ترامب يثير جدلاً إسرائيلياً ساخناً بدعوته إلغاء محاكمة الفاشي نتنياهو

الدعوة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى إلغاء محاكمة رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً رئاسياً، أثارت جدلاً واسعاً في تل أبيب، وأظهرت انقساماً واضحاً بين مسؤولين في الحكومة ومعارضين من الكنيست (البرلمان).

وأعلن ترامب، الأربعاء، دعمه للفاشي نتنياهو، الذي تلاحقه قضايا فساد على المستوى الإسرائيلي الداخلي، كما أنه مطلوب للعدالة الدولية بسبب ارتكابه جرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال ترامب في منشور على منصته “تروث سوشيال”: “مثل هذه الحملة الشعواء على رجل قدم الكثير، أمر لا يُصدق بالنسبة لي.. يجب إلغاء محاكمة نتنياهو على الفور، أو منح عفو لبطل عظيم قدم الكثير لإسرائيل”.

التدخل الأميركي “مرفوض”

وشدد رئيس اللجنة التشريعية في الكنيست سمحا روتمن على أن التدخل الأميركي في عمل القضاء الإسرائيلي “مرفوض”، قائلًا: “ليس من صلاحيات الرئيس الأميركي التدخل في النظام القضائي لدولة إسرائيل.. استقلال القضاء من أهم القيم لدينا جميعاً، بما في ذلك رئيس الوزراء نفسه”، وفق ما أوردته هيئة البث الإسرائيلية “كان”.

ورغم ذلك، دعا روتمن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى منح عفو رسمي لنتنياهو، معتبراً أن “العدالة الحقيقية يجب أن تُطبق ضمن إطار من الرحمة والهدوء الوطني”.

المحاكمة “انهارت”

في المقابل، دافع عدد من وزراء الحكومة عن موقف ترامب، إذ أيّد الإرهابي إيتمار بن غفير الذي يشغل منصب وزير الأمن القومي ،صراحة دعوة الرئيس الأميركي، واعتبر أن المحاكمة “انهارت”، مطالباً بـ”إصلاح عاجل للجهاز القضائي”.

كما دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى إلغاء محاكمة نتنياهو، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عنه قوله: “ما قيمة الاستمرار في محاكمة نتنياهو؟ كم سنة أخرى ستنتهي؟ هل هناك شخص واحد في البلاد سيغير رأيه بشأن نتنياهو وسلوكه بعد إدانته أو تبرئته في محاكمة؟ هل الإصرار على إدارته يخدم حقاً (سيادة القانون) أم أن القانون الأساسي غير المكتوب لكن المعروف هو الاضطهاد؟”.

واختتم ساعر حديثه قائلاً: “عندما يدعو رئيس الولايات المتحدة إلى إلغاء المحاكمة أو العفو، هل يمكن لأحد أن يقول إنه غير على حق؟”.

جائزة يمنحها ترامب إلى نتنياهو

أما زعيم المعارضة يائير لبيد، فقد أعرب عن امتنانه لترامب، لكنه حذر من خطورة تدخله بشؤون القضاء في دولة مستقلة، وأضاف في تصريحات لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية: “أتمنى وأفترض أن هذه جائزة يمنحها (ترامب) إلى نتنياهو لأنه يعتزم الضغط عليه بشأن غزة وإجباره على إبرام اتفاق رهائن سينهي الحرب”.

بدوره، شدد عضو الكنيست المعارض جلعاد كاريب على أن “لا أحد فوق القانون، حتى رئيس الحكومة”، مطالباً بالالتزام بقيم العدالة فيما إسرائيل التي زعم أنها “الدولة اليهودية الديمقراطية”.

وذكر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن “إرث نتنياهو يجب أن يُخلّد كمن أنقذ الدولة من تهديد وجودي، وأن المحاكمة لا تخدم الصالح العام”.

كما هاجم رئيس الائتلاف أوفير كاتس المحاكمة قائلاً إن “الفهم بأن محاكمة باجز باني (شخصية كرتونية شهيرة لأرنب رمادي اللون) منفصلة عن الواقع قد وصل أيضاً إلى الخارج”. وادعى كاتس أن المحاكمة “تنهار” وأن “نتنياهو غير قابل للكسر”.

كما رد وزير الاتصالات شلومو كاري على الرئيس ترمب قائلاً: “لقد كلفنا هذا العرض منذ فترة طويلة الأمن القومي. بكل ما تعنيه الكلمة!”

مجرم حرب مطلوب للعدالة الدولية

وكانت محكمة الجنايات الدولية قد أصدرت مذكرتين باعتقال بنيامين نتنياهو ووزير حربه الذي أقاله مؤخراً يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من 8 أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 مايو 2024 على الأقل، وهو اليوم الذي قدم فيه الادعاء طلبات مذكرتي توقيف.

واعتبرت المحكمة أن “السلوك المنسوب” لنتنياهو وغالانت يقع ضمن اختصاص المحكمة، مشيرة إلى قرار سابق لها بأن اختصاص المحكمة يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

وأكدت المحكمة الجنائية الدولية أنها وجدت “أسباباً معقولة” للاعتقاد بأن نتنياهو، المولود في 21 أكتوبر 1949، وغالانت، المولود في 8 نوفمبر 1958، “يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية بوصفهما شريكين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة من وسائل الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية”.

كما وجدت المحكمة “أسباباً معقولة” للاعتقاد بأن كلاً من “نتنياهو وغالانت يتحملان مسؤولية جنائية بصفتهما رئيسين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين”.

جرائم إسرائيل

وأوضحت المحكمة أنها أصدرت قرار اعتقال نتنياهو وغالانت بموجب قانون النزاع المسلح الدولي، على أساس أن “القانون الإنساني الدولي المتعلق بالنزاع المسلح الدولي بين إسرائيل وفلسطين ينطبق خلال الفترة ذات الصلة، وذلك لأنهما طرفان ساميان متعاقدان في اتفاقيات جنيف لعام 1949 ولأن إسرائيل تحتل أجزاء من فلسطين على الأقل”.

“كما وجدت المحكمة أن القانون المتعلق بالنزاع المسلح غير الدولي ينطبق على القتال بين إسرائيل وحماس، وخلصت إلى أن السلوك المنسوب لنتنياهو وجالانت “يتعلق بأنشطة الهيئات الحكومية الإسرائيلية والقوات المسلحة ضد السكان المدنيين في فلسطين، وعلى وجه التحديد المدنيين في غزة، ولذلك فهي تتعلق بالعلاقة بين طرفين في نزاع مسلح دولي، فضلاً عن العلاقة بين السلطة القائمة بالاحتلال والسكان في الأراضي المحتلة”.

وأشارت المحكمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية “كانت جزءاً من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين في غزة”.

ورأت المحكمة أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت “حرما السكان المدنيين في غزة، عمداً وعن علم، من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، فضلا عن الوقود والكهرباء، في الفترة من 8 أكتوبر 2023 إلى 20 مايو 2024 على الأقل”.

وأوضحت المحكمة أنها تستند في ذلك إلى دور نتنياهو وجالانت في “عرقلة المساعدات الإنسانية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، وفشلهما في تسهيل الإغاثة بكل الوسائل المتاحة لها”.

ووجدت المحكمة أن سلوكهما “أدى إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توفير الغذاء والسلع الأساسية الأخرى للسكان المحتاجين في غزة، كما كان للقيود المذكورة أعلاه، إلى جانب قطع الكهرباء وتقليص إمدادات الوقود، أثر شديد على توافر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على توفير الرعاية الطبية”.

“ملفات فساد”

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار محاكمة نتنياهو بتهم فساد في قضايا تُعرف بـ”ملفات الألف”، والتي تشكل أحد أخطر التحديات القانونية التي يواجهها زعيم إسرائيلي أثناء وجوده في المنصب.

كما تأتي التصريحات في وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي على إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بالحرب المستمرة على قطاع غزة، ما يعيد تسليط الضوء على التقاطعات المعقدة بين السياسة والقضاء والتأثيرات الخارجية.

ونتنياهو (75 عاماً)، الذي تولى السلطة بشكل متواصل تقريباً منذ عام 2009، هو الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تاريخ إسرائيل، وأول رئيس وزراء في منصبه يُتهم بارتكاب جرائم.

ويواجه نتنياهو اتهامات في 3 قضايا فساد، وهي: “قضية 1000″، إذ يُتهم بتلقي هدايا من المنتج السينمائي أرنون ميلتشان والملياردير جيمس باكر، تشمل سيجاراً وشمبانيا، مقابل تقديم تسهيلات لهم.

و”القضية 2000″، تتعلّق بمحادثات سرية بين نتنياهو ورئيس تحرير صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أرنون موزيس، حول تحسين التغطية الإعلامية مقابل إضعاف الصحف المنافسة.

و”القضية 4000″، تتهم نتنياهو بالحصول على تغطية إعلامية إيجابية من مالك موقع “والا” الإخباري، شاؤول ألوفيتش، مقابل تقديم تسهيلات تنظيمية في شركة “بيزك”، وهي القضية الأكثر خطورة بسبب تورطها في شبهات رشوة.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى