قوات الدعم السريع تفرض سيطرتها العسكرية على مدينة الفاشر السودانية
الأمم المتحدة تطالب بتوفير ممر آمن للمدنيين المحاصرين في المدينة
أعلنت قوات الدعم السريع، بسط سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، ووصفت ذلك بأنه “محطة مفصلية” في معركة ما سمتها “تحرير السودان”.
وأكدت في بيان رسمي أمس الأحد، أنها لن تتوقف “حتى تطهير كامل تراب الوطن وبناء سودان جديد”.
وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا محمد طبيق، أن سيطرة قواته على مدينة الفاشر تمثل “نقطة تحول كبرى” في الصراع العسكري، مؤكدا أن الهدف القادم هو تحرير كامل التراب السوداني.
وأكدت القوات المسلحة السودانية، يوم السبت، تصديها لهجوم واسع شنته قوات الدعم السريع على المدينة من عدة محاور، مما ألحق خسائر فادحة في الأرواح والعتاد بالقوات المهاجمة، فيما لم يصدر الجيش أي بيان حول الوضع الراهن للمدينة.
وقد حاصرت قوات الدعم السريع الفاشر على مدار 18 شهرًا، وتشير تقارير إعلامية إلى استهدافها المدنيين بهجمات متكررة باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية، ما أدى إلى تفاقم أزمة المجاعة في المدينة التي يقدر عدد سكانها بـ 250 ألف نسمة.
انتصار سياسي لقوات الدعم السريع
وتعتبر السيطرة على الفاشر انتصارًا سياسيًا كبيرا لقوات الدعم السريع، قد يعجل بتقسيم البلاد عبر سيطرتها على إقليم دارفور الواسع، الذي اتخذته قاعدة لحكومة موازية شكلتها الصيف الماضي.
وحذر نشطاء من احتمال اندلاع هجمات عرقية مشابهة لتلك التي وقعت عند سيطرة الدعم السريع على مخيم زمزم جنوبًا.
وأكدت القوات الأسبوع الماضي أنها ستسهل خروج المدنيين والمقاتلين المستسلمين من المدينة.
الأمم المتحدة تطالب بتوفير ممر آمن للمدنيين في الفاشر
من جهته، طالب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الاثنين، بتوفير ممر آمن للمدنيين المحاصرين في مدينة الفاشر السودانية، بعدما أعلنت قوات الدعم السريع، الأحد، سيطرتها الكاملة على المدينة.
وقال فليتشر في بيان: “مع تقدم المقاتلين داخل المدينة وقطع طرق الهروب، أصبح مئات الآلاف من المدنيين محاصرين ومرعوبين يتعرضون للقصف ويتضورون جوعاً ولا يحصلون على الغذاء أو الرعاية الصحية أو الأمان”، نقلاً عن “فرانس برس”.
وفي السياق، طالب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، في ساعة مبكرة الاثنين، قوات الدعم السريع في السودان بالتحرك فوراً لحماية المدنيين ووقف المعاناة المتزايدة في الفاشر، قائلاً “إن العالم يراقب ما يجري هناك بقلق بالغ”.
وشدد بولس في منشور على منصة “إكس” على ضرورة فتح الممرات الإنسانية فوراً للسماح بوصول المدنيين في الفاشر إلى مناطق آمنة.
وأفاد إعلام سوداني، الاثنين، بتجدد المعارك في محيط مطار الفاشر وعدد من المناطق.
وفي أحدث التطورات، أعلنت شبكة أطباء السودان اليوم مقتل موظف صحي وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف استهدف مستشفى الفاشر التعليمي، ووصفت الحادثة بأنها “جريمة حرب وانتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني”.
وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لحماية المدنيين والقطاع الصحي في المدينة.
الفاشر مركزًا للقتال العنيف
ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023، ظلت الفاشر مركزًا للقتال العنيف الذي أودى بحياة آلاف المدنيين والعسكريين، وسط حصار استمر 18 شهرًا بين الجيش وفصائل موالية له.
وفي سياق متصل، استضافت واشنطن الأسبوع الماضي اجتماع المجموعة الرباعية بشأن السودان، التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، لدفع أطراف النزاع نحو السلام وفرض هدنة إنسانية، إلا أن المفاوضات لم تسفر عن أي اتفاق حتى الآن.
ويمتد إقليم دارفور على أكثر من ربع مساحة السودان، حيث تبلغ مساحته نحو 493 ألف كيلومتر مربع، ويشكل سكانه حوالي 17٪ من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 48 مليون نسمة.
وتكمن أهميته الاستراتيجية في كونه يشكل العمق الداخلي والخارجي للسودان، لارتباطه بحدود مباشرة مع أربع دول: ليبيا شمال غرب، تشاد غربًا، جمهورية إفريقيا الوسطى جنوب غرب، وجنوب السودان جنوبًا.
وتدخل الحرب في السودان عامها الثالث، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتهجير نحو 12 مليون شخص، ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.



