طرابلس فوق صفيح ساخن

البعثة الأممية في ليبيا تطالب بفرض سيادة القانون واحترام حق التعبير السلمي عن الرأي

بدأت الأمور في العاصمة الليبية طرابلس تتجه نحو مزيداً من التعقيد، فالشعب لم يعد قادراً على تحمل الفساد وسوء الأوضاع المعيشية التي يواجهها بفضل قيادته، بالرغم من توفر الأموال والعائدات من موارد البلد الغني.

وتتسارع وتيرة الأحداث في طرابلس مع استمرار الحراك الشعبي الرافض للأوضاع المتدهورة، التي قادت حكومة السراج العاصمة الليبية إليها، وكشف أيضا القناع عن الصراع الدائر داخل أركان البيت السياسي لحكومة السراج، المتجلي في محاولة الانقلاب على السراج.

وكانت مصادر إعلامية ليبية قد أفادت، الجمعة، بأن مجموعات طرابلس في القوة المشتركة أحبطت انقلابا خطط له وزير الداخلية المقال فتحي باشا آغا، ورئيس المجلس الأعلى للدولة بحكومة السراج خالد المشري، وتنظيم الإخونجية، فما كواليس هذا الانقلاب، والأحداث التي قادت إليه؟

أولى ارتدادات هذا الحراك، تمثلت قرار المجلس الرئاسي إيقاف وزير الداخلية فتحي باشا آغا عن العمل، للتحقيق معه في ملفات لها صلة بهذه التظاهرات. وتم تكليف وكيل وزارة الداخلية خالد التيجاني بتسيير مهام الوزارة.

وحسب ما رشح من تقارير إعلامية، فإن إقالة باشا آغا، تأتي في سياق محاولة انقلاب ضد السراج، بتنسيق مع تنظيم الإخونجي ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

التقارير أشارت أيضا إلى أن مجموعات طرابلس في القوة المشتركة، هي من أحبطت الانقلاب المخطط له، كما توقعت تلك التقارير صدور قرارات تكميلية ضد قيادات تنظيم الإخونجية المتغلغلة في السلطة.

وكشفت هذه الأحداث، عن خلافات نشبت خلال الفترة الماضية بين بعض الميليشيات الداعمة للسراج، وقوات وزارة داخلية حكومة السراج.

وقال الكاتب والباحث السياسي عبد الحكيم فنوش، إن ما حدث هو “تجسيد حقيقي للصراع على السلطة بين المجلس الرئاسي للسراج، ومجلس الدولة، وباشا آغا”.

وأضاف: “هذه الخلافات كانت على أشدها خلال الفترة الماضية، والصراع بين باشا آغا وميليشيات طرابلس لم يتوقف على الإطلاق”.

كما أشار رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الإستراتيجية محمد الأسمر، إلى أن طرابلس “باتت مقسمة بين 3 محاور”.

وحسب الخبير السياسي، فإن “المحور الأول يمثله الشعب الذي خرج للتظاهر، والثاني المجلس الرئاسي والسراج، والثالث محور باش آغا ومن يواليه من ميليشيات وكذلك المتمركزون في مصراتة مسقط رأسه”.

وأشار الأسمر إلى دور كبير لخالد المشري في الأزمة الحالية، فهو “عضو حزب العدالة والبناء الإخونجي، ورئيس المجلس الاستشاري الأعلى للدولة الذي لا يمكن للمجلس الرئاسي أن يصدر قرارا إلا بالرجوع إليه”.

وأوضح الأسمر أن “المشري هو المبادر بكل التصريحات الداعمة للترتيبات التركية على الأراضي الليبية، خاصة بعد إبرام اتفاق 17 نوفمبر”، الخاص بترسيم الحدود والتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس.

وكان باشا آغا قد اتهم كتائب وجماعات مسلحة موالية لحكومة السراج، بفتح النار على المتظاهرين وشن حملة اعتقالات بحقهم، نافيا ارتكاب القوات التابعة له اعتداءات على الحراك الشعبي.

كما أبدى وزير الداخلية الموقوف استعداده للمثول للتحقيق، مطالبا بأن تكون المساءلة علنية.

ويرى مراقبون أن زيارة باشا آغا والمشري إلى تركيا، قد تكون لها صلة بالمخطط الانقلابي، الذي لم تتكشف بعد كل أسراره.

وفي سياق متصل، طالبت البعثة الأممية في ليبيا، في بيان صدر عنها، السبت، بفرض سيادة القانون في ليبيا وباحترام حق التعبير السلمي عن الرأي.

واعتبرت البعثة الأممية، أن البلاد تشهد “تحولاً لافتاً” يؤكد الحاجة “لعملية سياسية شاملة”.

وانتقدت استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين والاعتقال التعسفي بحق المدنيين الذين خرجوا على مدى الأيام الماضية في طرابلس ومدن غرب ليبيا للتنديد بالفساد وبتردي الأوضاع المعيشية.

وأعربت البعثة عن قلقها من “زيادة التقارير عن انتهاكات في كل أنحاء ليبيا”. وشددت على ضرورة العودة إلى عملية سياسية شاملة في ليبيا.

بدورها، دعت السفارة الألمانية في ليبيا، المسؤولين الليبيين لتوخي الحذر واحترام حقوق المواطنين.

من جهته، أصدر نشطاء “حراك 23 أغسطس” في ليبيا، السبت، بيانا أدانوا فيه قتل مجموعة القوة المشتركة أحد المتظاهرين، في منطقة غوط الشعَّال في طرابلس ليل الجمعة.

وطالب “حراك 23 أغسطس“، المجلس الرئاسي، بـ”إصدار أوامر للكتاب لإطلاق الشبان المعتقلين”، وذلك بعد اعتقال متظاهرين شاركوا في الاحتجاجات التي خرجت في طرابلس، رفضا لتدهور الأوضاع المعيشية.

وشدد البيان على أن “وزير الداخلية الموقوف عن ممارسة مهامه فتحي باشا آغا، جزء من منظومة الفساد، وهو مسؤول أيضا عما يحدث حاليا في طرابلس”.

وفي وقت سابق اليوم (السبت)، توفي شاب متأثرا بجراحه التي أصيب بها خلال إطلاق النار على المتظاهرين الذين خرجوا في شوارع طرابلس قبل أيام، مطالبين حكومة فايز السراح بتحسين أوضاعهم المعيشية، ليصبح أول ضحية لرصاص الميليشيات التي تحاول قمع الحراك الشعبي المطالب بالتغيير.

وأكدت مصادر ليبية متطابقة وفاة الشاب الليبي، الذي لم يعلن عن اسمه، في إحدى مستشفيات العاصمة، على إثر إصابته برصاص أطلقته ميليشيات موالية للسراج مساء الجمعة الماضي على المتظاهرين في أحد أحياء طرابلس السكنية.

وكان الشاب القتيل ضمن مجموعات من الشبان الليبيين الذين منعتهم ميليشيات طرابلس المسلحة من الوصول إلى ميدان الشهداء وسط العاصمة الليبية.

وشهدت مدينة طرابلس الليلة الماضية فوضى سببتها الميليشيات المسلحة التي أطلقت النار بشكل عشوائي على الشبان العزل، وكان من بينهم نساء، وقد خرجوا جميعا من أجل المطالبة بحياة أفضل.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى