمان الحكم. وفي هذه المرحلة، لن يكون أمام أردوغان خيار سوى التعامل مع محمد بن سلمان أم لا”.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى