إسرائيل تستعد للحرب مع لبنان وترفع وتيرة التصعيد العسكري
صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه الفترة من وتيرة قصفه مواقع في لبنان، مواصلاً بذلك انتهاكه الصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ 11 شهراً، ويزعم الاحتلال أنه يسعى من خلال هذا الاعتداءات إلى منع حزب الله من إعادة تنظيم صفوفه ونقل أسلحة.
وبحسب معطيات نقلتها وسائل إعلام عبرية، اليوم الاثنين، قتل جيش الاحتلال ما بين 330 إلى 365 شخصاً في لبنان، 10 منهم في الأسبوعين الأخيرين، بزعم أنهم من عناصر حزب الله، فضلاً عن تنفيذه عدداً كبيراً من الغارات ضد مواقع لبنانية بحجة أنها تشكّل بنى تحتية للحزب.
كما أعلن جيش الاحتلال أنه استكمل، الأسبوع الماضي، تدريباً للفرقة 91، وهو أوسع تمرين منذ بداية العدوان، بهدف تعزيز الجاهزية العملياتية للدفاع والهجوم على الحدود مع لبنان، في البحر والجو والبر.
وأشار موقع واينت العبري، إلى أنه منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لم يتوقف الجيش الإسرائيلي عن العمل لمنع إعادة تأهيل حزب الله والحفاظ على الإنجازات (أي العسكرية والاستخباراتية) التي حققها على الجبهة اللبنانية وتعزيزها.
معادلة جديدة
وأفادت صحيفة معاريف من جهتها، أن الهجمات الاسرائيلية الأخيرة تبعث رسالة إلى لبنان مفادها أنها مصممة على مواصلة فرض قرار وقف إطلاق النار في لبنان (علماً أنها هي تنتهكه يومياً)، بحجّة أن حزب الله حاول في الأيام الأخيرة خلق معادلة جديدة، يمتنع فيها عن تفكيك سلاحه ويسعى للوصول إلى مستودعات الأسلحة التي تضررت.
كما يحاول الحزب إعادة بناء قوته العسكرية بهدف تعقيد مهمة الحكومة اللبنانية في تنفيذ الجزء الخاص بها من اتفاق تفكيك سلاح حزب الله.
مئات الغارات داخل الأراضي اللبنانية
ولفتت معاريف إلى أنه خلال 11 شهراً، أي منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، نفّذ الجيش الإسرائيلي، وخاصة عبر سلاح الجو، مئات الغارات داخل الأراضي اللبنانية، من جنوب لبنان وحتى سهل البقاع، بل نفذ بعض الاعتداءات في مناطق قريبة من بيروت.
وقد شملت الأهداف، وفقاً لمزاعم الصحيفة العبرية، بنى تحتية عسكرية لحزب الله وطرق تهريب، وقواعد تدريب، ومقرات قيادة، بالإضافة إلى نشطاء وقادة في التنظيم.
وبحسب الصحيفة، فإن وقف إطلاق النار في قطاع غزة يجب أن يُقلق حزب الله كثيراً، لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء وقف إطلاق النار، بات يمتلك الوقت الكافي والموارد البشرية والذخيرة والقدرات اللازمة لتعزيز وتكثيف فرض الإجراءات ضد الحزب في لبنان.
وقدرت جهات أمنية إسرائيلية أنه منذ بدء سريان وقف إطلاق النار قُتل 365 عنصراً من حزب الله، وأضافت هذه الجهات للصحيفة أنه أنه منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري نفذ سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 24 غارة ضد أهداف في جنوب لبنان.
سياسة “هادئة”
ووفقاً لتقديرات إسرائيلية، يحافظ حزب الله على سياسة “هادئة” بهدف إعادة تأهيل منظوماته والاستعداد لمواجهة واسعة النطاق.
من جهته، أفاد موقع والاه العبري، الاثنين، بأنه في ظل استعدادات حزب الله المتجددة لحرب مستقبلية ضد إسرائيل، وسياسة الاحتواء المحسوبة التي ينتهجها التنظيم في مواجهة الهجمات الإسرائيلية حيث “يضحي بقوات تكتيكية على الحدود لصالح الحفاظ على قوته وتعزيزها في العمق”، يستعد الجيش الإسرائيلي للجبهة الشمالية ويستغل “وقف إطلاق النار” لتعزيز الإنجازات العملياتية.
ويزعم جيش الاحتلال أن الهدف من الهجمات الحالية هو منع إعادة تأهيل الحزب، وإرباك استعداداته للحرب قدر الإمكان، بل والمساهمة في تشكيل الواقع الميداني.
وبحسب تقديرات جهات أمنية فقد “تلقى حزب الله ضربات قاسية خلال الحرب (العدوان الإسرائيلي على لبنان)، لكنه حقق أيضاً بعض النجاحات. وسيحاول استغلالها وتطويرها استعداداً للحرب المستقبلية”.
وسيكون التحدّي الأول من نصيب شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، التي ستحاول إصدار إنذار مسبق ومنع حزب الله من تنفيذ هجوم مفاجئ، مشابه لما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 من قطاع غزة.
لذلك، تبذل شعبة الاستخبارات جهوداً كبيرة لتحديث وتأكيد نموذج إنذار دقيق ومتكيّف مع التهديدات المتغيّرة.
وبحسب مراسل ومحلل الشؤون العسكرية في موقع والاه، أمير بُحبوط، فإنه “وفقاً لسلوك حزب الله كما يُنشر علناً، ينقل التنظيم مراكز ثقله إلى عمق بلاد الأرز في سهل البقاع اللبناني.
مناورة برية وجوية واسعة النطاق
لذلك، فإن المعركة ستتطلب من الجيش الإسرائيلي مناورة برية وجوية واسعة النطاق في عمق لبنان، بهدف تحييد قدرات حزب الله التي تسعى إلى تهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية عبر إطلاق صواريخ دقيقة وقذائف صاروخية لمسافات مختلفة، بما في ذلك إطلاق مُسيّرات.
هذه المسألة ستُلزم الجيش الإسرائيلي، إذا اقتضت الحاجة، بتنفيذ مناورة أوسع بكثير مما قام به حتى الآن في قطاع غزة، وسورية، ولبنان.
إلى جانب ذلك، سيحتاج الجيش إلى المزيد من الآليات المدرّعة مثل ناقلات الجند، والدبابات، وزيادة الدعم الناري من الجو والأرض، وتوفير حماية متنقّلة للقوات، بالإضافة إلى قوات لوجستية ذات قدرات مطورة مقارنة بالماضي”.
تطوير قدرات “الوحدة 127”
وأشار الكاتب إلى تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الراهن، بأن حزب الله سيحاول تطوير قدرات “الوحدة 127″، المتخصصة في تشغيل مُسيّرات من أنواع مختلفة باتجاه إسرائيل، على غرار نشر الحزب فرقاً صغيرة من هذه الوحدة في أنحاء لبنان، وإطلاقها مسيّرات باتجاه إسرائيل في المواجهة الأخيرة.
ورغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سجّل نجاحات في تطوير أساليب المواجهة، فإن حزب الله أيضاً أحرز تقدماً، ووفقاً للتقديرات الاسرائيلية، ستكون المواجهة من نوع “حرب عقول” في المستقبل أيضاً.
وتحذّر جهات في المنظومة الأمنية الإسرائيلية من التحدي الاستخباراتي المتزايد، “فكلما تراجع حزب الله إلى الخلف، داخل مناطق عمرانية، وأخفى أصوله داخل مبانٍ مدنية أو تحت الأرض، تصبح مهمة تحديد مواقعهم عناصر الحزب واستهدافهم أكثر تعقيداً”.
فيما يلفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن العدوان على لبنان والعدوان على غزة، “أثبتا أن الضربات الجوية، مهما بلغت قوتها، لا تُعد بديلاً عن العمليات الهندسية البرية، مما يزيد بشكل كبير من المخاطر التي تواجه القوات (الإسرائيلية) أثناء الوصول إلى الأهداف وفي داخل مناطق العدو”.



