إخونجية ليبيا ومجلس الدولة يعملان على تأزيم الأوضاع في البلاد

احتجاجات ليبية غاضبة ترفض المرتزقة والميليشيات وتطالب بتحسين الأوضاع المعيشية

وسط اتهامات متصاعدة لإخونجية ليبيا ومجلس الدولة بتأزيم الأوضاع في البلاد وإذكاء الخلافات بين الفرقاء وإفشال الانتخابات ومفاوضات جنيف، شهدت عدة مدن ليبية ، مساء الجمعة، احتجاجات غاضبة عبرت عن رفضها للمرتزقة والميليشيات المسلحة وتناحر السياسيين والوضع المعيشي القائم.

وحاول مؤيدو التيارات الإسلامية المتشددة التابعة لمفتي المنظمات التكفيرية الصادق الغرياني تشويه الحراك السلمي في العاصمة طرابلس، عبر دس عناصره ضمن المتظاهرين ورفع شعارات تحيد عن المطالب الحقيقية للحراك.

كما اندس عدد من أنصار عبد الحميد الدبيبة بين المتظاهرين للترويج له ولمخططه للانقلاب على خارطة الطريق بإجراء انتخابات دون أساس قانوني وتشريعي في مناطق نفوذه.

واستمرت مسيرة الحراك الغاضب إلى أن وصلت مقر مجلس الوزراء بطريق السكة، مطالبة الدبيبة بالرحيل فورا وتسليم السلطة والتعجيل بإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في البلاد.

وفيما اقتحم محتجون مبنى البرلمان في مدينة طبرق شرقَ البلاد، نظم آخرون غرب البلاد أكبر مظاهرة منذ سنوات في العاصمة طرابلس.

كما اندلعت احتجاجات أخرى شارك فيها عشرات المتظاهرين في كلٍ من بنغازي والبيضاء ومصراتة، وتواصلت ليلا في اجدابيا ومسلاتة وبدر وسلوق.

المظاهرات وإن تباعدت جغرافيا فقد وحدتها الشعارات التي اتهمت المسؤولين بالخيانة وسرقة المال العام، داعية إلى إجراء الانتخابات.

كما طالب المتظاهرون بسقوط كل الحكومات والكيانات السياسية بسبب تدني مستويات معيشتهم.

وخرج المتظاهرون حاملين لافتات ضد كل الأطراف السياسية واتهموهم بما وصلت له البلاد من تردي الأوضاع المعيشية، بسبب المعارك السياسية التي تشهدها ليبيا منذ سقوط معمر القذافي.

مظاهرات طرابلس

وفي طرابلس، احتشد المئات من المتظاهرين في ميدان الشهداء (الساحة الخضراء سابقًا)، حيث طالبوا بتوفير السلع الغذائية وحل أزمة الكهرباء التي استفحلت في البلاد بعد أن وصل عدد ساعات انقطاع الكهرباء إلى أكثر من 15 ساعة يوميًّا.

وطالب المتظاهرون برحيل عبد الحميد الدبيبة ومجلس الدولة، واتهموهما بإفشال المسار السياسي في البلاد بتنفيذ مخططات تنظيم جماعة الإخوان الرامية لإفشال الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وطالبا بمنح المجلس الرئاسي كل الصلاحيات وإعلان حالة الطوارئ وضرورة تقديم تفسير لأزمة الكهرباء وإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات.

وحاولت الميليشيات الموالية للدبيبة فض التظاهرات، لكنها فشلت مع إصرار المتظاهرين على البقاء، داعين لاعتصام مفتوح لفك الجمود السياسي الراهن.

والمتظاهرون ارتدوا سترات صفراء اقتداءً بالمظاهرات الفرنسية، ودعا لتلك المظاهرات صفحة على “فيسبوك” تدعى “دولة التريس” بها أكثر من 209 ألف مشترك.

مظاهرات طبرق

كما شهدت مدينة طبرق شرق ليبيا مظاهرات غلب عليها الطابع السياسي، حيث تجمع المتظاهرون أمام مقر مجلس النواب، وكانت الهتافات في البداية بتحسين الحياة للمواطنين ودعمهم لمواجهة أزمة الغذاء التي يشهدها العالم، إلا أنه سرعان ما حوّلها بعض الأشخاص لتظاهرات سياسية تهاجم أعضاء مجلس النواب وحاولوا اقتحامه وإشعال النيران فيه.

وقال المحلل السياسي الليبي معاذ الثليب، إن فشل مفاوضات جنيف لوضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هو سبب اشتعال الأوضاع ودعوات المواطنين للنزول إلى الشارع.

وأضاف الثليب أن الأوضاع في غرب ليبيا خاصة طرابلس كارثية، فالكهرباء منقطعة أغلب اليوم ويصل انقطاعها إلى 15 ساعة، والمصارف لا توجد بها أموال نهائيًّا وحد السحب قليل للغاية، خاصة أننا على مشارف العيد.

وأشار إلى أن الأوضاع ستشتعل أكثر، وأن المظاهرات يديرها مجموعات على مواقع التواصل ولهم مطالب محددة قالوا إنهم لن يتراجعوا عنها؛ أولها الإطاحة بالدبيبة وتولي المجلس الرئاسي زمام الأمور ووضع خطة واضحة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت.

تنظيم الإخونجية

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري إن تنظيم الإخونجية هو السبب في أغلب الأزمات التي وصلت إليها البلاد الآن، والمشري ومجلس الدولة هما السبب في إفشال الانتخابات والآن ضربا المسار السياسي في مقتل بإفشال مفاوضات جنيف.

وأضاف الفيتوري أن الشعب الليبي سئم محاولات التيارات السياسية التمسك بالسلطة وضرب المسار السياسي الديمقراطي بإفشال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خاصة تيارات الإسلام السياسي.

وأكمل أن هذا الحراك هو الأكبر منذ سنوات كبيرة خاصة أن كثيرًا من المدن استجابت للتظاهرات في كل أنحاء البلاد.

وتوقع الفيتوري أن التظاهرات لن تقف عند هذا الحد، وأن التصعيد سيستمر وينضم للشباب الداعين للمظاهرات كل أطياف المجتمع، خاصة أن حالة الجمود السياسي صاحبها تردي في مستوى الخدمات من سيولة في المصارف ونقص كهرباء وأزمة الغذاء.

أصدر المجلس الرئاسي الليبي بيانا، فجر السبت، أكد فيه متابعته للأحداث الأخيرة على كامل التراب الليبي، وأن المجلس في حالة انعقاد مستمر ودائم حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير وإنتاجِ سلطة منتخبة.

المجلس أكد أنه لن يخيّب آمال وإرادةَ الشعب في العيش في دولة تنعم بالأمن والاستقرار الدائم.

مجلس النواب الليبي

من جانبه، أكد مجلس النواب الليبي على حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيهم بحسب بيان لرئاسة مجلس النواب.

البيان أوضح أن رئاسة المجلس تقدر حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في حياته اليومية وحقَه المشروع في المطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وأضاف البيان، أنه في الوقت الذي تؤكد رئاسة البرلمان على حق المواطنين في التظاهر السلمي.. فإنها تدين بشدة قيام البعض بأعمالِ التخريب وحرقِ مقار الدولة والعبثِ بمقدرات الشعب الليبي، وذلك باعتبارها جرائم َ يعاقب عليها القانون.

من جهته، أعرب رئيس الحكومة المنتهية ولاياتها عبد الحميد الدبيبة عن دعمه للمتظاهرين وموافقته على رحيل جميع المؤسسات بما في ذلك الحكومة.

وخلص الدبيبة إلى القول إن الانتخابات هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا.

وتتنافس حكومتان على السلطة منذ مارس، واحدة مقرها طرابلس غرب البلاد ويقودها عبد الحميد الدبيبة منذ عام 2021 والأخرى بقيادة فتحي باشاغا ويدعمها برلمان طبرق.

وكان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021 في ليبيا تتويجاً لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بعد أعمال العنف عام 2020. لكنها أُرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات العميقة بين الخصوم السياسيين والتوترات على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى