لا للملوك – ما الذي يثير غضب الديمقراطيين حقاً؟
ليز بيك
خرج ملايين الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد يوم السبت الماضي للمشاركة في مسيرات “لا للملوك“، احتجاجاً، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، على رئيس اعتبرته الحشود أنه “يتصرف كالملوك”.
إلا أن نجاح الاحتجاجات يدحض صحة حجتهم؛ فقد كان الملك ليحاول تفريق الحشود أو إغلاق مواقع الاجتماعات المهمة. وما كان ليُدير شؤون الدولة بينما يرتدي الناس أزياء غريبة ويقرعون الطبول ويوجهون إليه إهانات بذيئة. وما كان ليُنتخب ملكاً من قِبل أغلبية الأمة.
ولا ينبغي أن يُثير حجم الحشود إعجاب أحد، فقد كانت الاحتجاجات بقيادة نقابات عمالية مثل الاتحاد الأمريكي للمعلمين، الذي يدّعي أن عدد أعضائه يقارب 3 مليون، والاتحاد الأمريكي للعمل – مؤتمر المنظمات الصناعية، الذي يدّعي أن عدد أعضائه 15 مليوناً.
ينبغي للأمريكيين المنصفين أن يتساءلوا ما هي سياسات البيت الأبيض التي ينتهجها ترامب والتي أثارت غضب الناس إلى هذا الحد؟
هل يشعر الأمريكيون بالغضب من تصدّي الرئيس دونالد ترامب لعصابات المخدرات التي أغرقت بلادنا بالفنتانيل ومواد قاتلة أخرى أودت بحياة مئات الآلاف من شبابنا؟
هل يحتج الأمريكيون على تأمين حدودنا الجنوبية، ومنع ملايين الأشخاص غير الموثقين من الازدحام بشكل غير قانوني في مدارس مدننا وغرف الطوارئ في مستشفياتها؟
هل يعارض الناخبون تقليص حجم بيروقراطيتنا الفيدرالية، في محاولة للسيطرة على الإنفاق الباهظ الذي خطط له الرئيس جو بايدن؟
هل هي مساعي ترامب لقلب نظامنا التعليمي رأساً على عقب، مطالباً بأداء أفضل للأطفال السود والملونين الذين لا يتعلمون القراءة؟
وماذا عن الجريمة؟ هل يشعر معظم الأمريكيين بالاستياء من سعي الرئيس للسيطرة على مدننا الخطرة، مثل شيكاغو؟
إن الإجابة على كل هذه الأسئلة هي “كلا”.
تُظهر استطلاعات الرأي أن معظم الأمريكيين يوافقون على السياسات الصارمة التي تبناها الرئيس ترامب بشأن الجريمة والهجرة وتقليص صلاحيات الحكومة الفيدرالية.
علاوة على ذلك، يشعر معظم سكان البلاد بسعادة غامرة لأن البيت الأبيض بقيادة ترامب تفاوض على وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس، مهما كان هشاً، وأعاد الرهائن إلى ديارهم. ومن الصعب أن تجد أحداً غير مرتاح لأمر الرئيس بتدمير البرنامج النووي الإيراني.
وقد حظيت جهود ترامب لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة بإشادة من النقابات العمالية التي ستستفيد من هذه التغييرات. ومن المؤكد أن معظم الناخبين يؤيدون نهضة الإنتاج في بلدنا.
ما أثار حفيظة الديمقراطيين حقاً هو وجود رئيس مستعد، بل متحمس، لكشف الفساد المتفشي وخداع حزبهم.
لقد كشف الرئيس ترامب، إلى جانب إيلون ماسك، عن مجموعة المنظمات غير الحكومية المدعومة من دافعي الضرائب والتي تدعم مرشحي الحزب الديمقراطي وقضاياه؛ وهي منظمات وصفها ماسك بأنها “جمعيات خيرية وهمية”، يمولها نفس المليارديرات الذين ينتقدهم السيناتور بيرني ساندرز، مستقل عن ولاية فيرمونت؛ مليارديرات مثل أولئك الذين يُزعم أنهم أنفقوا ملايين الدولارات على الترويج لمظاهرات “لا للملوك”، مثل شبكة أرابيلا وشبكة سوروس ومؤسسة تايدز وغيرها.
إن البيت الأبيض بقيادة ترامب يخوض في هذا المستنقع، كاشفاً عن الجذور السياسية لخدعة روسياغيت، وجهود إدارة بايدن وحلفائه الإعلاميين لفرض رقابة على المعارضة، وتحويل بايدن للإنفاق الحكومي لصالح حلفائه اليساريين المفضلين.
كلف بايدن جون بوديستا، أحد المقربين من كلينتون، بتوزيع مئات المليارات من الدولارات المدرجة في قانون خفض التضخم، والذي كان من المفترض أن يُخصص لتمويل مبادرات المناخ. وكشف لي زيلدين، رئيس وكالة حماية البيئة في عهد ترامب، عن “مخطط إدارة بايدن لإخفاء 20 مليار دولار بسرعة خارج الوكالة. وكنا نشتبه في أن بعض المنظمات أُنشئت من العدم لمجرد استغلال هذا الأمر”.
يشعر الديمقراطيون بالغضب أيضاً من إعادة انتخاب الرئيس ترامب رغم حملة قانونية شاملة تهدف إلى إقصائه عن الانتخابات. كما يشعرون بالغضب من حرمان الديمقراطيين، رغم امتلاك نائبة الرئيس كامالا هاريس ميزانيات ضخمة تتجاوز مليار دولار، من الوصول إلى البيت الأبيض وإلى مجلسي الكونغرس أيضاً. وقد أتاحت هذه النتيجة الانتخابية للحزب الجمهوري التحقيق في تجاوزات أشخاص مثل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، الذي كان غارقاً حتى النخاع في قضية روسيا غيت.
يشعر قادة الحزب الديمقراطي، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الديمقراطي عن ولاية نيويورك، بالغضب من تدهور وضع حزبهم، الذي يقوده بشكل متزايد مرشحون من أقصى اليسار لا يعكسون القيم الأمريكية. ويدركون أن ترامب يشغل حالياً موقعاً وسطًاً في الطيف السياسي. وهو يحقق فوزاً في قضايا مثل معارضة مشاركة المتحولين جنسياً في الرياضات النسائية، وحظر قانون التمييز على أساس النوع الاجتماعي (DEI)، وهو قانون لا يحظى بشعبية.
وادعى منظمو احتجاجات “لا للملوك” المحليين في ميشيغان، أنهم يعترضون على إرسال ضباط الهجرة إلى المدن، والضغط من أجل إعادة رسم خرائط الكونغرس لصالح الجمهوريين و”إضعاف الرعاية الصحية”. ولا شك أن حملات الاعتقالات التعسفية للأشخاص المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني مثيرة للجدل، لكن إرسال الحرس الوطني لحماية الممتلكات الفيدرالية ومسؤولي إنفاذ القانون لا ينبغي أن يكون كذلك.
في غضون ذلك، فإن الجديد الوحيد في معارك إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية هو أن الحزب الجمهوري قد استفاق من غفلته، وهو الآن يتصدى للتلاعب الديمقراطي المتواصل بالدوائر الانتخابية. أما فيما يتعلق بـ”تفكيك الرعاية الصحية”، فهذه قضية مطروحة أمام الكونغرس، وليس البيت الأبيض تحت إدارة ترامب.
وتكفي إجابة الرئيس عندما سُئل عن مسيرات “لا للملوك” حيث قال: “أنا لست ملكاً، أنا أعمل جاهداً لجعل بلادنا عظيمة”. وهذا ما يُثير غضب الديمقراطيين.


