رغم الدعوات العالمية لحظرها… ألمانيا توافق على صفقة أسلحة لإسرائيل

رغم الدعوات العالمية لفرض حظر وعقوبات عسكرية على تل أبيب، وافقت ألمانيا على صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة لا تقل عن 2.46 مليون يورو (2.9 مليون دولار) منذ تطبيقها وقفا جزئيا لتصدير المعدات العسكرية، وفقا لرد من وزارة الاقتصاد الاتحادية على استجواب برلماني تقدمت به كتلة حزب اليسار.
وزعمت وزارة الاقتصاد الفيدرالية إن الشحنات تتعلق بـ “مواد عسكرية أخرى” ولا تشمل أسلحة حربية.
وكان المستشار فريدريش ميرتس أمر في 8 أغسطس بتعليق مؤقت لصادرات المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في الحرب على غزة، في خطوة اعتُبرت تحولا في سياسة ألمانيا تجاه إسرائيل بعد تصاعد جرائمها بحق الفلسطينيين.
وسبق ذلك أن كثفت برلين تدريجيا من انتقاداتها لحكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي، لكنها امتنعت عن فرض عقوبات.
وخلال الأسابيع الخمسة الأولى من التعليق، لم تُمنح أي موافقات على التصدير. أما الموافقات الحالية، التي تغطي الفترة حتى 22 سبتمبر، فتُظهر أن الشحنات البالغة قيمتها 2.46 مليون يورو جرت بين 13 و22 سبتمبر.
وللمقارنة، بلغت قيمة تراخيص التصدير إلى إسرائيل في الفترة من أول يناير حتى 8 أغسطس 2025 حوالي 250 مليون يورو.
ولا تزال طبيعة السلع المصدرة غير واضحة، حيث أدرجت الوزارة 8 فئات تشمل الصواريخ والطوربيدات والسفن الحربية والمعدات البحرية، لكن بما أن هذه الصادرات لا تُصنّف كأسلحة حربية وقيمتها الإجمالية صغيرة نسبيا، فمن المرجح أن تكون عبارة عن ملحقات أو معدات.
وكانت إسرائيل وجهت انتقادات للقرار الجزئي، حيث اتهم نتنياهو ألمانيا بمكافأة حركة حماس على “الإرهاب”، معبرا عن خيبة أمله مباشرة للمستشار ميرتس.
غضب أوروبي من إسرائيل
ويتصاعد الغضب في أوروبا ضد إسرائيل على خلفية سياسية الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث تتصدر إسبانيا المواجهة مع تل أبيب.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في 8 سبتمبر الجاري، أن بلاده قررت فرض عقوبات من 9 مواد على إسرائيل، تحت عنوان “تدابير ضد الإبادة الجماعية في غزة ودعم الشعب الفلسطيني”.
وقال سانشيز، في تصريح للصحفيين، بالعاصمة الإسبانية مدريد: “ما تفعله إسرائيل في غزة ليس دفاعاً، بل تدميراً لشعب أعزل”.
وتابع: “إسبانيا اتخذت 9 إجراءات إضافية، سارية المفعول فوراً، لوقف الإبادة الجماعية في غزة ودعم الشعب الفلسطيني”.
وصرح سانشيز، بأن أولى العقوبات التسع التي ستُفرض على إسرائيل تشمل حظراً على الأسلحة.
واستطرد: “سيتم أيضاً منع جميع المتورطين بشكل مباشر في الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في قطاع غزة من دخول إسبانيا”.
وبعد يوم واحد فقط، صادقت الحكومة على العقوبات التي أعلنها سانشيز ضد إسرائيل، لتدخل حيز التنفيذ على الفور.
وبعد اجتماع لمجلس الوزراء، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن حزمة العقوبات التي فرضتها بلاده على إسرائيل تأتي انطلاقا من عدم قدرة بلاده على أن تبقى صامتة إزاء مقتل عدد كبير من الأبرياء في غزة.
وفي 16 سبتمبر، ألغت وزارة الدفاع الإسبانية صفقتين بنحو مليار يورو، أبرمتهما سابقًا مع شركات إسرائيلية.
أكثر الأمور المثيرة للجدل
وتعد مسألة حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، أكثر الأمور المثيرة للجدل في الدول الأوروبية والتي لا تحظى بإجماع في البرلمان الأوروبي، ولكن ذلك لم يوقف بعض الدول من فرض إجراءات ضد إسرائيل بخصوص صادرات الأسلحة.
وفي هذا السياق، أعلنت حكومة إقليم والونيا ببلجيكا، في فبراير/ شباط 2024، تعليق تراخيص تصدير الذخائر إلى إسرائيل عبر مطاراتها، عقب صدور حكم محكمة العدل الدولية، في الشهر ذاته، في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.
كما أعلنت إيطاليا في أكتوبر 2024 التزامها بالقوانين التي تحظر بيع الأسلحة إلى دول في حالة حرب أو المتهمة بانتهاكات حقوق الإنسان، وقررت تعليق جميع شحنات المعدات العسكرية إلى إسرائيل.
هولندا من جهتها، قررت في فبراير 2024 حظر بيع طائرات “إف-35” إلى إسرائيل نتيجة مخاوف من استخدام الأسلحة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك قتل المدنيين في غزة، وأوقفت جميع شحنات الأسلحة، وفرضت المحكمة حظرا على تصدير قطع غيار طائرات “إف-35” المقاتلة.
بينما علقت بريطانيا في سبتمبر 2024 نحو 30 من أصل 350 ترخيصا لتصدير الأسلحة، ومنعت في 29 أغسطس 2025 مسؤولين إسرائيليين من حضور معرض أسلحة كبير في لندن.
أما فرنسا فدعت في 5 أكتوبر 2024 إلى وقف جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، ولكن لم يكن ذلك فرضا للحظر، بل مجرد ضغط.
لكن أول دولة في الاتحاد الأوروبي، تفرض حظرا كاملا على استيراد وتصدير وعبور جميع الأسلحة أو المعدات العسكرية من وإلى إسرائيل؛ كانت “سلوفينيا”، وتحديدا في 30 يوليو/ تموز 2025.
دعوة لخطوة مشتركة
وفي 13 سبتمبر، دعت أيرلندا، الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة مشتركة ضد إسرائيل، محذرة أنها ستقدم على ذلك مع الدول ذات المواقف المشابهة حال عدم قيام الاتحاد بالأمر.
جاء ذلك في بيان لنائب رئيس الوزراء الأيرلندي وزير الخارجية والدفاع، سيمون هاريس، مؤكدا أن “بيانات الإدانة لم تعد كافية في ظل استمرار المجازر المروعة في غزة”.
وطالب هاريس، الاتحاد الأوروبي بالتحرك فورا واتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل لانتهاكها التزاماتها القانونية المترتبة عليها بموجب اتفاقية الشراكة بين الجانبين.
وشدد على أن حماية مصداقية أوروبا تتطلب خطوات مشتركة وحاسمة ضد إسرائيل.
وأردف هاريس، محذرا: “إذا رفضت أوروبا التحرك بشكل جماعي ضد إسرائيل، فسيكون هناك حاجة لأن تجتمع الدول ذات التوجه المشترك لتحديد الخطوات الواجب اتخاذها”.
وبترتكب إسرائيل دعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، راح ضحيتها 65 ألفا و141 قتيلا و165 ألفا و925 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة لآلاف المفقودين.