القيادي الفلسطيني محمد دحلان يعلن قبوله بحل “الدولة الواحدة”

ويرحب بالشراكة السياسية مع الجميع من أجل فلسطين

أعلن زعيم التيار الإصلاحي في حركة فتح محمد دحلان، قبوله بحل “الدولة الواحدة” كخيار تحدي بعد أن حطمت إسرائيل أسس حل الدولتين وأدارت ظهرها لعملية السلام وانتهكت كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

وأكد مساعيه من أجل استعادة وحدة حركة فتح و إنهاء مرحلة التفرد والإقصاء وحالة التردي التي أرادها البعض للحركة.

تصريحات دحلان جاءت أمام المؤتمر التنظيمي لتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح الذي يعقد الأربعاء، ورحب فيها بالشراكة السياسية مع الكُل الوطني، مشيرًا إلى أنّ التيار الذي يتزعمه يواصل المسار الذي اختاره لنفسه، أصبح رقماً صعباً لا يمكن لأحد أن يتجاوزه وأصبحنا جزء من المعادلة الوطنية.

وشدد دحلان على أنّه لا خلاف لدينا من أحد ونرحب بمن يريد العلاقة معنا من أجل فلسطين، ومن أجل القدس.

وأضاف أن دولة الاحتلال انتهكت كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وأنا أقبل بالدولة الواحدة كخيار تحدي بعد أن حطم الاحتلال أسس حل الدولتين.

مراقبون يجمعون على أهمية الدعوة

أجمع مراقبون فلسطينيون على أهمية الدعوة التي أطلقها زعيم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، محمد دحلان حول القبول بحل “الدولة الواحدة” كخيار تحدي بعد أن حطمت إسرائيل أسس حل الدولتين وأدارت ظهرها لعملية السلام وانتهكت كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

واستبعد المراقبون قبول إسرائيل بهذا الحل السياسي لما يمثله من خطوة على المشروع الصهيوني القائم على الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي وإقرار القوانين العنصرية التي تتنصل لحقوق الشعب الفلسطيني والتي كان آخرها قانون “القومية” الذي أقره الكنيست الإسرائيلي.وقال مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، إن دعوة دحلان بقبول حل الدولة الواحدة هي دعوة مهمة لكنها تصطدم بجدار الرفض الإسرائيلي الذي يمارس نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد” ويعمل ليل نهار على تهويد الأرض والمقدسات ومصادرة الأراضي لصالح مخططات التوسع الاستيطاني”.

تهديد مُبطن للحكومة الإسرائيلية

واعتبر أبو سعدة، أن دعوة دحلان حول هذه الرؤية السياسية تلويح وتهديد مُبطن للحكومة الإسرائيلية من أجل الضغط عليها ودفعها للقبول بالقرارات الدولية والانصياع للشرعية الدولية وعملية السلام، مستدركاً بأنه يتوجب التوافق على الحلول الممكنة للصراع المستمر منذ أكثر من 70 عاما، سواء فيما يتعلق بحل الدولتين أو حل الدولة الواحدة التي قدمها دحلان، خلال مؤتمر تيار الإصلاح الديمقراطي المنعقد في غزة ، أو أي حلول أخرى تكون محل إجماع وطني.

وأضاف، “رغم حالة “الموت السريري” الذي يعاني منه “حل الدولتين” إلا أن هذا الحل هو الأنسب لدى المجتمع الدولي ولكافة الأطراف الدولية من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

وأشار إلى أن إسرائيل استبقت كل الحلول السياسية من خلال سياسة الاستيطان وتوطين اليهود في الضفة الغربية، حيث يعيش أكثر من 700 ألف يهودي في مستوطنات منتشرة في عموم الضفة الغربية المحتلة، كما أنه لا يوجد أي مكون سياسي في إسرائيل يمكن له الحديث عن المفاوضات وإبرام اتفاق سلام حقيقي مع الفلسطينيين، متسائلا، “كيف يمكن للاحتلال القبول بحل الدولة الواحدة، بما يشكله من تهديد حقيقي للمشروع الصهيوني؟!”.

وأوضح أنه في حال مارس العالم والإدارة الأمريكية ضغوطا على إسرائيل واضطرت للخضوع للإرادة الدولية فإنها ستقبل بـ”حل الدولتين” على حساب “الدولة الواحدة”. لأنه يمثل انتكاسة سياسية وقومية لإسرائيل ولن تقبل به بأى شكل من الأشكال.

