استنتاجات سريعة بعد العدوان الإسرائيلي على إيران

عملت كل من إسرائيل وإدارة ترمب على التمويه السياسي والإعلامي على قادة إيران.
فقد أعلن الرئيس الأميركي عن رغبته استمرار المفاوضات في عمان، وتم تحديد يوم الأحد للمفاوضات مع الوفد الإيراني.
وقام نتنياهو بعقد اجتماع لمجلس الأمن الإسرائيلي المصغر لنقاش موضوع الرهائن في غزة .
وقرر إرسال مبعوثه للشؤون الاستراتيجية ديرمار إلى واشنطن للقاء ويتكوف بخصوص ملف غزة، وأعلن أنه سيأخذ إجازة للمشاركة في حفل زواج ابنه.
واحدة من الاستنتاجات الرئيسية وراء العدوان الإسرائيلي على إيران، هي فشل تحليل البعض المتعلق بسيطرة ترمب على نتنياهو، وأن الأول همش الثاني من خلال اتفاقه مع الحوثيين في اليمن، كما طلب منه عدم توجيه ضربة إلى إيران، لأنه، أي ترمب، يفضل الحل الدبلوماسي .
أثبتت التجربة أن هناك دعما لا محدود من قبل ترمب لنتنياهو، ودعونا نتذكر ماقام به نتنياهو من التنصل من اتفاق الدوحة الذي أبرم يوم 19/1 بخصوص ملف غزة، حيث ارتد عليه بعد انتهاء ستين يوما من الهدنة، وعاد لشن عدوان عسكري جديد على غزة، بدعم أميركي، كما أن العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران تم بدعم وتنسيق كامل مع إدارة ترمب، الأمر الذي يؤكد مدى تأثير النفوذ الصهيوني على قرار إدارة ترمب، بل أكثر من ذلك فقد أثبت هذا قدرة إسرائيل على توظيف القوة العسكرية والتكنولوجية والاستخباراتية الأميركية لصالحها، ضمن جدلية العلاقة العضوية المتبادلة بينهما للسيطرة علي المنطقة وإزاحة أي عناصر ممانعة لمشروع الهيمنة المشترك .
أعتقد أن المبالغة عبر تضخيم الخلافات بين ترمب ونتنياهو جانبها الصواب، حيث أن المسألة لا تعدو أكثر من كونها اجتهادات بالتكتيك في إطار البيت المشترك، أو أنها تأتي في سياق تبادل الأدوار لتضليل الرأي العام، وخاصة الطرف المستهدف، وهو إيران بهذه الحالة، كما تأتي عملية تضخيم الخلافات بهدف الرهان على أميركا بدلا من النضال ضدها، حيث تحاول أحيانا أن تظهر بدور الموضوعي والمتزن، كما حاولت ايحاء ذلك بتأكيد ترمب على رغبته في التمسك بالحل الدبلوماسي مع إيران .
ويشار هنا إلى أن إسرائيل استخدمت أسلوب الضربات الجوية المباغتة، والتي تحدث حالة من الصدمة تجاه العدو المستهدف.
فقد كررت إسرائيل نموذج استهداف حزب الله في لبنان، من حيث استهداف القادة العسكريين, وأضافت في إيران البنية التحتية وبعض المنشآت النووية وبعض العلماء .
ويذكر هنا أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية لا تهدف للتخلص من المنشآت النووية الإيرانية فقط، بل أصبحت تهدف كذلك إلى زعزعة النظام على طريق إسقاطه، خاصة مع الإرباك الكبير للقيادة الإيرانية بعد الضربة العسكرية الجوية المباغتة، والتي جرت باستخدام حوالي 200 طائرة والعديد من المسيرات لتحقيق أهدافها.
ستحاول كل من أميركا وإسرائيل استغلال حالة التضعضع بالمستوى القيادي الإيراني، لتحريض قوى بالجيش وكذلك بالمجتمع، بحجة الحماية وتجنيب البلاد الويلات، وكذلك بحجة إزاحة النظام الشمولي وتحقيق الحريات بهدف تعميق الشرخ ببنية الحكم والمجتمع داخل الدولة الإيرانية.
وعليه فإن ما حدث من هجمات يندرج بإطار الحرب وليس الضربة العسكرية.
وأعتقد أن إيران كررت ذات الأخطاء التي حصلت مع حزب الله، من حيث غياب منظومة الدفاع القوية والتحصن في مناطق سرية، وكذلك مؤشرات الاختراق التي سمحت للموساد بالعمل بحرية داخل الأراضي الإيرانية.
ما حدث من هجمات عسكرية جوية، والذي قد يتكرر بسبب ظهور عناصر الضعف الإيرانية مع الأسف الشديد يهدف إلى إزاحة الحجر الأخير أمام طريق نتنياهو باتجاه تشكيل الشرق الأوسط الجديد، والذي ستتسيد به دولة الاحتلال المشهد .
أما الحديث عن أن الهجمات تهدف إلى الضغط ضمن مفهوم المفاوضات تحت ، فلا أعتقد أنه سليم، ولكن ربما سيستخدم كتكتيك من خلال حرف الأنظار عبر التركيز على المفاوضات ( الوهمية ) التي أعلن ترمب عن تمسكه بها، وذلك بدلا من تجميع عناصر القوة الإيرانية للرد على العدوان العسكري الإسرائيلي.
وما يؤكد قرار كل من إسرائيل وأميركا التخلص من النظام الإيراني هو قدوم الأساطيل وحاملات الطائرات الأمريكية إلى المنطقة، والطلب من عائلات موظفي السفارات الأميركية بالمنطقة المغادرة بما يشي بأن التوجه الأميركي الإسرائيلي يرمي إلى التصعيد الشامل مع إيران، وعدم الاكتفاء بالملف النووي فقط.
خلال العامين السابقين أضعفت دولة الاحتلال كلا من حماس والجهاد، في إطار جرائم الإبادة الجماعية التي مازالت مستمرة على شعبنا في غزة، ووجهت ضربات قوية إلي حزب الله، وعملت على إسقاط النظام السوري، أما ضربات الحوثي صحيح أنها مزعجة ولكنها غير مؤثرة .
إن ضعف الفعل العربي على جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وعدم استخدام ورقة الاستثمار مقابل وقف المجزرة في غزة، وكذلك وقف الضم والتهويد بالضفة والقدس بالعلاقة مع ترمب شجعه هو ونتنياهو لاتخاذ قرار العدوان علي إيران.
الأمل يبقى بالشعوب التي سقاوم نهج الهيمنة والاستعباد الإسرائيلي، والتي لن تسمح بأن تحكم تحت عنوان العصر الصهيوني .