حرب الميليشيات تستعر في طرابلس

إخونجية ليبيا يخشون اقتراب ساعات الحسم الدولي للأزمة في ليبيا

شهدت العاصمة الليبية طرابلس اليوم الإثنين، اشتباكات مسلحة بين الميليشيات من مدينة الزاوية وأخرى من الزنتان موالية لآمر المنطقة العسكرية الغربية، أسامة الجويلي، وكلتاهما تتبعان قوات حكومة السراج، كما شهدت انفجارا ضخما في مخزن للذخيرة تتخذه إحدى المجموعات المسلحة مقرا لها في حي سيدي عبد الجليل بمنطقة جنزور غرب المدينة، وذلك بالقرب من مقر البعثة الأممية، التي لا تبعد سوى أمتار قليلة من موقع الانفجار.

وقال مصادر محلية إن الاقتتال اندلع من أجل السيطرة على منطقتي السواني الكريمية ذات الطابع التجاري، والتي تضم معسكرات مهمة، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة.

وهذه ثاني اشتباكات في أقلّ من أسبوع، بين ميليشيات المدينتين التي تربط بينهما علاقات متوّترة رغم محاولات المصالحة بينهما، حيث دخلت القوتان في معركة طاحنة منذ يوم الخميس الماضي، بمحيط “معسكر 7 أبريل”، قبل أن يتم احتواؤها.

وقال مصدر من العاصمة طرابلس، إن هذه الاشتباكات المتجددة والمتواصلة هي “معارك لتقاسم الغنيمة والمواقع”، مضيفاً أن المواجهات بين ميليشيات مدينتي الزاوية والزنتان “تتجاوز معركة الصراع الخفيّ على السلطة بين وزير الدفاع النمروش، الذي ينحدر من الزاوية وأسامة الجويلي من الزنتان، وهي عبارة عن حالة تدافع تقوم بها ميليشيات الزنتان للدفاع عن حجمها وموقعها كقرية نائية على سفح الجبل، خاصة بعد خروج قاعدة الوطية الجوية عن سيطرتها وهي التي كانت مركز قوّتها”.

وتابع المصدر أن مدينة الزنتان بقيت شريكة في السلطة والمال والنفوذ في ممرات التهريب، ولكن عندما خسرت قاعدة الوطية، تمت إعادة صياغة مناطق النفوذ وبدأت تنحسر سياسيا، وبالتالي فهي تحاول اليوم أن تزيد من رقعة سيطرتها في العاصمة طرابلس، استباقا لعملية تستهدف وجودها وإزاحتها من العاصمة، وستعول كثيرا على طول أمد الحرب ليتم اعادة صياغة اتفاق جديد بموجبه تبقي على نفسها طرفا في المعادلة السياسية وتقاسم ونهب الموارد.

ويرى المراقبون أن الاشتباكات والتفجير يأتي في إطار الرسائل الضمنية من تنظيم الإخونجية الإرهابي قبيل انعقاد المؤتمر الدولي الثاني في برلين، والذي تنظمه ألمانيا وترعاه الأمم المتحدة للتأكيد على الحلول والأطر الدولية التي تقضي بضرورة تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها وحظر مدها بالسلاح التركي، وهو ما أقره مؤتمر برلين الأول في يناير 2020، وأكدته المبادرة المصرية في يونيو من العام نفسه.

ويعتبر الإخونجية أن مخرجات هذه المؤتمرات الدولية تضييقا على مشروعهم في ليبيا، لذلك تعلن الميليشيات عن وجودها مع توقعات بعمليات إرهابية أخرى.

ومن بين ما أشار إليه المراقبون من خطوات لإعاقة الوصول إلى حلول للأزمة الليبية، هو محاولة التنظيم الإرهابي القفز وتجاوز كل الاتفاقات الدولية والإقليمية وحتى الليبية السابقة، لإعادة المسارات إلى المربع رقم صفر، بدعوى الحفاظ على الثورة، وذلك في حال لم يكن لهم دور في المسارات اللاحقة.

واليوم الاثنين دعا الإخونجي، محمد الهنقاري، إلى تشكيل حكومة حرب وإنهاء حكم المجلس الرئاسي، وكتب على صفحته بموقع “فيسبوك”: “علي رجال (بركان الغضب) تحمل المسؤولية التاريخية ضابطا وجنودا وقوات مساندة، بالعمل على استلام زمام السلطة المدنية والعسكرية بتشكل حكومة (حرب) وإنهاء المجلس الرئاسي الذي أصبح منهكا وفاشلا ويقع تحت سيطرة الأزلام والمخابرات الأجنبية المعادية”.

ويشير المراقبون الى أنه مع اقتراب ساعات الحسم الدولي للأزمة في ليبيا، تنتاب التنظيم حالة هستيرية ويفزع قياداته إلى حواضنهم الخارجية في أنقرة والدوحة، وبالتوازي مع ذلك يحركون أدواتهم التخريبية وعناصر ميليشياتهم داخل البلاد لفرض وجودهم وحصولهم على مقعد فيما يجري من ترتيبات.

وكانت مصادر أمنية ليبية كشفت، أن الإخونجي خالد المشري رئيس ما يعرف بـ”مجلس الدولة” الاستشاري في طرابلس، أجرى محادثة هاتفية مطولة، مساء الأحد، مع أمير قطر تميم بن حمد.

وتناولت المكالمة مستقبل التنظيم الإرهابي وطرق الضغط على مؤتمر “برلين 2” للحفاظ على مكاسب التنظيم وأدواته المليشياوية في الداخل الليبي.

وأشارت المصادر إلى أن الاتصال جاء تحسبا لصدور قرارات دولية جديدة تقضي بحل الميليشيات وحظر السلاح وتثبيت وقف إطلاق النار، وهي أبرز الموضوعات المطروحة على مائدة المجتمعين، في ظل غياب قطر بعد استبعادها من مسارات الحل الدولي للأزمة في مؤتمر برلين السابق يناير 2020، مع بقاء تركيا ممثلا لمصالح إخوان ليبيا في المؤتمر الدولي.

وبالتوازي مع الاتصال الإخواني مع الممول القطري، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس حكومة طرابلس، فايز السراج، في أنقرة في زيارة فسرها المراقبون بأنها رسالة تركية للمؤتمر تفيد باستمرار دعمه للسراج وبقاء أردوغان مرشدا للتنظيم الإرهابي.

ويقول الدكتور عبد المنعم اليسير، عضو المؤتمر الوطني السابق، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الليبي العام (2012 – 2014)، إن جماعة الإخوان الإرهابية حققت مكاسب الفترة الماضية تحاول الحفاظ عليها أو بعضها بشتى الطرق.

وأضاف اليسير في تصريحات صحافية، أن الفوضى الأمنية في غرب ليبيا تسمح للتنظيم الإرهابي بالمناورة والضغط بتحريك ميليشياتها بأريحية والقيام بعمليات إرهابية وتفجيرات متكررة.

وأشار إلى أن أكبر مصيبة تعاني منها ليبيا هي سيطرة جماعة الإخونجية التي اجتهدت قدر وسعها لعرقلة تمكين القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية وساهمت بقوة في تفتيت ما كان متبقيا من أجهزة أمنية، لأنها تعلم أن الاستقرار سيضعها أمام المساءلة على جرائمها السابقة.

وفي السياق ذاته، يقول عضو البرلمان الليبي الدكتور علي التكبالي، إن التنظيم الإرهابي حاول مؤخرا عبر بعض عناصره رشوة بعض الموظفين بالبعثة الأممية، لتمكينهم من حضور مؤتمر جنيف، في محاولة منهم للحصول على بعض المناصب.

وأشار التكبالي إلى استئثار جماعة الإخونجية بالمناصب وإبعادها كل من ينافسها عن المشهد، مدللا على ذلك بطرد جميع من هم لا ينتمون إليها من المجلس الأعلى للدولة، ليظلوا هم المسيطرين عليه.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى