المؤسسة لا تلتزم بـ”المبادئ الإنسانية”… استقالة رئيس مؤسسة إغاثة غزة الأمريكي جيك وود

قال جيك وود رئيس مؤسسة إغاثة غزة، الخاصة المدعومة من الولايات المتحدة والمكلفة بتوزيع المساعدات في القطاع وفق خطة إسرائيلية أميركية، أن المؤسسة لا تلتزم بـ”المبادئ الإنسانية” في عملها، معلناً استقالته من مهمة رئاستها.
وذلك وسط رفض الأمم المتحدة ووكالاتها التعاون مع المؤسسة نظراً لمخاوف من استخدام الخطة كـ”غطاء لتهجير الفلسطينيين“.
وأضاف جيك وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية وتولى منصب المدير التنفيذي لمؤسسة إغاثة غزة قبل شهرين، في بيان إنه استقال لأن المؤسسة لم تستطع الالتزام “بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، والتي لن أتخلى عنها”.
وبرزت مؤسسة إغاثة غزة غير الربحية Gaza Humanitarian Foundation، المعروفة اختصاراً بـ(GHF) مع تصاعد الضغط الدولي على إسرائيل بسبب الأوضاع في غزة، إلا أن الخطة لقيت معارضة من الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية التي أعربت عن مخاوف من أن الخطة قد تستخدم كغطاء لتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه.
ورغم أن الخطة تم تقديمها في البداية على أنها مبادرة أميركية، إلا أنها نشأت في إسرائيل خلال الأسابيع الأولى من الحرب على غزة.
تفاصيل خطيرة عن خطة توزيع المساعدات في غزة
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قد كشفت تفاصيل خطيرة عن خطة إسرائيل الجديدة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، والتي تواجه معارضة من المنظمات الإغاثية والأممية، تمنح مهمة توزيع المساعدات في القطاع إلى “منظمات خاصة غامضة حديثة التأسيس”، وداعمين ماليين مجهولين.
وأشات الصحيفة إلى أن الخطة التي تقديمها على أنها مبادرة أميركية، نشأت في إسرائيل خلال الأسابيع الأولى من الحرب على غزة.
وأضافت أن مؤيدي هذه المبادرة التي تهدف إلى “تقويض سيطرة حركة حماس في غزة، وتجاوز الدور التقليدي للأمم المتحدة في توزيع المساعدات”، يصفونها بأنها “مستقلة ومحايدة”، مشيرين إلى أنها تُدار بشكل أساسي بواسطة متعاقدين أميركيين.
يقودها ضابط في CIA
ولفتت الصحيفة إلى أن المجموعة الرئيسية المسؤولة عن الأمن في هذا المشروع ستكون تحت إدارة فيليب إف. رايلي، وهو ضابط سابق برتبة رفيعة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، بينما يقود عملية جمع التبرعات جيك وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية، والذي صرَّح في مقابلة مع “نيويورك تايمز” بأن “هذا النظام الجديد سيتم تطبيقه قريباً بشكل تدريجي”.
الخطة إسرائيلية
وعند الإعلان عن هذه الخطة في أوائل مايو الجاري، نفى السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، أن تكون الخطة إسرائيلية بالكامل، قائلاً إن “وصفها بأنها إسرائيلية هو وصف غير دقيق تماماً”.
إلا أن الصحيفة نقلت عن مسؤولين إسرائيليين وأشخاص مشاركين في المبادرة وآخرين مطلعين على نشأتها، قولهم إن الخطة كانت “من بنات أفكار إسرائيل”، واقترحها مسؤولون إسرائيليون خلال الأسابيع الأولى من الحرب في غزة.
وذكرت “نيويورك تايمز” أن الخطوط العريضة لهذه الخطة نوقشت لأول مرة في أواخر عام 2023 خلال اجتماعات خاصة ضمت مسؤولين حكوميين وعسكريين ورجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية.
“منتدى مكفيه يسرائيل”
وأطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم “منتدى مكفيه يسرائيل”، نسبةً إلى الكلية التي عقدوا فيها اجتماعهم في ديسمبر 2023، واتفق قادة المنتدى تدريجياً على فكرة التعاقد مع شركات خاصة لتولي عملية توزيع الغذاء في غزة، متجاوزين بذلك دور الأمم المتحدة.
وطوال عام 2024، سعى أعضاء المنتدى إلى كسب دعم القادة السياسيين والعسكريين داخل إسرائيل، وبدأوا بتطوير خطتهم بالتعاون مع متعاقدين أجانب، على رأسهم فيليب رايلي.
تجاوز دور الأمم المتحدة
وكان الهدف الأساسي من الخطة هو “تقويض سيطرة حماس على غزة”، فضلاً عن تجاوز دور الأمم المتحدة التي لا يثق بها المسؤولون الإسرائيليون ويتهمونها بـ”التحيّز ضد تل أبيب”، بحسب الصحيفة.
ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، فإنه بموجب هذه الخطة سيتم نقل عملية توزيع المساعدات إلى مناطق تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي بدلاً مما تعتبرها الخطة “مناطق فوضوية وخارجة عن السيطرة”.
غطاء على خطة تهجير الفلسطينيين
لكن مسؤولي الأمم المتحدة اعترضوا على الخطة، معتبرين أنها ستحد من وصول المساعدات إلى مناطق واسعة من غزة، وستضع المدنيين في خطر، لأنها ستجبرهم على السير لمسافات طويلة عبر خطوط جيش الاحتلال الإسرائيلي للحصول على الغذاء.
كما حذرت الأمم المتحدة من أن النظام الجديد قد يُستخدم كغطاء لخطة إسرائيلية لتهجير المدنيين من شمال غزة، حيث من المتوقع أن تقتصر عمليات التوزيع على جنوب القطاع.
وبحسب الخطة الجديدة، ستتولى مجموعة Safe Reach Solutions التابعة لفيليب رايلي، إلى جانب شركات أمنية أخرى، تأمين أربع نقاط توزيع في جنوب غزة.
ويُشرف على التمويل جيك وود من خلال مؤسسته غير الربحية Gaza Humanitarian Foundation، والتي من المقرر أن تحل تدريجياً محل نظام الأمم المتحدة الحالي الذي يوفر الغذاء في مئات المواقع في جميع أنحاء غزة.
وفي مقابلة مع الصحيفة، وصف وود، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، النظام الجديد بأنه “ليس مثالياً”، لكنه أكد أن “أي كمية من الغذاء تدخل غزة اليوم تفوق ما دخلها بالأمس”.
وزعم وود أن مؤسسته “مستقلة” عن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وأنه لم يتلق أي تمويل منها، وأنه دفع باتجاه إنشاء نقاط توزيع في شمال غزة.
وتابع: “لن أشارك في أي خطة، بأي صفة كانت، إذا كانت امتداداً لخطة جيش الاحتلال الإسرائيلي أو الحكومة لتهجير السكان قسراً في أي مكان داخل غزة”، وفق قوله.
فريق التخطيط
وتعود جذور المشروع إلى بدايات حرب غزة في 2023، عندما تم استدعاء مئات الآلاف من الجنود الاحتياطيين الإسرائيليين، وتمكن عدد منهم من الوصول إلى مناصب مؤثرة في الحكومة والجيش.
وتشكلت شبكة غير رسمية من مسؤولين وضباط ورجال أعمال متقاربين في التفكير، رأوا أن الحكومة وجيش الاحتلال يفتقران إلى استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع غزة، فبادروا إلى وضع خطة بديلة، بحسب الصحيفة.