وفاة حل الدولتين

واتفق الكاتب طلال الشريف مع أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبو سعدة على أن حل الدولتين (لم يعد قائما وهو مات بالفعل) نتيجة ممارسات سلطات الاحتلال، وفرض سياسة الأمر الواقع.

وأشار الشريف، إلى أن أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه “حل الدولة الواحدة” التي طرحها رئيس تيار الإصلاح محمد دحلان، هي عدم موافقة إسرائيل على حل الدولة الواحدة وخاصة بعد إقرار وتنفيذ قرار القومي اليهودية ومحاولاتهم المستمرة لطرد عرب ١٩٤٨، فيما يشكل ارتفاع منسوب العداء لدرجات غير مسبوقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الظرف الراهن أهم التحديات التي تواجه حل الدولة الواحدة.

وفيما يتعلق باتفاق الفلسطينيين مع دعوة دحلان لـ«حل الدولة الواحدة» قال الشريف، “ليس بالطبع جميع الفلسطينيين يؤيدون حل الدولة الواحدة رغم أن الفرصة مواتية للضغط على إسرائيل من الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل إذا ما تبنته الأمم المتحدة ودعمته الدول الخمس الكبرى”.

قوة إصلاح حقيقية

وفيما يتعلق بموقف الفصائل من المؤتمر التنظيمي الذي عقده تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أوضح الشريف أن الفصائل والقوى والأحزاب السياسية الفلسطينية، ستأخذ وقتا لاستيعاب المتغير الجديد بعقد مؤتمر الإصلاحي في فتح.

وشدد الشريف على أن التيار الإصلاحي بات قوة إصلاح حقيقية وهناك مؤشرات قوية في بيان دحلان، أمام المؤتمر بعدم مغادرة “فتح” من هؤلاء الإصلاحيين وعلى الأحزاب والفصائل تقدير هذه الإصلاحات التي ترتفع بالعملية التنظيمية والطرح السياسي إلى مستوى أكثر مسؤولية من “فتح” والرئيس محمود عباس، خاصة وأن كثيرا من ملامح عدم الرضا والخلاف مع سياسة الرئيس عباس نحو الاحتلال واحترام الحريات وكذلك تراجع وضعف باقي التنظيم الفتحاوي الذي يقوده عباس.

وذكر أن الفصائل والقوى السياسية، يجب أن تساعد في إنهاض حركة فتح بعدما عانت هذه الأحزاب والفصائل من تلك السياسات العقيمة لرئيس فتح الذي أضعف فتح وأضعف الحالة الوطنية بمجموعها أدت لتراجع الحالة الفلسطينية وتقرير مصير الشعب الفلسطيني.

وحول موقف قيادة فتح “اللجنة المركزية”، والرئيس محمود عباس، قال الشريف، “هم لا يريدون إصلاحا وقد غرقوا في الديكتاتورية والقمع داخل فتح، وخارجها من التنظيمات والشعب الفلسطيني.. ولن تقبل الديكتاتورية من يدعو للإصلاح أو يعمل عليه بل ستحاربها بكل السبل”.

توافق استراتيجي

أما الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني فرأى أن ما طرحه القيادي محمد دحلان يناقشه الكثيرون من المراقبين والسياسيين، خاصة أنه لم يعد ممكنا تطبيق “حل الدولتين” في ظل السياسية الإسرائيلية التوسعية الاستيطانية في القدس المحتلة والضفة الغربية ومناطقها المختلفة، وفي ظل الفصل المتعمد والأبدي الذي ترسخه إسرائيل في قطاع غزة من خلال فصلها عن الضفة الغربية.

وأضاف الدجني، “المناورة السياسية” التي أطلقها دحلان من خلال القبول بالدولة الواحدة، من المهم أن يتم العمل عليه في إطار توافق استراتيجي وطني فلسطيني وليس في إطار فصائلي أو شخصي، ويجب أن تتحول فلسطينيا إلى عملية عصف ذهني بين كافة مكونات النظام السياسي الفلسطيني، والعمل بشكل جماعي على خطة استراتيجية للمناورة مع الاحتلال وإظهاره بأنه نظام فاشي لا يقبل التعايش والمدنية وهو نظام لا يقبل القانون وعنصري قائم على التوسع والاستيطان”.

واتفق الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل بما طرحة الدجني، موضحاً أن دعوة القيادي الفلسطيني، محمد دحلان حول القبول بـ”الدولة الواحدة” يمكن قراءاتها على أنها مناورة سياسية جديدة، لكنها تصطدم بالعقل الإسرائيلي غير المؤمن بهذا الحل نظرا لخطورته الكبيرة على المشروع الصهيوني، مستدركاً أن الواقع والجغرافيا يقول إن إسرائيل لن تقبل بهذا الحل كونها تريد السيطرة على الأرض والمقدسات وتريد إنهاء الهوية الوطنية الفلسطينية، وبالتالي من الصعب أن تجد مسؤولاً إسرائيليا واحدا يقبل بحل الدولة الواحدة.

المناخ الثقافي والفكري

وأوضح الدجني، أن أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه الرؤية السياسية التي طرحها دحلان حول حل “الدولة الواحدة” هو عدم قبول إسرائيل ولا المجتمع الدولي بهذا الحل، مبيناً أن المجتمع الدولي قام بتصدير المشكلة اليهودية في بلاده إلى منطقتنا العربية، وهو يخشى أن تؤدي فكرة الدولة الواحدة إلى زيادة الهجرة العكسية لليهود إلى بلادنا، وهو يعلم أن اليهود لا يستطيعون العيش إلا مع بعضهم البعض ومناطق وكانتونات معزولة عن محيطها وهو ما تخشى منه أوروبا التي تخلصت منذ عقود من الأزمة اليهودية.

وأوضح أن إسرائيل لا ترغب بالمطلق بخيار حل الدولة الواحدة كونه يمثل تهديا حقيقيا على المستوى الاستراتيجي لليهود من خلال الأغلبية الديمغرافية للفلسطينيين.

وتابع الدجني، “عدم تهيئة المناخ الثقافي والفكري لدى المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني بعدم قبول حل الدولة الواحد يمثل تحديا آخر لهذا الفكرة “.

تباين مواقف

وأكد الدجني أن الفكرة التي طرحها دحلان ستلقى تباين في الرأي بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني وبين من يرى أن واجب تحرير فلسطين وعودتها إلى أصحابها وبين من يرى أن حل الدولتين مسألة استراتيجية لا يمكن التنازل عنها، وهناك أيضا من يقبل بهذه الدعوة التي طرحها دحلان خلال خطابه في المؤتمر التنظيمي لساحة غزة، منوهاً إلى أن الساعات والأيام القادمة ستشهد نقاشا موسعا بين مختلف المكونات حول هذه الدعوى.

وأكد الكاتب والمحلل السياسي، شرحبيل الغريب، أن الحديث عن حل الدولتين صار ضربا من الخيال في ظل الممارسات الإسرائيلية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني وفي ظل سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي.

وقال الغريب، “حل الدولتين مات ولم يعد له أي أفق سياسي أو تفاوضي في ظل الحكومة الإسرائيلية التي تعلن تنصلها منه، وأن مجرد الحديث عنه سيمس بالائتلاف الحكومي المتطرف والمشكل من 8 أحزاب يمينية متطرفة كل حزب له حساباته الخاصة”.

وأضاف أن المتتبع لسلوك الاحتلال يدرك أن الحكومة الإسرائيلية، تعزف نحو التطرف بعيدا عن الإيمان بالحلول السياسية وكل الأحداث والمجريات على الأرض تؤكد رفض إسرائيل لحل الدولتين خاصة تلك التي تم اتخاذها في ظل الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وشدد الغريب على ضرورة أن يتوصل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية إلى استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين وتستهدف من خلالها تغييب الهوية الفلسطينية وإنهاء الوجود الفلسطيني، منوهاً إلى أهمية إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة في مواجهة تلك التحديات، والعمل على عقد لقاء وطني جامع للبحث في كافة الحلول الممكنة التي تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.

ويعتبر حل الدولة الواحدة هو حل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي، يقوم على إنشاء دولة واحدة في فلسطين تشمل ما يعرف اليوم بإسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة بحيث يكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية في الكيان الموحد، وبينما يتبنى البعض هذا التوجه لأسباب أيدولوجية، فإن البعض الآخر يرى فيه الحل الوحيد الممكن نظرا للأمر الواقع القائم على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى