الحكومة الأفغانية تستعين بالميليشيات وطالبان تتقدم

ينتظر أمراء الحرب في أفغانستان أن تتجه الحكومة إليهم مجددا، في وقت يستعين فيه الجيش الأفغاني بشكل متزايد بالمليشيات لتعزيز صفوفه، لمواجهة تقدم حركة طالبان الإرهابية السريع شمالي البلاد بالفترة الأخيرة.

باتريسيا غوسمان، مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” في آسيا، تعتبر أن “الدعوات الأخيرة إلى مثل هذه التعبئة ستفاقم على الأرجح حالة الشرذمة، وستضر بسلسلة القيادة والسيطرة، ما سيزيد المخاطر على المدنيين”.

غير أن ما يثير المخاوف هو أن مثل هذه المليشيات غالبا ما تخرج عن أوامر الجيش، وقد يحاول قادتها إعادة تفعيل اتصالاتهم السابقة مع أجهزة استخبارات أجنبيه لعرض الدفاع عن مصالحها لقاء الحصول على سلاح وتمويل.

زعماء الأقليات

في الأثناء، بدأ زعماء جدد داخل الأقليات الإثنية الأفغانية بتدريب مجنّدين وتسليحهم، ما قد يؤجج الانقسامات العرقية والدينية، ويصب الزيت على النار المستعرة.

أطراف عديدة تحكم الصراع الداخلي من أجل السلطة، تخضع بدورها لضغوط مختلفة سليلة التطورات والمتغيرات، ما يفاقم الضبابية في هذا البلد الغارق بالحرب منذ عقود من الزمن.

ومع انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية في أفغانستان، تُفتح جبهة جديدة سواء على الصعيد المحلي، أو في اللعبة الإقليمية الكبرى، في إطار سعي الأطراف -داخليا أو خارجيا- إلى التأثير على الديناميكية على الأرض وإعادة التموضع.

فيما يلي، أبرز الأطراف في الصراع المتصاعد من أجل السلطة في أفغانستان:

الجيش الأفغاني

يتبنى الجيش الأفغاني مقاربة يعتبرها ناجحة إلى حد ما في حربه مع حركة طالبان الإرهابية، حيث يركز جهوده على الاحتفاظ بالمدن، فيما ينحصر نفوذ الحركة المسلحة على مناطق ريفية قليلة السكان، أي بلا وزن ديمغرافي.

استراتيجية قد تحافظ على موازين القوى لصالح الجيش على الأرض، غير أن حركة طالبان الإرهابية تستثمر بسط نفوذها عبر “بروباجندا” تندرج في إطار حرب نفسي تعطي الانطباع بتحقيق النصر والتقدم وإن تكن المناطق التي سيطرت عليها بلا أي قيمة حقيقية.

لكن، ورغم ما تقدم، إلا أن ذلك لا ينفي الضغوط الشديدة المسلطة على الجيش الأفغاني منذ بدء انسحاب القوات الأجنبية مطلع مايو/ أيار الماضي، فيما تشن حركة طالبان هجمات متواصلة في معاقلها جنوبي البلاد وهجوما كاسحا في الشمال.

أندرو واتكينز، من مجموعة الأزمات الدولية قال لوكالة “فرانس برس” إن “معظم الأقاليم التي سقطت كانت ثمارا ناضجة تقع في مناطق نائية حيث يصعب إرسال تعزيزات وإمدادات، ولا قيمة عسكرية استراتيجية لها”.

من جانبهم، لم يستبعد محللون أن تنقل طالبان، بالفترة المقبلة، تركيزها نحو عواصم الولايات والمدن الكبرى، ما يعني أن قدرة الجيش على تخطي هذا الهجوم الصيفي عقب خسارته الإسناد الجوي الأمريكي الحاسم، قد تحدد مستقبل الحكومة الحالية.

حركة طالبان الإرهابية

الانسحاب الأجنبي من أفغانستان منح طالبان حافزا معنويا كبيرا، حيث شنت سلسلة من الهجمات خلال الأسابيع الماضية سيطرت خلالها بشكل جزئي أو تام على حوالي مئة إقليم منذ مطلع مايو الماضي.

تمدد تدرك الحركة أنه سيمنحها أسبقية على الأرض سواء عاجلا أم آجلا، مستفيدة من الفراغ الذي خلفته القوات الأجنبية وغياب الإسناد، وهذا ما يفسره عدم اهتمامها بالدخول في محادثات مع الحكومة، بل قد تفضل الحركة انتزاع السلطة بالقوة، ما يمهد لسيناريوهات خطيرة.

جوناثان شرودن، الخبير في “مركز التحاليل البحرية” (سي إن إيه) المستقل للدراسات، يرى أنه “على الصعيد الاستراتيجي، يبدو من المنطقي السعي لاختبار قوات الأمن الأفغانية في غياب دعم أمريكي لمعرفة إلى أي حد يمكنها الوصول”.

الرئيس الأفغاني

مع أنه يبدو معزولا عن الأحداث، لكن المؤكد هو أن الرئيس الأفغاني أشرف غني بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حلفاء أكثر.

رجل صلب وهادئ -كما تصفه تقارير إعلامية محلية-، قادر على الاحتفاظ بتوازنه وهدوئه حتى في خضم التوترات الأخيرة واشتداد الضغط على حكومته وتعاقب الهزائم العسكرية.

ومؤخرا، قام غني بتغيير وزيري الداخلية والدفاع، في قرار قد يتوقف عليه مستقبله السياسي، خصوصا أن الرجل بحاجة إلى الاحتفاظ بالدعم الأمريكي له.

لاعبون إقليميون

جبهة جديدة في اللعبة الإقليمية الكبرى يفتحها الانسحاب الأجنبي في أفغانستان، إذ تسعى دول الجوار للتأثير على الديناميكية على الأرض وإعادة التموضع بإزاء مختلف اللاعبين.

باكستان على سبيل المثال، تدعم حركة طالبان منذ عقود، وقد تستفيد منها إذا ما استعادت السلطة، في هدف يرنو إلى قطع الطريق على الهند، خصمها الأكبر، من تعزيز موقعه في أفغانستان، ما سيشكل خطرا على حدودها الغربية.

كما تعمل إيران على ترسيخ حضورها، فبعدما كادت أن تدخل في حرب مع طالبان في التسعينات، تمارس الآن نفوذا هائلا على فصيل كبير واحد على الأقل من المتمردين.

طهران تبقي أيضا على علاقات مع بعض زعماء الحرب الذين قاتلوا طالبان خلال الحرب الأهلية، لفتح آفاقها تحسبا لأي تطورات ومتغيرات في اللعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى