الأسئلة الصعبة؟!

عبد المنعم سعيد

ليس سهلا أن تجيب على الأسئلة هذه الأيام سواء جاءت ممن يطلبون المعرفة، طلبة أو دارسين، أو من العامة الحائرين؛ أو من الإعلام الذي عادة في مصر يصيغ السؤال بطرق عجيبة مثل كيف ترى الحالة أو الصورة أو المشهد في المنطقة؟ الإجابة عليها أن تغوص في تلابيب أحداث كثيرة، كما أن الوضع دائما له مقدماته وتاريخه، وكل أشكال الإعلام فيها من نقل ما يجري الكفاية؛ أو هكذا يكون الظن!

إذا كان الأمر أكثر تحديدا مثل ما رأيك في القمة العربية الإسلامية المنعقدة في الدوحة؟ ذلك يعني أن السائل يقودك إلى فخ، فهو إذا كان قائما بواجبه قد قرأ البيان الختامي، وإذا لم يكن فهو يعلم كل البيانات السابقة. وإذا أجبت بذلك فإن السائل ينظر إليك متعجبا أن الإدانة والشجب والاستنكار لا تعني الكثير لأن عدد القتلى والجائعين في غزة لا تفيدهم البيانات كثيرا.

في لحظة واحدة تصبح مسؤولا شخصيا عن نتائج الواقع المؤلم ولا يوجد خلاص إلا من موقف حاد.

«الحرب» عادة لا تذكر صراحة ولكنها في كل الأحوال تظل معلقة فوق السؤال، فلا يجد من يسأل إلا أن يقول لك محاضرة في أنه ليست إسرائيل هي المشكلة وإنما الولايات المتحدة إلتى تعينها وتسلحها وتقف بجوارها في المحافل الدولية.

ما جرى على إسرائيل من قبل، من حرب وقطع علاقات وإنهاء معاهدات السلام، سوف يصعد إلى واشنطن فورا لكي يكون مقاطعة اقتصادية بما فيها النفط ومغالبة الاستثمارات الأميركية في المنطقة. باختصار فإن انقلاب العالم رأسا على عقب سوف يكون طريقنا إلى الخلاص الفلسطيني والشرق أوسطي، وربما الدنيا بأسرها.

إذا كانت الأسئلة بهذه النوعية من التعقيد والتركيب الكوني فإن الإجابات كثيرًا ما تكون مستحيلة. السائل يبدأ دائما بأن أي حل لن يكون مقبولًا من إسرائيل، ولا الولايات المتحدة بالطبع حيث ترامب الذي لا يشق له غبار. مسؤولياتنا في الشأن نفسه -أي حرب غزة والعدوان الإقليمي من البحر الأحمر إلى الخليج العربي- لا يوجد لها مكان. أثناء كل ذلك فإن النية تكون منعقدة على ناصية «مفيش فايدة» وترجمتها أن هناك «عقلية إسرائيلية» تبقى على حالها، ووراءها موقف أميركي لا يتغير، بل إنه الأصل والأكثر وحشية.

الصورة تظل دائما متشائمة فيها قدر من الظن أن واشنطن وفي جانبها مستعمرون آخرون يريدون الانتقام من العرب عامة ومن المصريين خاصة. الأسباب لا تذكر أبدا وأحيانا تكون المواقف تعود للحملات الصليبية؛ وفى كل الأحوال لا يراد أبدا الحديث عن لحظات لامعة كان فيها النصر قائمًا، والتفاوض سائرًا، والتحرير ممكنًا.

أحيانا يبدو التركيز على إشفاء الغليل، والانتقام لأيام صعبة حتى ولو كان واجبًا الوصول لأيام أصعب منها. في كل الأحوال تذوب الأحوال الداخلية، وخطة التنمية السائرة، والرؤية التي تقترب نهايتها بعد خمس سنوات؛ ولا يبقى بعد ذلك كله إلا ذوبان تعريف القضية!



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى