ألبانيز تدعو إلى تعليق العلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل حتى تتوقف الإبادة في غزة

أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن تجارة الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة مع إسرائيل في تغذية آلة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، داعية إلى وقفها.

ذلك في إحاطة قدمتها أمام اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (اللجنة الثالثة) للأمم المتحدة، المنعقدة بمقر المنظمة في نيويورك يوم الثلاثاء.

وطالبت ألبانيز الدول بالعمل على تأمين وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيلي كامل من كل شبر من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتفكيك المستوطنات”.

وأضافت ألبانيز “كما يجب تعليق جميع العلاقات العسكرية والتجارية والدبلوماسية مع إسرائيل حتى توقف جرائم الإبادة الجماعية والاحتلال غير الشرعي ونظام الفصل العنصري الذي تمارسه”.

وشددت على ضرورة “التحقيق مع جميع الذين خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه الإبادة الجماعية، وإذا لزم الأمر، تقديمهم للمحاكمة”.

الاتحاد من أجل السلام بعد شلل مجلس الأمن

وحذرت ألبانيز من أنه “إذا ظل مجلس الأمن مشلولاً، فيجب أن تتخذ هذه الجمعية إجراءات بموجب قرار الاتحاد من أجل السلام بطرق أكثر حزماً مما كانت عليه حتى الآن”.

وعبرت عن أسفها الشديد لعدم تمكنها من تقديم تقريرها السنوي أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعنية بحقوق الإنسان، بشكل شخصي في نيويورك (بل عن بعد عبر تقنية الفيديو) بسبب العقوبات الأميركية عليها مما حال دون قدومها إلى الولايات المتحدة.

وأضافت أن ذلك جاء “بسبب العقوبات غير القانونية والتعسفية التي فرضتها عليّ الولايات المتحدة الأميركية لقيامي بواجبي كمقررة خاصة”.

وتابعت “كان ينبغي على هذه الجمعية أن تتصدى لهذه السابقة الخطيرة. إن هذه الإجراءات تمثل اعتداءً على الأمم المتحدة نفسها، على استقلاليتها ونزاهتها وجوهرها. وإذا لم يتم التصدي لها، فسوف تُشكل ضربة قاصمة أخرى للنظام متعدد الأطراف.”

ولفتت ألبانيز، غزة لا تزال تحت الحصار والتجويع والدمار. وأن أكثر من 240 ألف قتيل وجريح سقط فيها، وآلاف المفقودين مدفونون تحت الأنقاض أو مختفون في سجون الاحتلال الإسرائيلي”. مشيرة إلى عودة جثامين الأسرى الفلسطينيين وعليها آثار التعذيب والانتهاك.

الاستيطان وإحراق القرى واقتلاع الأشجار في الضفة

وعن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، قالت ألبانيز، “يتصاعد التوسع الاستيطاني الاستعماري. تشن القوات الإسرائيلية غارات وتعتقل وتقتل، بينما يقوم المستوطنون المتطرفون بإحراق القرى واقتلاع الأشجار والاستيلاء على المزيد من الأراضي، في سلسلة متواصلة من الاعتداءات الوحشية.

وأوضحت أن تقريرها يؤكد أن هذه الفظائع ليست مجرد حالات شاذة، بل هي تتويج لعقود من الفشل الأخلاقي والسياسي ضمن نظام عالمي استعماري راسخ، تدعمه منظومة عالمية من التواطؤ.”

وتابعت ألبانيز “من خلال الإجراءات غير القانونية والإغفال المتعمد، قامت العديد من الدول بتسليح وتمويل وحماية نظام الفصل العنصري العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما سمح لمشروعها الاستيطاني الاستعماري بالتحول إلى إبادة جماعية – وهي الجريمة القصوى ضد السكان الأصليين في فلسطين.”

كيف تمكنت إسرائيل من الاستمرار بانتهاكاتها؟

وعرضت المسؤولة الأممية أربع نقاط رأت أنها ساعدت إسرائيل على الاستمرار في ممارساتها وانتهاكاتها.

وأول تلك النقاط متعلقة باستخدام المحافل الدبلوماسية، لتبرير الإبادة الجماعية ودعمها، من خلال تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وإضفاء الشرعية على مزاعم إسرائيل بأنها تتصرف دفاعاً عن النفس، واستخدام حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار، وتقويض العدالة الدولية”.

ولفتت إلى أن الأطراف “التي تجرأت على معارضتها، مثل جنوب إفريقيا وفلسطين ونيكاراغوا والنرويج أمام محكمة العدل الدولية، أو أولئك الذين تعاملوا مع المحكمة الجنائية الدولية، تعرضوا لضغوط شديدة.”

وحول اعتراف العديد من البلدان بالدولة الفلسطينية، بما فيها دول غربية بارزة كفرنسا والمملكة المتحدة قالت ألبانيز “إن الاعتراف المتأخر بفلسطين لا معنى له إذا فشلت الدول في منع محوها.

وتابعت، إن وصف وقف إطلاق النار بأنه خطة سلام مع السماح باستمرار الاحتلال والقتل ليس دبلوماسية؛ بل هو ازدواجية في المعايير (…) تجرد الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم من خلال فرض شروط جائرة وغير قانونية عليهم.”

المعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة وتجارة الأسلحة

أما النقطة الثانية بحسب ألبانيز فتتعلق “بالعلاقات العسكرية. فقد ساهمت الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة في تغذية آلة الإبادة الجماعية”، مضيفة “تواصل عشرات الدول الأخرى تجارة الأسلحة وأجهزة المراقبة التي تم اختبارها ميدانياً على الفلسطينيين.

وبذلك، عرّض صانعو القرار أنفسهم للمساءلة المحتملة مستقبلاً أمام المحاكم الوطنية والدولية.”

أما النقطة الثالثة متعلقة بالتجارة. وأشارت هنا إلى استمرار “التجارة مع إسرائيل، بل وتزايدها. فبين عامي 2022 و2024، بلغت الصادرات الإسرائيلية 474 مليار دولار، مما يمول اقتصادها الحربي بشكل مباشر.

وذكّرت بأن الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على روسيا فور غزوها لأوكرانيا، إلا أنه لا يزال الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل حتى بعد مرور عامين على ارتكابها جرائم الإبادة الجماعية، بما في ذلك من خلال السلع ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.

ودعت ألبانيز إلى تعليق هذه التجارة فوراً، إلى جانب الاتفاقيات التجارية والعسكرية التي أبرمتها عشرات الدول مع إسرائيل.”

استخدام المساعدات كسلاح

وأوردت المسؤولة الأممية النقطة الرابعة المتعلقة باستخدام المساعدات كسلاح، حيث تمكنت إسرائيل من حصار غزة بشكل غير قانوني دون رادع إلى حد كبير. وتم التغاضي عن الهجمات على وكالة الأونروا، العمود الفقري، للاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في المنطقة، وفي بعض الأحيان تم الترويج لتلك الهجمات”.

وحول اللجنة الأميركية الإسرائيلية “لتوزيع المساعدات” قالت ألبانيز “لقد حوّلت ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية توزيع المساعدات إلى ساحات قتل لآلاف الفلسطينيين الجائعين العزل.

وطالبت بمحاسبة هذه المؤسسة البشعة والمسؤولين عنها، مشددة على أن القانون الدولي واضح: لا يجوز لأي دولة تقديم المساعدة أو الدعم لدولة ترتكب جرائم دولية، موضحة بأن ذلك ليس مجرد اقتراح أو عمل خيري، بل هو التزام أساسي، وبمخالفته تخاطر الدول بالتورط في هذه الجرائم.”



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى