شعبية الرئيس التونسي تؤهله لمواصلة مسار الإصلاح السياسي وضرب الفساد

جبهة الخلاص الوطني واجهة جديدة ينشط خلفها تنظيم الإخونجية

أكدت أوساط سياسية تونسية، أن شعبية رئيس الجمهورية قيس سعيد ما تزال في مستوى عال طالما أنه يعمل باستمرار لتفكيك مختلف مؤسسات ما قبل الخامس والعشرين من يوليو وضرب آليات المحاصصة الحزبية والتوافقات المغشوشة والفساد السياسي بالتوازي مع بناء منظومة جديدة تتماشى مع ما يريده الشارع التونسي الذي يضع قيس سعيد وفق آخر استطلاعات الرأي في مرتبة متقدمة بنسبة 64 في المئة.

وقالت تلك الأوساط، إن تزامن ضغوط داخلية وأخرى خارجية لن يعيق خطط الرئيس قيس سعيد بإنجاح الاستفتاء في يوليو والانتخابات في ديسمبر، مشيرة إلى أن الرئيس سعيد لا يهتم كثيرا لما يصدر من تصريحات من هنا وهناك تنتقد خطواته خاصة بعد قراره إعادة هيكلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتحريرها من المحاصصة الحزبية التي كانت تسيطر عليها.

وتوقعت أن تزداد الضغوط في المرحلة القادمة بعد أن اكتشف خصوم قيس سعيد أنه جاد فعلا في تنفيذ خطته وفق البرنامج الزمني المحدد لها، وإدراكهم أن تغيير قانون الانتخابات باعتماد نظام الانتخاب للأفراد بدلا من القوائم سيعني آليا تلاشي الكثير من الأحزاب والمجموعات الصغيرة التي تسللت إلى البرلمان من بوابة “أفضل البقايا”، وأن التركيز سيكون على شعبية الأفراد ونظافة اليد ما يجعل أنصار الرئيس الأكثر قدرة على النجاح وتحصيل أغلبية مريحة في البرلمان.

الواجهة الجديدة لتنظيم الإخونجية

ولاحظت الأوساط ذاتها أن ظهور جبهة الخلاص الوطني الواجهة الجديدة التي يعمل خلفها تنظيم الإخونجية هدفها الرئيسي هو وقف المسار الانتقالي لقيس سعيد وسط مخاوف من أن نجاحه في إنهاء المرحلة الانتقالية المحددة بعام واحد يمكن أن يوفر أمامه فرصة البقاء لفترة أطول في الحكم خلال السنوات القادمة بسبب رصيده الشعبي.

لكنّ مراقبين سياسيين يعتبرون أن الجبهة لا تمثل عمقا سياسيا كافيا لإزعاج قيس سعيد، فهي أقرب إلى واجهة لحركة النهضة الإخونجية منها إلى قوة متنوعة وإن كانت تضم شخصيات سياسية محدودة التأثير، لافتين إلى أنه لا قيمة لجبهة سياسية لا تضع في اعتبارها استمالة الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير الواسع، والذي يرفض أن يكون ورقة بيد حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي.

وأشار المراقبون إلى أن الجبهة الجديدة تريد استثمار غضب بعض المجموعات السياسية التي كانت داعمة للرئيس سعيد وغيرت رأيها في الفترة الأخيرة بعد أن فشلت في أن تكون شريكا في السلطة الانتقالية مثل حركة الشعب القومية الناصرية أو التيار الديمقراطي الذي ينتمي إلى تيار الوسط الاجتماعي وكان قد دعم إجراءات الخامس والعشرين من يوليو بقوة ثم انقلب إلى أشد خصوم قيس سعيد الذي يرفض أن يفتح الطريق أمام المحاصصة السياسية من جديد حتى لو خسر بعض داعميه.

وحرصت قيادات من حركة الشعب مثل زهير المغزاوي وسالم الأبيض على النأي بالحركة عن مسار الخامس والعشرين من يوليو من خلال تصريحات في العديد من المنابر تحمّل قيس سعيد مسؤولية تراجع الحماس لإجراءاته وتحث على “تصحيح مسار” الخامس والعشرين من يوليو من خلال توسيع دائرة الحوار لتشمل أنصار هذا المسار.

وانضمت إلى دائرة الغاضبين من الخامس والعشرين من يوليو المستشارة السابقة للرئيس سعيد نادية عكاشة التي أطلقت انتقادات قاسية لمحيط الرئيس وأساسا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين، ما بدا وفق المراقبين وكأنه انخراط من عكاشة في موجة الضغوط الداخلية والخارجية.

انتقادات أمريكية

وانتقدت واشنطن الرئيس التونسي قيس سعيد لإعطاء نفسه حق تعيين رئيس الهيئة العليا للانتخابات، داعية إلى احترام القواعد الديمقراطية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين إن “الولايات المتحدة قلقة جدا من القرار أحادي الجانب للرئيس التونسي بإعادة هيكلة الهيئة”، وإنها “أبلغت باستمرار القادة التونسيين بأهمية حماية استقلال المؤسسات الديمقراطية الرئيسية وضمان عودة تونس إلى الحكم الديمقراطي”.

وكان الرئيس التونسي أصدر الأسبوع الماضي أمرا رئاسيا يعطيه صلاحيات لتعيين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وعضوين فيها.

مساعي الإخونجية

وتسعى حركة النهضة الإخونجية للإيحاء بأنها تجد تجاوبا خارجيا لافتا في معارضتها لقيس سعيد. ويشير أنصارها كدليل على ذلك سماح فرنسا للغنوشي بكتابة مقال في صحيفة “لوفيغارو” ينتقد فيه قيس سعيد بالرغم من ادعاءات سابقة لهم تتهم قيس سعيد بأنه محسوب على فرنسا.

وقالت سهير العسكري الناشطة السياسية والنائب السابق في البرلمان التونسي إن “الضغوط الداخلية والخارجية ضدّ توجهات الرئيس منذ الخامس والعشرين من يوليو لم تفض إلى نتائج، وإلى حدّ الآن لم تثنه عن مواصلة الإصلاح، بل زادته ثباتا، إذ مضى في حلّ البرلمان وضرب بعرض الحائط كل ضغوطات المعارضة والضغط الخارجي من الولايات المتحدة على وجه الخصوص”.

وأضافت العسكري، إنها لا تتوقع أن “يغيّر سعيّد منهجيته أو مساره في الاستفتاء أو هيئة الانتخابات أو الاستحقاقات القادمة،” مشيرة إلى أن الحكومة الفرنسية تساند قرارات الرئيس، ومواقف الغنوشي في الصحف الفرنسية تأتي في إطار الديمقراطية وممارسة حرية التعبير والصحافة، أما بالنسبة إلى الضغوطات الأميركية فإن سعيد يستقبل بصفة متكررة السفير الأميركي وسفراء أوروبيين ويشرح لهم توجهاته السياسية”.

واعتبرت سهير العسكري أن “المعارضة الداخلية للرئيس هي حالة صحيّة أمام القوى الخارجية، وتعكس أن سعيّد لا يقمع المعارضة التي تنشط ضدّه”.

ولدت ميتة

من جانبه، قال الوزير السابق حاتم العشي إن “واشنطن دائما ما تتخذ نفس المواقف وتعبّر عن قلقها وهي سياسة دبلوماسية أميركية، لكنها في نفس الوقت تتحدّث عن خارطة الطريق وتساند قيس سعيّد وما على الرئيس إلا أن يبيّن أن هيئة الانتخابات مستقلّة وخارطة الطريق ستتواصل”.

وأضاف العشي، أن “الجبهة السياسية ولدت ميتة وفاشلة من أولها، لأنها تضمّ أطرافا سبق وأن طالب التونسيون برحيلها، فضلا عن كون نجيب الشابي فشل في كل التحالفات والجبهات بعد 2011، وهذه آخر ورقة في الضغط ضدّ سعيّد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى