هل قرر نتنياهو الاحتلال الكامل لقطاع غزة؟

تتعدد الآراء حول قرار نتنياهو وحكومته بخصوص الاحتلال العسكري الكامل لقطاع غزة.
يميل بعض المحللين إلى أن هذا القرار يستخدم كوسيلة ضغط على حماس للموافقة على الاشتراطات الإسرائيلية والأميركية في المفاوضات.
علما بأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، وانتقلت إسرائيل وأميركا عبر ويتكوف لوضع شروط لن تقبل بها حماس، مبنية على فكرة استعادة الرهائن فقط دون تبعات تؤدي إلى وقف الحرب، إلى جانب التشديد على نزع سلاح حماس وإخراج قادتها إلى الخارج.
أعتقد على الخلاف من ذلك، أن نتنياهو اتخذ قرار الاحتلال الكامل للقطاع لأسباب تكتيكية لها علاقة ببقاء ائتلافه الحاكم وإعادة ترميم شعبيته بالشارع الإسرائيلي، بعد أن تراجعت بسبب عدم تحقيق أهداف عملية عربات جدعون، وأهداف استراتيجية لها علاقة باستكمال تنفيذ المشروع الصهيوني عبر إعادة الاستيطان إلى أجزاء من القطاع كما وعد سموتريتش، وكذلك التمهيد لتنفيذ عمليات التهجير (الطوعي/ القسري) كما وعد بن غفير، هذا بخلاف الأهداف الاقتصادية ذات العلاقة بساحل وغاز البحر بامكانياتهم الاستثمارية لصالح رأس المال اليهودي والأميركي.
يعتقد نتنياهو أنه باحتلال القطاع عسكريا بصورة كاملة قد يؤدي إلى القضاء على المقاومة وتحقيق فكرة النصر المطلق .
لا يكترث نتنياهو بالتخوفات التي طرحها رئيس هيئة الأركان زامير بما يتعلق بمخاطر فقدان الرهائن الإسرائيلين، وكذلك الجنود بسبب استنزاف الجيش وتدني معنوياته، وعدم استعداد الاحتياط للتجنيد.
لقد استطاع نتنياهو وفريقه الحاكم من اليمين الفاشي استبدال عقيدة الاهتمام بالعنصر البشري بعقيدة هانيباعل، التي تشرع التخلص من بعض اليهود، سواء الجنود أو الأسري أو المدنيين، في سبيل إيذاء العدو، وكذلك من أجل تنفيذ المشروع الصهيوني الاستراتيجي الإحلالي، والمبني على فكرة التطهير العرقي للسكان الأصليين وإحلال المستوطنين الصهاينة على أنقاضهم .
لقد بدأت عملية الحسم باتخاذ قرار الاحتلال الكامل للقطاع، عندما صرح ويتكوف: “إننا سنبحث عن طرق أخرى لاستعادة الرهائن”، وذلك عندما قرر إعادة الوفد الأميركي من الدوحة، وتبعه عودة الوفد الإسرائيلي بقرار من نتنياهو، وكذلك عندما صرح ترامب بأن قرار احتلال القطاع متروك لنتنياهو وإسرائيل.
إن خطورة المرحلة التي تتهيأ بها الظروف، لتنفيذ عمليات من التهجير تتطلب تحركات سياسية عبر التوجه إلى مجلس الأمن وفق الفصل السابع، والطلب من الأمم المتحدة وبلدان العالم تنفيذ الحماية الدولية لشعبنا ضد مخاطر القتل والإبادة والتطهير العرقي والتهجير، واتخاذ تدابير عالمية لمنع تنفيذ جرائم الاحتلال التي فاقت العديد من الجرائم التي تمت بالحروب في العصر الحديث .
إن القيم الحقوقية والإنسانية تتطلب التحرك الفوري لمنع الكارثة المحدقة بشعبنا التي يصمم قادة الاحتلال على تنفيذها على حساب حقوقه بالحرية وتقرير المصير والعيش بكرامة.