المغرب: المشتبه به الرئيسي في قضية المعارض المهدي بن بركة “لا يزال حيا” بحسب اليوسفي





كشف رئيس الوزراء المغربي الأسبق عبد الرحمن اليوسفي (1998 – 2002) في مذكراته الصادرة مؤخرا في المغرب بعنوان “أحاديث في ما جرى” أن المشتبه به الرئيسي في قضية الخطف الغامضة للمعارض التاريخي المهدي بن بركة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1965 “لا يزال حيا”. وقال إنه “ميلود التونزي التابع لجهاز الاستخبارات المغربي”.

يتطرق رئيس الوزراء المغربي الأسبق عبد الرحمن اليوسفي (94 عاما)، في مذكراته الصادرة مؤخرا في المغرب بعنوان “أحاديث في ما جرى” إلى قضية الخطف الغامضة للمعارض التاريخي المهدي بن بركة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1965 في باريس والدور “المحوري” للمشتبه به الرئيسي والذي لا يزال حيا، العربي الشتوكي.

وكتب اليوسفي، رئيس الحكومة بين 1998 و2002 وأحد مؤسسي حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” مع بن بركة، في مذكراته: “إن شخصية العربي الشتوكي محورية (…) والكل يعرف أنه نفسه ميلود التونزي التابع لجهاز الاستخبارات المغربي غير أنه ظل ينكر ذلك“.

اعترف في الأخير أنه كان يسافر بجواز سفر يحمل اسم العربي الشتوكي

وشدد على أن التونزي قد أنكر أثناء المقابلة التي أجرتها معه هيئة الإنصاف والمصالحة (عام 2005) كل الأعمال المنسوبة إليه، “والتي تؤكد كل الدلائل أنه قام بها، ولكنه في الأخير اعترف بحقيقة واحدة، وكانت كافية، وهي أنه كان يسافر بجواز سفر يحمل اسم العربي الشتوكي”.

والتونزي آخر الأحياء بين المشتبه بتورطهم المباشر في اختطاف بن بركة، بعد وفاة كل من المسؤول السابق في جهاز المخابرات عبد الحق العشعاشي، في 23 أيلول/سبتمبر 2017، والممرض بوبكر الحسوني في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2015، وكلاهما من المشتبه بهم الرئيسيين. وكان بين خمسة مشمولين بمذكرات توقيف دولية أصدرها عام 2007 قاضي التحقيق الفرنسي المكلف بالملف بين 2004 و2013.

وكان عبد الرحمن اليوسفي الشاهد الرئيسي في المحاكمة الأولى للمتهمين في اختطاف هذا الأخير، والتي انتهت عام 1967 بإدانة العربي الشتوكي بالمؤبد غيابيا، إلى جانب متهمين فرنسيين ومغاربة. لكن المحكمة لم تتوصل لهويته الحقيقية، فبات التعرف عليه مفتاحا مهما لكشف مصير بن بركة الذي لم يتضح حتى اليوم.

التخطيط للاختطاف بدأ منذ نيسان/أبريل 1965

كان بن بركة وهو من أبرز وجوه مكافحة الاستعمار، قد تعرض للخطف في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1965 بباريس. ولم يعثر حتى الآن على جثته، ولا زالت أسرته تتساءل عن مصيره وهوية القتلة وعن مسؤولية السلطات الفرنسية والمغربية وإسرائيل والولايات المتحدة في ذلك.

للمزيد: تقرير يكشف عن إحراق جثة بن بركة

وعاد اليوسفي في مذكراته إلى السياق التاريخي الملتبس لهذا الاختطاف، ليكشف أن التخطيط له بدأ منذ نيسان/أبريل 1965. وهو نفس الشهر الذي استقبل فيه الملك الحسن الثاني أربعة من رفاق بن بركة، اللاجئ إلى الخارج بعد حكم بإعدامه، وأبدى استغرابه لتأخر عودته إلى المغرب للمشاركة في حكومة وحدة وطنية.

وأوضح اليوسفي الذي كان حاضرا اللقاء “هنا تدخلت، وأخبرت صاحب الجلالة بأن لديه بعض الالتزامات الملحة تتعلق بالتحضير لمؤتمر شعوب القارات الثلاثة. وأضفت ’لكن، إذا رأى جلالتكم الاستعجال بعودته إلى المغرب، فإني على استعداد أن أسافر لأعود به في أقرب وقت‘. لكن الملك قال ’لقد فات الأوان‘”.

وأضاف أن بن بركة “لم يكن لديه تخوف من الملك، ولكنه لا يثق في بعض الضباط الذين يهيمنون على أمن البلاد، في إشارة إلى الجنرال أوفقير الذي كان وزيرا للداخلية”.

من حياة المنفى إلى رئاسة الحكومة

وكان اليوسفي، والذي تم توقيفه مرتين خلال “سنوات الرصاص” عامي 1960 و1963 وأفرج عنه في 1964 ثم عاش حياة المنفى من 1965 إلى 1981 حين أصبح المعارض العربي الوحيد الذي يتولى رئاسة حكومة “بالتناوب”، قد وجه نداء “من صميم القلب إلى الدولة المغربية للكشف عما تعرفه من حقائق هذه الجريمة.

ودعا أيضا خلال حفل في الرباط عام 2015 إحياء للذكرى الخمسين لاختطاف بن بركة إلى مطالبة الدول التي شاركت في الجريمة وتم الاختطاف والاغتيال على ترابها الوطني بالكشف عن الحقيقة كاملة”.

وحكم في هذه القضية على وزير الداخلية حينها محمد أوفقير غيابيا بالمؤبد في 1967 في محكمة بباريس. كما حكم على أربعة “بلطجية” فرنسيين تورطوا في الخطف إضافة إلى المدعو العربي الشتوكي.

وعبر القاضي قبل عامين عن أسفه لتمكن المشتبه به التونزي من العيش “بكل هدوء في الرباط على بعد أمتار قليلة من جادة بن بركة”.

فشل التجربة في تحقيق الانتقال الديمقراطي بالمغرب

وقاد اليوسفي حكومة التوافق الوطني بعد 33 عاما على المحاولة التي لم يكتب لها النجاح في 1965. واعتبر بذلك أول زعيم معارضة يصل إلى الحكم بشكل توافقي في العالم العربي.

ويخصص اليوسفي حيزا في مذكراته للمخاض الذي سبق ميلاد هذه الحكومة، والعراقيل التي واجهتها طيلة مدة ولايتها ما بين 1998 و2002، وصولا إلى اعتزاله العمل السياسي العام 2003 والتزامه الصمت مذاك.

وهذا ما يعتبر احتجاجا منه على فشل التجربة في تحقيق الانتقال الديمقراطي كما كان مؤملا منها.

وحظي اليوسفي بحفل تكريم بمناسبة إعلان مذكراته مساء الخميس بالرباط، تزامنا مع ذكرى ميلاده الرابع والتسعين، حضره جمهور غفير وشخصيات مغربية وأجنبية مثل رئيس الوزراء الإسباني الأسبق فيليبي غونزاليس والدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي.




Related Articles

Back to top button