المعارضة التركية: أردوغان يجرّ البلاد بسرعة إلى الهاوية

ويختلق مؤامرات خارجية لتبرير وضع الاقتصاد الحالي

شنت المعارضة التركية هجوماً جديداً على رئيس النظام رجب طيب أردوغان، واتهمته بـ”جرّ البلاد إلى الهاوية”، ووصفت قراره بإعلان سفراء 10 دول “غبر مرغوب فيهم”، بأنها محاولة لصرف الانتباه عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا.

جاء ذلك بعدما قال أردوغان، السبت، إنه أمر وزارة الخارجية التركية باعتبار سفراء 10 دول، من بينها الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، بعد دعوتهم إلى الإفراج عن رجل الأعمال عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017 دون إدانة.

وكتب كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أبرز قوى المعارضة التركية، على تويتر، أن أردوغان “يجرّ البلاد بسرعة إلى هاوية”، مضيفاً: “سبب هذه التحركات ليس حماية المصالح الوطنية، ولكن إثارة أسباب مصطنعة لتدمير الاقتصاد” التركي.

شاهدنا هذا الفيلم سابقاً

أما النائب يافوز أغيرالي أوغلو، نائب رئيس حزب “الخير” القومي المعارض، فقال مخاطباً أردوغان: “شاهدنا هذا الفيلم سابقاً. عُدْ فوراً إلى جدول أعمالنا الحقيقي والمشكلة الأساسية لهذا البلد، الأزمة الاقتصادية”.

واعتبر الدبلوماسي التركي السابق سنان أولجن، رئيس معهد “إيدام” (مقره إسطنبول)، أن توقيت أردوغان كان متناقضاً، لأن تركيا تسعى إلى إعادة ضبط سياستها الخارجية بعيداً من حلقات التوتر في السنوات الأخيرة.

وكتب على “تويتر”: “ما زلت آمل بألا تمضي أنقرة في هذا الأمر”، واصفاً ذلك بأنه إجراء يُعتبر سابقة بين دول حليفة في الناتو. وأضاف: “مؤسسة السياسة الخارجية تجهد لإيجاد صيغة مقبولة أكثر. لكن الوقت ينفد”.

وتتهم السلطات التركية كافالا (64 عاماً) بالسعي إلى زعزعة استقرار تركيا، من خلال “تمويل” تظاهرات مناهضة للحكومة وأردوغان، حين كان رئيساً للوزراء في عام 2013، ثم اتُهم بمحاولة “الإطاحة بالحكومة”، خلال محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في عام 2016.

الدول العشر تجري مشاورات

واستدعت وزارة الخارجية التركية، سفراء تلك الدول، الثلاثاء الماضي، بعد يوم على إصدارهم بياناً دعا إلى “تسوية عادلة وسريعة لقضية كافالا”، علماً أن الدول العشر الموقعة على البيان هي: كندا، وفرنسا، وفنلندا، والدنمارك، وألمانيا، وهولندا، ونيوزيلندا، والنرويج، والسويد، والولايات المتحدة. واعتبرت خارجية النظام التركي أن “البيان بشأن إجراء قانوني في يد قضاء مستقل، هو أمر غير مقبول”.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في الخارجية الألمانية، أن الدول العشر تجري مشاورات بشأن إعلان أردوغان، طرد سفرائها، علماً أن 6 منها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، كما أن 7 منها حليفة لتركيا في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وذكّرت “رويترز” بأن أردوغان أعلن، في عام 2018، أن تركيا ستقاطع السلع الإلكترونية الأميركية، خلال نزاع مع واشنطن. لكن مبيعات البضائع لم تتأثر. وفي العام الماضي، دعا أردوغان مواطنيه إلى مقاطعة السلع الفرنسية، نتيجة ما وصفه بجدول أعمال “معادٍ للإسلام” ينتهجه الرئيس إيمانويل ماكرون، لكنه لم يتابع هذا الأمر.

ونقلت الوكالة عن مصدر دبلوماسي تركي قوله إن قراراً بشأن السفراء قد يُتخذ، خلال جلسة للحكومة التركية الاثنين، مضيفاً أن وقف التصعيد محتمل، نظراً إلى مخاوف بشأن التداعيات الدبلوماسية المحتملة، علماً بأن أردوغان أعلن أنه سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن في روما نهاية الأسبوع، على هامش قمة مجموعة العشرين.

وتفيد اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بأن أي دولة يمكنها إبلاغ البعثة الدبلوماسية لدولة أخرى، بأن موظفاً غير مرّحب به. وهذا البلد قد يستدعي ذاك الشخص، أو يُنهي دوره في الدولة المضيفة.

الأزمة الاقتصادية

وأشارت “رويترز” إلى أن هذه الأزمة الدبلوماسية تتزامن مع مخاوف مستثمرين من تراجع الليرة التركية إلى مستوى قياسي في مقابل الدولار، بعدما دفع أردوغان المصرف المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل غير متوقع، بمقدار 200 نقطة الأسبوع الماضي.

وأضافت الوكالة أن أردوغان سيطر على المشهد السياسي في تركيا منذ عقدين، مستدركة أن الدعم لائتلافه الحاكم تآكل بشكل كبير، قبل الانتخابات الرئاسية والنيابية المرتقبة في عام 2023، لا سيّما نتيجة ارتفاع حاد في تكلفة المعيشة.

ويتوقّع صندوق النقد الدولي نمواً اقتصادياً في تركيا بنسبة 9٪ هذا العام، لكن التضخم يزيد عن ضعف ذلك، وانخفضت الليرة بنسبة 50٪ في مقابل الدولار، منذ آخر فوز انتخابي لأردوغان، في عام 2018.

مناورة حمقاء لتعزيز الشعبية المتدهورة لأردوغان

واعتبر إمري بيكر، من مجموعة “أوراسيا” للاستشارات (مقرها لندن)، أن التهديد بطرد السفراء فيما يواجه الاقتصاد “تحديات هائلة، ليس مدروساً في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال (يشكّل) مناورة حمقاء لتعزيز الشعبية المتدهورة لأردوغان”.

وأضاف أن “على أردوغان أن يبرز سلطته لأسباب سياسية داخلية”، مذكّراً بأن الدول التي يُطرد سفراؤها تردّ عادة بطرد انتقامي. ونبّه إلى أن ذلك “يفاقم صعوبة العلاقات مع واشنطن والاتحاد الأوروبي”.

أما سونر كاغابتاي، وهو باحث تركي في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” (مقره واشنطن)، فلفت إلى أن الدول المعنية من أبرز الشركاء تجاريين لتركيا.

وكتب على “تويتر”: “يعتقد أردوغان بأنه يستطيع الفوز في الانتخابات التركية المقبلة، من خلال تحميل الغرب مسؤولية مهاجمة تركيا، على الرغم من الوضع المؤسف لاقتصاد البلاد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى