حرب أوكرانيا.. مسار بطيء نحو السلام

جيفري كمب

قبل أسبوعين تقريباً من الآن، تجدد الأمل في إمكانية إنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا. فقد أقنعت محادثاتٌ أجراها مسؤولون أميركيون مع كل من روسيا وأوكرانيا الرئيسَ دونالد ترامب بأن الوقت قد حان لجمع طرفَي النزاع ومحاولة التوسط في وقفٍ لإطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى مفاوضات سلام.

وباهتمام إعلامي كبير، استضاف ترامب في 15 أغسطس قمةً في ألاسكا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأعقبت ذلك قمة أخرى احتضناها البيت الأبيض في 18 أغسطس مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين بارزين.

كانت قمة ألاسكا مثيرةً للإعجاب من الناحية البصرية، وبدت للحظة قصيرة وكأنها تعيد تأهيل صورة بوتين في بعض الأوساط الغربية. فقد استُقبل بوتين بحفاوة بالغة، واستقبله ترامب شخصياً، وأقيم عرض جوي لطائرات عسكرية أميركية في إطار الترحيب به. ومع ذلك، لم تُسفر المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس، ولا الاجتماع الخاص بين الرئيسين، عن أي نتائج ملموسة.

وفي المؤتمر الصحفي المشترك، لم يجب أيٌّ من الزعيمين على أسئلة الصحفيين، وتبيّن لاحقاً أن الجانب الروسي رفض بشكل قاطع دعوةَ ترامب إلى وقف إطلاق النار.

لم يُسفر اجتماع البيت الأبيض عن أي تقدم ملموس يُذكر، رغم تحسن العلاقة الشخصية بين زيلينسكي وترامب مقارنةً بلقائهما المتوتر في 28 فبراير الماضي. وأثنى القادة الأوروبيون على جهود ترامب، الذي أعلن عن خطط لعقد اجتماع ثنائي مستقبلي بين بوتين وزيلينسكي. لم يتم تحديد موعد، فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لاحقاً على أن الأمر يتطلب تحضيراتٍ موسعةً قبل عقد مثل هذا اللقاء.

وأكد هذا وجهة نظر المتشككين بأن روسيا ليست في عجلة من أمرها، وأن تحسين علاقاتها مع ترامب قد يقلل خطر فرض عقوبات إضافية عليها أو توسيع الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا. ورغم هذه الإخفاقات، ظهرت نتائج إيجابية محتملة. فقد اتفق كلٌّ مِن القادة الأميركيين والأوروبيين على أن أي تسوية يجب أن تتضمن ضماناتٍ موثوقةً لأمن أوكرانيا.

ومِن غير المرجّح أن تلتزم الولايات المتحدة بنشر قوات برية كجزء من قوة لحفظ السلام، لكنها قد تسهم بوسائل أخرى: القوة الجوية، والاستخبارات، والخدمات اللوجستية، والتدريب، ونقل الأسلحة. ورغم أن روسيا ستعترض بالتأكيد على هذه الإجراءات، فإن أي ضمانات لأوكرانيا ستفتقر إلى المصداقية في غياب دور أمني أميركي فعّال.

ويرى منتقدو دبلوماسية ترامب أن روسيا لن تقبل بالتنازلات اللازمة لتحقيق سلام دائم، إذ يبدو أنها لا تزال يعتقد بأنها قادرة على تحقيق النصر عسكرياً. ومن وجهة نظر موسكو، تظل شروط السلام مقبولة فقط إذا تمت إعادة دمج أوكرانيا في «روسيا الكبرى» أو تحويلها إلى دولة تابعة لا تربطها علاقات رسمية مع الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولمواجهة هذه الطموحات، سيتعين على ترامب اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد روسيا، لا سيما من خلال استهداف نقاط الضعف في اقتصادها، والنظر في رفع القيود المفروضة على الصواريخ الأميركية بعيدة المدى القادرة على ضرب عمق أراضي الطرف الآخر.

ويبرز تردد ترامب في مواجهة موسكو ضعف استراتيجيته الحالية. فالتوصل إلى إنهاء الحرب بشروط مقبولة لأوكرانيا وأوروبا ومجلس الشيوخ الأميركي يتطلب تبني نظرة نابعة من فلسفة حلف «الناتو».

وقد يبدو وصف استراتيجية ترامب بأنها «غير متماسكة» قاسياً، لكنه الوصف الذي استخدمه جون بولتون، مستشاره السابق للأمن القومي، والذي يعكس آراءَ كثير من المحافظين الداعمين لقوة التحالف الغربي.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى