المجلس الأوروبي ينظر بفرض قيود على النظام التركي

من المتوقع أن ينظر الاجتماع المقبل في ديسمبر/كانون الأول لدول المجلس الأوروبي في مسألة النظام التركي، وقد يفرض قيودا عليها بسبب سلوكها “غير المقبول” في إقليم ناغورنو كاراباخ وشرق المتوسط وليبيا .

وخلال مقابلة مع إذاعة “فرانس إنتر”، السبت، انتقد وزير التجارة الفرنسي، فرانك ريستر، موقف أنقرة حول الدعوات إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية في بعض البلدان الإسلامية على خلفية رسوم كاريكاتورية مسيئة.

وقال إن “تركيا تلعب دورا مشينا باستغلالها خطاب رئيس الجمهورية أو مواقف فرنسا من أجل الإضرار بفرنسا وبالقيم التي تحملها فرنسا”.

وأضاف: “نحن نرغب في أن تتغير تركيا وتغير سلوكها التوسعي في شرق البحر المتوسط مع عمليات التنقيب التي تقوض السيادتين القبرصية واليونانية”.

كما دعا ريستر أنقرة إلى “وقف هذا السلوك خصوصا في شمال إفريقيا حيث يتم تهريب الأسلحة” و”التوقف عن استخدام قضية الهجرة ضد أوروبا، نحن نعلم جيدا أنها تلعب على ذلك الوتر وهذا لم يعد ممكنا”.

وتابع أن “تركيا شعب عظيم، دولة عظيمة نريد أن تكون بيننا علاقات دبلوماسية واقتصادية لكن يجب أن نقيم معها حوارا مبنيا على الصراحة لأننا لا نستطيع الاستمرار على هذا المنوال”.

ولفت إلى أن “هذا هو الخطاب الذي تحمله أوروبا وليس فرنسا فقط، وهذا هو السبب في أنه مرة أخرى في المجلس الأوروبي المقبل، ستتم معالجة المسألة التركية لنرى كيف يمكن أن نزيد الضغط عليها أكثر بقليل أو حتى أكثر بكثير، لأن سلوك تركيا، خصوصا في ما يتعلق بأزمة ناغورني قره باغ، غير مقبول”.

وبعد سلسلة من الخلافات، دان الاتحاد الأوروبي الاستفزازات “غير المقبولة” من جانب أنقرة في نهاية أكتوبر، لكنه أرجأ إلى قمته المقررة في ديسمبر اتخاذ أي قرار بشأن العقوبات المحتملة.

من جانبه، دعا رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، السبت، الاتحاد الأوروبي إلى الحوار بعد تمديد العقوبات على نظامه لمدة عام إثر إثارة الاستفزاز بشرق المتوسط.

دعوة أردوغان للحوار تأتي وسط محاصرة العقوبات الأوروبية والأمريكية لنظامه، حيث يخشى من عقوبات أوروبية جديدة تستهدفه، وعقوبات أمريكية تنتظر عائلته، وتراجع تشهده أنقرة على كافة المستويات، وخاصة الاقتصاد، وتهاوي الليرة مقابل الدولار، وهو ما فسره مراقبون على أنه يظهر الرعب الذي يعيشه الرئيس التركي.

وأشعل نشر تركيا سفينة للتنقيب عن الغاز في مياه تطالب بها اليونان، سجالا بين أنقرة، ودول الاتحاد الأوروبي، الذي مدد الشهر الجاري عقوبات مفروضة على أنقرة لعام إضافي، تشمل حظرا على منح التأشيرات لأفراد مرتبطين بعمليات التنقيب المثيرة للجدل عن الغاز في المتوسط، وتجميد أي أصول تابعة لهم في التكتل.

وقال أردوغان، في خطاب مسجل لمؤتمر حزبه الحاكم ، السبت، إنه :”نتوقع من الاتحاد الأوروبي الإيفاء بوعوده وعدم التمييز ضدنا أو على الأقل عدم التحول إلى أداة للعداوات المفتوحة التي تستهدف بلدنا”.

وفي محاولة لاستجداء أوروبا قال أردوغان: “لا نرى أنفسنا في أي مكان آخر غير أوروبا، نتطلع إلى بناء مستقبل مشترك مع أوروبا”.

وتأتي رسالة أردوغان في وقت يتوقع أن يقرر قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بشأن إن كانوا سيفرضون المزيد من العقوبات على النظام التركي على خلفية أنشطتها الأخيرة.

ولا تزال سفينة التنقيب التركية محور التوتر، ومددت أنقرة السبت مهمتها في شرق المتوسط حتى 29 نوفمبر/ تشرين الثاني، رغم اعتراض أثينا على الأمر.

وبينما يقيم أردوغان علاقات جيّدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن التوتر طغى على العلاقة بين البلدين بشأن عدة مسائل.

وأثار شراء تركيا لمنظومة دفاع صاروخية روسية حفيظة واشنطن، بينما احتجت أنقرة على رفض الولايات المتحدة تسليم الداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016.

بجانب ذلك كشف موقع “نورديك مونيتور” السويدي قلق أردوغان حيال تحقيق أمريكي محتمل بشأن صلاته وأفراد عائلته برضا زراب، تاجر الذهب الإيراني الذي قدم رشاوى لمسؤولين أتراك في مخطط غسل أموال لتجنب العقوبات الأمريكية على طهران.

وطبقًا لمصادر تركية فإن أردوغان، الذي تمكن حتى الآن من احتواء القضية ومنعها من الوصول إلى زوجته أمينة وابنه بلال وصهره براءت ألبيرق، لا يزال قلقا بشأن عدم استجابة الإدارة الأمريكية الجديدة لجهود الضغط التي يبذلها لعرقلة التحقيقات بشأن تعاملاتهم مع زراب.

وزراب، الذي وجه إليه المدعون الفيدراليون الأمريكيون تهم الاحتيال وغسل الأموال وانتهاك العقوبات على إيران، أصبح شاهدًا لاحقًا وفضح سيدة تركيا الأولى أمينة عندما قدم وثائق تؤكد كيفية إرساله ملايين الدولارات إلى جمعية خيرية تديرها زوجة أردوغان.

وأشار بيت برارا، المدعي العام السابق في نيويورك الذي أدان زراب والمسؤول البارز ببنك خلق التركي محمد هاكان أتيلا نظير مخطط الالتفاف على العقوبات الإيرانية، إلى صلات تاجر الذهب بأمينة باعتبارها مثالا على حجم النفوذ الذي يتمتع به الرجل الإيراني داخل الحكومة التركية.

وخوفًا من فضح أمرهم، أسرعت عائلة أردوغان لإغلاق موقع الجمعية الخيرية، وحذف المحتوى الذي اعتقدوا أنه قد يضرها، وغيروا الاسم في محاولة للنأي بالنفس بعيدا عن القضية الأمريكية.

 

 

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى