بعد التحولات على موقف تركيا… البوسنة أحد الملاذات الآمنة لتنظيم الإخونجية

بعد التحولات التي طرأت على موقف النظام التركي من تنظيم الإخونجية، ورفضه منح الجنسية لنحو 100 شخص من التنظيم، واتجاه حكومة أنقرة لتقليص نشاطهم وترحيل عناصرهم، وعلى رأسهم الإرهابي جدي غنيم تمهيدا للتقارب مع مصر، بدأ التنظيم في البحث عن ملاذات آمنة جديدة خارج تركيا، من بينها خيار التوجه إلى البوسنة لحصد ثمار 30 عاما من نشاطهم هناك.

اختيار التنظيم للبوسنة كملاذ جديد وآمن لعناصرها نابع من تواجدها في تلك الدولة وتغلغل نشاطها فيها، حيث استغلت الإخونجية الحرب العرقية هناك، ووضعت موطئاً لقدمها حتى باتت منتشرة وصار لها كيانات وشركات وتجمعات.

ستار تقديم المساعدات

يتواجد الإخونجية في البوسنة منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي حيث تواجد من قياداتها بشكل شبه دائم فيها، وتحت ستار تقديم المساعدات الإغاثية الدكتور أحمد الملط وعبد المنعم أبو الفتوح والأخير كان الأخطر والأكبر دورا في فرض نفوذ التنظيم، وتغلغلها وفقا لنصيحة من معلمه في التنظيم محمد فريد عبد الخالق، الذي كان له كتاب بعنوان مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك، عام 1993.

استغل أبو الفتوح الأوضاع هناك وحاجة البلاد للمساعدات ولملمة جراح وآثار الحرب العرقية لتدشين كيانات وتجمعات تابعة للتنظيم، وكان للإخونجية دور كبير فى دعم مسلمي البوسنة سواء من حيث الدعم العسكري أو المادي أو المعنوي.

كانت بداية عمل أبو الفتوح في البوسنة ومعه القيادي أشرف عبد الغفار باعتبارهما مسؤولَيْ إغاثة تابعين لنقابة الأطباء المصرية، وأسس أشرف عبد الغفار مؤسسة تدعى “التضامن” وانزوى تحتها كل قيادات الإخونجية في البوسنة على رأسهم حشمت خليفة، حتى دخل حمزة زوبع القيادي الإخونجي المعروف والذي له نشاط إعلامي كبير في إسطنبول عام 2003 موجها من إخونجية الكويت واستقر في سراييفو وحصل على الجنسية البوسنية.

 المشروعات الدعوية

في عام 1994 توجه وفد من التنظيم عرف باسم لجنة “المناصرة” للبوسنة ضم أبو العلا ماضي القيادي الإخونجي ومؤسس حزب الوسط، والسيد عبد الستار المليجي، أمين عام نقابة العلميين وقتها، ومحمود حسين قائد جبهة إسطنبول والقائم بعمل المرشد حاليا وكان وقتها وكيل نقابة المهندسين وكانت الزيارة للمشاركة في ندوة حول تعمير سراييفو، بعد انتهاء الحرب، وبحث فرص تأسيس الجماعة لشركات وكيانات تابعة لها للتغلغل في تلك الدولة.

أسست الإخونجية فرعا تابعا لهم في البوسنة باسم جماعة الشباب المسلمين، وفي عام 2013 حضر مفتي التنظيم يوسف القرضاوي باعتباره رئيس جمعية علماء المسلمين العالمية، وعقد جلسات مطولة في المجلس الأوروبي للفتوى واجتمع مع القيادي البوسني الدكتور مصطفى سيريتش أحد أعضاء جمعية علماء المسلمين، وهو عضو بالمجلس الأوروبي للفتوى ومعروف صلاته القوية بالتنظيم ومؤسساته الدولية.

وبحسب ما يقول الباحث المصري في ملف حركات الإسلام السياسي، عمرو عبد المنعم، يعتبر حزب العمل الوطني الديمقراطي البوسني – الذي تأسس في مايو من العام 1990 من جانب علي عزت بيجوفيتش – ذو ميول إخونجية، وبه قيادات كثيرة كان أبرزهم محمد الفاتح علي حسنين، وهو سوداني وكان مدعوما بشكل كبير من حسن الترابي، رئيس حزب المؤتمر الوطني في السودان.

في البوسنة نجح تنظيم الإخونجية -كما يقول عبد المنعم- في تأسيس عدد من الجمعيات الخيرية والتي تقوم على عدد من المشروعات الدعوية، وأسسها قيادي قديم في الإخونجية يسمي حسن الشرقاوي وهو أحد قيادات الإخونجية 1965، حيث يدير التنظيم عددا كبيرا من المشاريع الاستثمارية التي تدر دخلا كبيرا وتسيطر على البلديات الحكومية في سراييفو والأقاليم المجاورة أو المحيطة بها.

الملاذات الآمنة

ووفق ما يذكر أحد قدامي الإسلاميين في البوسنة وهو المصري محمد إبراهيم النجمي فإن الحزب بدأت شعبيته مؤخرا في التهاوي بسبب الفساد والمحسوبية الكبيرة التي اشتهرت عنه، وقد تم القبض مؤخرا شخصيتين قريبتين من الإخونجية من رؤساء البلديات الحكومية هناك بتهمة الفساد وتسهيل بعض الأعمال لشركات خاصة تابعة للتنظيم وهم سناهد مميتش وإبراهيم بيرك وحتي الآن مازالت السلطات تحقق معهما.

ويضيف عبد المنعم أنه مع بداية العام حدثت ثلاثة اجتماعات للتنظيم الدولي للإخونجية في البوسنة، وكان أول هذه الاجتماعات بسبب الاستعداد لافتتاح عدد جديد من الشركات التابعة لهم في سراييفو، وإرسال عدد من العناصر الإخونجية في تركيا للعمل فيها والإقامة بها، وشارك فيها حمزة زوبع والدكتور أسامة سليمان.

وناقش اجتماع التنظيم الثاني الإعداد للانتخابات التركية والاستعدادات المستقبلية في حالة خسارة أردوغان، وكان السؤال ماذا سيكون مصير الخلايا الإخونجية في تركيا في حالة رحيل أردوغان؟ وطرح في هذا الاجتماع اختيار النمسا والبوسنة وكوسوفو لتكون ملاذات آمنة للقيادات الإخونجية كبديل لتركيا.

ويتابع عبد المنعم أن الاجتماع الأخير كان منذ شهر تقريبا وحضره قيادي بوسني يدعى محمد تولتش ويتولى رئاسة جمعية الثقافية والتعليم، ويرتبط بعدد من المنظمات الإقليمية الداخلية بالإضافة إلى صلاته بمجموعة إخونجية تركيا، وعلى رأسهم حمزة زوبع وكان الاجتماع يخص مناقشة عمل عدد من الشركات الاستثمارية في البوسنة والتي تديرها مجموعة محمود حسين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى