الحكومة الأفغانية تطالب بفرض عقوبات على حركة طالبان الإرهابية

الولايات المتحدة تستعد لسقوط العاصمة كابول في غضون 90 يوماً

أعلنت السلطات الأفغانية، الأربعاء، عن مصرع مئات من مسلحي حركة طالبان الإرهابية، فيما وصل الرئيس أشرف غني إلى مدينة مزار الشريف، شمال البلاد، التي تسعى الحركة إلى الاستيلاء عليها، والتقى الرجل القوي في المدينة، عطا محمد نور، وزعيم الحرب المعروف عبد الرشيد دوستم.

وطالبت الحكومة الأفغانية، على لسان وزير الخارجية محمد حنيف أتمر، المجتمع الدولي، لإعادة فرض عقوبات على حركة طالبان الإرهابية، التي باتت تسيطر على ربع عواصم الولايات في البلاد (9 عواصم)، في تقدّم عسكري سريع، يدفع الولايات المتحدة إلى الاستعداد لسقوط كابول بأسرع ممّا كانت تتوقّع، في غضون شهر إلى 3 أشهر، وفقاً لتقييم استخباراتي أميركي، نقله مسؤولون في إدارة بايدن. 

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن وزير الخارجية الأفغاني، محمد حنيف أتمر، قوله إن الهجوم الذي تشنّه الحركة ينتهك التزاماتها للولايات المتحدة، بموجب اتفاق السلام المبرم بين الجانبين، في فبراير 2020، والذي عجّل بالانسحاب العسكري الأميركي، معتبراً أن ذلك يستدعي رداً دولياً صارماً. وحضّ الولايات المتحدة ودولاً أخرى على الردّ، من خلال إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن، التي منعت قادة طالبان من السفر، واستخدام القوة العسكرية ضد الحركة.

وأضاف، “على المجتمع الدولي أن يتحد لوقف هجمات طالبان الإرهابية على المدن. هذا تهديد للسلم والأمن الدوليين، وليس مجرد تهديد لأفغانستان. ستؤدي الهجمات على المدن إلى عواقب مزعزعة للاستقرار في المنطقة والمجتمع الدولي، ليس فقط من خلال تدفق اللاجئين، ولكن أيضاً مع وصول مزيد من المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان، ممّا سيمهّد لوصول مجموعات إرهابية أخرى مستقبلاً”.

واعتبر أتمر،  أن طالبان “خدعت العالم بأسره”، لافتاً إلى أن إقامة أغلب قيادات الحركة في العاصمة القطرية الدوحة، يتيح فرض العقوبات عليها.

سقوط كابول

في غضون ذلك، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيين، حاليين وسابقين، إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تتهيأ لسقوط كابول بأسرع ممّا كانت تخشى قبل أسبوعين، إذ أن التفكك الأمني السريع للقوات الحكومية، أدى إلى مراجعة تقييم استخباراتي، كان يرجّح سقوط العاصمة في غضون 6 إلى 12 شهراً، بعد رحيل القوات الأميركية.

وقال مسؤول إن تقديرات الجيش الأميركي تشير الآن، إلى إمكان سقوط العاصمة في غضون 90 يوماً، فيما قدّر آخرون حدوث ذلك خلال شهر. وذكر مسؤولون أنهم يرون أن الوضع في أفغانستان أكثر خطورة ممّا كان عليه في يونيو الماضي، عندما قدّر مسؤولون استخباراتيون أن السقوط قد يحدث بعد 6 أشهر على انسحاب القوات الأميركية. وقال مسؤول مطلع على التقييم الاستخباراتي الجديد، “كل شيء يسير في الاتجاه الخاطئ”.

وأشارت “واشنطن بوست” إلى تراجع الدعم الأميركي للأفغان بدرجة كبيرة، حتى صار يُقدم الآن من بعيد. ورجّحت أن تنتهي الضربات الجوية الأميركية المحدودة ضد طالبان الإرهابية، هذا الشهر، مع استكمال الانسحاب العسكري، إن لم يغيّر بايدن سياسته.

البيت الأبيض

لكن الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، اعتبرت أن المسؤولية تقع الآن على عاتق القادة الأفغان. وأضافت أن “الرئيس يعتقد بأن سيطرة طالبان على كابول، أو البلد بأكمله، ليست حتمية، وأن عليهم أن يظهروا إرادة سياسية في هذه المرحلة للمواجهة، وواضح أن هناك عملية سياسية نواصل دعمها”، في إشارة إلى المفاوضات المتعثرة منذ فترة طويلة بين طالبان والحكومة الأفغانية. وأكدت ساكي أن بايدن “طلب من فريقه تقييماً واضحاً للمراجعة بشأن العواقب المحتملة”.

في السياق ذاته، أكد بايدن أنه “ليس نادماً” على قراره بالانسحاب من أفغانستان. وأضاف أنه على الأفغان “أن يقاتلوا من أجل أنفسهم، وأمّتهم”، وتابع: “أنفقنا أكثر من تريليون دولار في 20 عاماً، درّبنا وجهّزنا أكثر من 300 ألف جندي أفغاني”. واستدرك أن الأميركيين “سيفون بوعدهم”، لجهة مواصلة دعمهم الجيش الأفغاني، لوجستياً ومالياً.

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، ذكر أن “الموفد الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، وصل إلى الدوحة للدفع من أجل استجابة دولية جماعية”، علماً أن العاصمة القطرية تستضيف اجتماعاً دولياً، مع ممثلين من قطر والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة وأوزبكستان وباكستان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وسبق أن أعلنت الخارجية الأميركية عزمَ زلماي خليل زاد إجراء محادثات في الدوحة، من أجل “الضغط على طالبان لوقف هجماتها”. وأضافت: “سيتوجه السفير خليل زاد إلى الدوحة للمساعدة في صوغ استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان”.

استمرار سقوط الولايات

ميدانياً، نقلت وكالة “فرانس برس” عن النائب الأفغاني ذبيح الله عتيق، أن طالبان، استولت على مدينة فايز آباد، عاصمة ولاية بداخشان في شمال البلاد، وهذه هي تاسع عاصمة ولاية تسيطر عليها الحركة خلال أقلّ من أسبوع. وأشار إلى أن “الجانبين تكبّدا خسائر فادحة”، علماً أن الحركة أكدت سيطرتها على المدينة.

وأعلنت الحركة، الثلاثاء، سيطرتها على مدينة بل خمري، عاصمة ولاية بغلان، التي تبعد 200 كيلومتر شمال كابول، بعدما استولت على عواصم 7 ولايات أفغانية من 34، بينهما 5 من عواصم الولايات التسع في الشمال، في ظلّ قتال مستمر في العواصم الأربع الأخرى.

ورجّحت “فرانس برس” ألا تبطئ طالبان، الوتيرة السريعة لتقدّمها، إذ ضيّقت الخناق على مزار الشريف، كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ، والتي سيعني سقوطها خروج هذه المنطقة عن سيطرة الحكومة بالكامل. وذكّرت الوكالة بأن شمال أفغانستان اعتُبر معقلاً للمعارضة في مواجهة الحركة، بعد تسلّمها السلطة في تسعينيات القرن العشرين.

وتقاتل القوات الحكومية مسلحي الحركة في ولايتَي قندهار وهلمند جنوباً، فيما تستكمل القوات الأجنبية انسحابها، والذي يُرجّح إنجازه بحلول 31 الشهر الجاري، بعد عقدين على الغزو الأميركي لأفغانستان وإطاحتها بحكم “طالبان”، إثر هجمات 11 سبتمبر 2001.

ومع التقدّم السريع للحركة، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، قتل 439 من مسلحي الحركة، وجرح 77 آخرين، في 24 ساعة خلال عمليات لقواتها في ولايات ننغرهار ولغمان ولوغار وبكتيا وأروزغان وزابول وغور وفرح وبلخ وهلمند كابيسا وبغلان.

ونقلت “واشنطن بوست” عن بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه”، قاد مراجعة السياسة الأميركية تجاه أفغانستان وباكستان، خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2009، إن الموقف في أفغانستان “لا يدعو إلى التفاؤل”، واصفاً إياه بأنه “أسوأ ممّا توقع كثيرون أن يحدث سريعاً”. وأضاف: “يكمن الخطر في أن زخم الهجوم الطالباني سيجتاح الحكومة الأفغانية، وستنهار دفاعات كابول”.

محادثات السلام مع طالبان “ماتت”

وفي محاولة لتجنّب سقوط مزار الشريف، وصل أشرف غني إلى المدينة، حيث يعتزم “تفقد الوضع الأمني العام في المنطقة الشمالية”، كما ورد في بيان أصدره قصر الرئاسة.

والتقى غني الرجل القوي في مزار الشريف، عطا محمد نور، وزعيم الحرب المعروف عبد الرشيد دوستم، بشأن الدفاع عن المدينة، وفق “فرانس برس”. وقبل ساعات من وصول غني، أظهرت صور نشرتها حسابات حكومية على مواقع التواصل الاجتماعي، دوستم يستقلّ طائرة في كابول إلى جانب كتيبة من عناصر مسلّحة، في طريقه إلى مزار الشريف.

وكانت وكالة “بلومبرغ” أفادت بأن الرئيس الأفغاني اعتبر أن محادثات السلام مع طالبان “ماتت”، مشيرة إلى يناقش فكرة تسليح مدنيين، والتعاون مع “أمراء حرب”، لمنع الحركة من إسقاط حكومته في كابول. وأضافت الوكالة أن المزاج في قصر الرئاسة بكابول “أسوأ من أي وقت”، وغني يشعر بـ”عزلة متزايدة”، مع انسحاب الولايات المتحدة ونيل “طالبان” دعماً دبلوماسياً من دول أساسية، مثل باكستان وروسيا والصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى