الغنوشي يسعى في لتوريث حمادي الجبالي قيادة حركته الإخونجية

محاولات لقطع الطريق على قادة آخرين يطمحون بتولي هذا المنصب

أفادت أوساط سياسية مقربة من حركة النهضة الإخونجية، أن راشد الغنوشي يحاول الإستعانة بالأمين العام السابق لحركته حمادي الجبالي، الذي استقال في عام 2014، ولم يعد متحمسا للعودة خاصة في ظل الخلافات والاستقالات التي باتت علنيّة بعد أن كان يجري التكتم عليها لإظهار “تماسك” الحركة ومتانة “الديمقراطية” داخلها.

ويتزايد الحديث عن “عودة وشيكة” لحمادي الجبالي، القيادي التاريخي في حركة النهضة الإخونجية، في سياق الصراع بين رئيس الحركة راشد الغنوشي وخصومه من جماعة عريضة المئة وسط تسريبات عن أنّ الغنوشي يفكّر في “توريث” الجبالي قيادة الحركة في المرحلة القادمة وقطع الطريق على مساعي قادة آخرين في الحصول على هذا المنصب من بوابة الضغط عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وكشفت الأوساط ذاتها عن أنّ إغراءات الغنوشي للجبالي قد زادت بعد صدور الرّسالة الأولى والثانية لجماعة المئة، والتي أظهرت الغنوشي في موقف ضعيف وأن القيادات المؤثرة صارت في صف المجموعة المنافسة التي يقودها وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي.

ويعتقد على نطاق واسع أنّ استعادة النهضة للجبالي وقيادات أخرى مستقيلة منذ مدة طويلة تأتي في سياق مساعي الضغط على قائمة المئة قيادي الذين عبّروا عن رفضهم التمديد للغنوشي.

ومن الواضح أنّ الغنوشي قد لجأ إلى الجبالي، الذي سبق أن شغل منصب الأمين العام لسنوات طويلة، ليقول لخصومه إن معي قياديا تاريخيا وازنا، وهو الذي سيكون المرشح الأول إن تمسك هؤلاء بفكرة تبديل القيادة، وهو ما يعني أنهم سيبقون وراء القيادة التاريخية خرج الغنوشي أم لم يخرج من رئاسة الحركة.

وقد يجد الجبالي في هذه “الصفقة” فرصته ليعود إلى الواجهة السياسية بعد أن فشلت مساعيه في البحث عن دور سياسي خارج النهضة. وقد ترشح لانتخابات 2019 وخرج من الدور الأول. وكان يعتبر أن الماضي فقط هو ما يربطه بحركة النهضة، وذلك في تصريحات له بمناسبة الحملة الانتخابية.

وكان الجبالي برّر خروجه من النهضة الإخونجية بأن “الحزب عندما يصبح عائقا من أجل تقديم الإضافة لشعبي أو ضد قناعاتي يصبح الخروج منه أمرا ضروريا”. وستفهم عودته على أنها اعتراف بفشل مسار البحث عن دور من خارجها.

ويمكن أن يوفّر الجبالي، رئيس أول حكومة للترويكا نهاية 2011، بديلا معقولا في حال خرج الغنوشي من القيادة، وهو خروج يقول مراقبون إن نتائجه ستكون مؤثرة على مسار الحركة في ارتباطاتها الخارجية وفي دورها الداخلي، خاصة ما تعلق بالتحالفات.

وعلى عكس الغنوشي الذي يُتّهم بالتفرد بالرأي، فإن أداء الجبالي يتسم بالهدوء والقدرة على التواصل والاستقطاب، وهو ما قد يساعده على إقناع أعداد من الغاضبين بالعودة إلى الحركة والقبول بتعهدات من الغنوشي وفريقه التنفيذي بشأن تصويب العلاقة مع مجلس الشورى والأخذ بأفكار ومقترحات تحسينية للغاضبين.

ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تسحب البساط من بعض القيادات التي قطعت شعرة معاوية في التصعيد مثل عماد الحمامي الذي قال في تصريحات صحافية إن الغنوشي إذا لم يقبل بالتنحي والتخلي عن تعديل القانون الداخلي الخاص بالمدد الرئاسية، فإن بعض القياديين قد يضطرون للاستقالة.

ويُعدّ الجبالي من أبرز مؤسسي حركة النهضة الإخونجية، وقد تولى رئاسة الحكومة في ديسمبر 2011 بعد فوز الحركة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية، لكنه قدم استقالته عقب رفض الأغلبية الحاكمة مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط. كما استقال من حركة النهضة عام 2014 بسبب خلافات مع الغنوشي حول مسار التوافق مع حزب نداء تونس والرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

وسبق أن أعلنت حركة النهضة عن عودة عدد من المستقيلين بينهم رياض الشعيبي، والذي كان قد استقال سابقا ووجه عدة اتهامات للغنوشي، واعتبر أن الديمقراطية داخل الحركة شكلية، متوقعا أن تشهد المزيد من الاستقالات. كما أسس الشعيبي حزب البناء الوطني بمستقيلين من الحركة أو مقربين منها، لكن التجربة فشلت.

ويعتقد مراقبون أنّ مناورات الغنوشي لن توقف موجة الاستقالات داخل النهضة، والتي ستتواصل سواء بسبب الخلاف على استمراره في رئاسة الحركة بشكل يتناقض مع قانونها الداخلي، أو لأسباب أخرى بينها ضعف أداء النهضة خلال السنوات الأخيرة على المستوى الحكومي، وهو أداء لم يقنع أنصارها فضلا عن الناخبين العاديين.

ويشير هؤلاء إلى أنّ الاستقالات تعكس وجود أزمة في التسيير الداخلي من جهة، وغياب البرامج واستمرار القيادات في إطلاق شعارات قديمة وضبابية لم تعد تفيد في مرحلة انتقال ديمقراطي تتطلّب خططا وأفكارا ذات بعد اجتماعي واقتصادي.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى