إسرائيل تواصل الإبادة في غزة والصليب الأحمر يؤكد استحالة تنفيذ الإخلاء الجماعي
إيرلندا وإسبانيا والسويد وهولندا تدعو إلى تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب

واصلت إسرائيل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وبحسب المصادر الطبية فان 50 شخصاً قد استشهدوا من بينهم أطفال بنيران قوات الاحتلال منذ فجر اليوم السبت، نصفهم في مدينة غزة.
ووثّقت وسائل إعلام مشاهد مؤلمة للحظات الأولى عقب وصول شهداء بينهم أطفال وإصابات إلى مجمع الشفاء الطبي جراء قصف إسرائيل منزلا لعائلة عطا الله في شارع اليرموك بمدينة غزّة.
وعلى صعيد متصل بقطاع غزة، ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” أن نحو مليون شخص في شمال قطاع غزة يواجهون أخطار النزوح، في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة، وتصنيفه المدينة “منطقة قتال خطرة”.
وأضاف “أوتشا” في بيان: “قرار إسرائيل تصنيف مدينة غزة كمنطقة قتال خطرة سيضاعف المخاطر على حياة السكان، ويعوق وصول عمال الإغاثة وقدرتهم على تقديم الدعم.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، أن عدد ضحايا التجويع ارتفع إلى 323، بينهم 120 طفلا.
بدوره، أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة عن أن 1500 مبنى سكني دمره جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل في حي الزيتون منذ مطلع أغسطس الجاري.
وأضاف الدفاع المدني في بيان له أن لجنة حقوق الإنسان قامت بزيارة مقر الدفاع المدني في محافظة خانيونس، وذلك لأخذ إفادات عدد من المصابين من طاقم الدفاع المدني الناجين من مجزرة مجمع ناصر الطبي، والاستماع إلى شهاداتهم حول ما تعرضوا له من استهداف مباشر خلال أداء واجبهم الإنساني.
الصليب الأحمر: “من المستحيل تنفيذ إجلاء جماعي”
ومن جانبها، نددت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش السبت، بخطط إسرائيل لإخلاء مدينة غزة من سكانها تمهيدا للسيطرة العسكرية عليها، مؤكدة أنه من المستحيل تنفيذ عملية إجلاء جماعية بصورة آمنة.
وقالت سبولياريتش في بيان “من المستحيل تنفيذ إجلاء جماعي لـ(سكان) مدينة غزة بطريقة آمنة وكريمة في ظل الظروف الحالية”، ووصفت خطط الإجلاء بأنها “ليست غير قابلة للتنفيذ فحسب بل لا يمكن فهمها”.
وأضافت “عملية إجلاء كهذه ستؤدي إلى حركة انتقال سكان هائلة لا يمكن لأي منطقة في قطاع غزة استيعابها نظرا إلى حجم الدمار اللاحق بالمنشآت المدنية والنقص الحاد في الأغذية والمياه والملاجئ والرعاية الطبية”.
وأردفت سبولياريتش قائلة إن أي أمر بالإخلاء “سيفرض على مدنيين يعانون أساسا من صدمة ناجمة عن القتال المتواصل منذ أشهر ويخافون مما ستحمل إليهم الأيام المقبلة”.
كما أشارت إلى أن “الكثيرين يعجزون عن تلبية أوامر الإخلاء لأنهم يتضورون جوعا وهم مرضى ومصابون أو يعانون من إعاقات جسدية”، مشددة على أن “كل المدنيين مشمولون بالقانون الدولي الإنساني أغادروا أو بقوا في المكان ويجب أن يسمح لهم بالعودة إلى ديارهم”.
“إخلاء غير قابل للتنفيذ وغير مفهوم”
وذكّرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن “القانون الدولي الإنساني يفترض أنه عند إصدار أوامر إخلاء، ينبغي أن تبذل إسرائيل كلّ ما في وسعها لتأمين ظروف لائقة للمدنيين من ملجأ ونظافة صحية ورعاية صحية وسلامة وغذاء، ولضمان عدم فصل العائلات”.
غير أنه “يتعذّر استيفاء هذه الشروط حاليا في غزة”، ما “يجعل أيّ إخلاء غير قابل للتنفيذ وأيضا غير مفهوم في الظروف الراهنة”، على حد تعبير سبولياريتش.
وحذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن “أيّ تصعيد إضافي للنزاع لن يؤدّي سوى إلى مزيد من القتلى والدمار والنزوح”، مجددة الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات على نطاق واسع إلى القطاع الفلسطيني، كما طالبت حماس بتحرير الرهائن المتبقين.
انقسام داخل الاتحاد الأوروبي
سياسيا، كشفت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي لدى وصولها السبت لحضور اجتماع مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن عن انقسامات شديدة بين وزراء التكتل.
وقالت كالاس،”إننا منقسمون حول هذه القضية… إذا لم يكن لدينا صوت موحد… حول هذا الموضوع، فلن يكون لنا صوت على الساحة العالمية. لذلك فإنها بالتأكيد معضلة كبيرة”.
وأكدت إن الوضع الإنساني في قطاع غزة لم يتحسن كثيرا، وما تقوم به إسرائيل على الأرض غير مشجع.
وأضافت كالاس أنها “ليست متفائلة كثيرا” بأن الوزراء يمكن أن يتفقوا حتى على اقتراح وصفته بأنه متساهل – لأنه أقل صرامة من الخيارات الأخرى – والذي يقضي بالحد من وصول إسرائيل إلى برنامج لتمويل الأبحاث تابع للاتحاد الأوروبي.
وإلى ذلك، دعت دول مثل إيرلندا وإسبانيا والسويد وهولندا، إلى تعليق اتفاقية التجارة الحرة للاتحاد الأوروبي مع إسرائيل. لكن الحلفاء التقليديين لإسرائيل، مثل ألمانيا والمجر وجمهورية التشيك، رفضوا اتخاذ مثل هذه الخطوة.
واعتبر وزير الخارجية الإيرلندي سايمون هاريس أنه “إذا لم يتصرف الاتحاد الأوروبي بشكل جماعي الآن ويفرض عقوبات على إسرائيل، فمتى سيفعل؟ ما الذي يمكن أن يتطلبه الأمر أكثر من ذلك؟ إن الأطفال يتضورون جوعا”.