رحلة عذاب أخرى تلاحق المهجّرين الفلسطينيين العائدين إلى شمال غزة

المهجّرون الفلسطينيون عادوا من رحلة عذاب في وسط وسط وجنوب قطاع غزة إلى رحلة عذاب أخرى في القطاع، ليكتشفوا أن بيوتهم أحياءهم السكنية التي تركوها قسراً تحت النيران والإبادة الإسرائيلية فقدت ملامحها بالكامل وتحولت إلى خراب ممتد على مدى البصر.

وتواصلت عودة مئات آلاف المهجّرين من وسط وجنوب القطاع إلى مدينة غزة وشمالها من أجل تفقد الأحياء والمنازل بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي نحو الخط الأصفر في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

واندفع الفلسطينيون نحو مناطقهم المدمّرة، لكن مصير آلاف منهم سيظل مجهولاً بسبب التدمير الذي طاول أحياءهم ومنازلهم، وعدم وجود مناطق أو مخيّمات للمكوث فيها خلال الفترة القليلة المقبلة.

ففي محيط منطقة بركة الشيخ رضوان شمال شرقي مدينة غزة، التي انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي منها الجمعة، تحولت الأحياء السكنية إلى مساحات رمادية لا يُرى فيها سوى الركام والدمار.

المنطقة باتت بلا ملامح بعد أن تداخلت طرقها ببعضها جراء الدمار الهائل، فيما غطت الكتل الأسمنتية شوارعها، حتى تاه الفلسطينيون الذين عاشوا فيها عقودا طويلة عن مواقع منازلهم والأزقة التي تقود إليها.

هذا الدمار الذي طال أكثر من 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، يتزامن مع أزمة إيواء يعيشها الفلسطينيون مع اهتراء خيامهم، واستبدالها بقطع من القماش الممزق، وسط مخاوف من كارثة إنسانية حقيقية مع اقتراب موسم الأمطار لهذا العام.

زلزال ضرب المنطقة

ووثق كثير من الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم مشاهد الدمار الكبيرة في أحيائهم نتيجة عمليات القصف والنسف التي نفذتها القوات الإسرائيلية ضمن عملية “عربات جدعون 2″، التي استهدفت مدينة غزة.

وبدت أحياء كثيرة، مثل حي الشيخ رضوان والكرامة وتل الهوا والصبرة والأطراف الشمالية من حي الزيتون، وأخرى في مدينة خانيونس (جنوب) ومناطق وسطى، كأنّ زلزالاً أصابها بفعل ما نفذته قوات الاحتلال.

لكن هذا التدمير لم يمنع النازحين من العودة بكثافة عبر شارعي الرشيد الساحلي وصلاح الدين الشرقي، بعدما سمح الاحتلال بعد انسحابه بذلك من دون قيود، وتواجه حركة العودة صعوبات بسبب تدفق أعداد كبيرة من النازحين، ونقلهم ممتلكات.

تدمير أكثر من 300 ألف وحدة سكنية

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن الإبادة الإسرائيلية على مدى عامين تسببت في تدمير أكثر من 300 ألف وحدة سكنية وتهجير مليوني فلسطيني قسرا.

ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيّز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر أمس الجمعة بتوقيت القدس (09:00 ت.غ)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجر اليوم نفسه.

وفي 3 سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية “عربات جدعون 2” التي تستهدف احتلال مدينة غزة كلها بعد تطويقها وتهجير الفلسطينيين منها.

وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، راح ضحيتها 67 ألفا و682 شهيداً ، و170 ألفا و33 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وفقدان آلاف الآخرين.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى