دور الإخوان في إشعال الحروب والصراعات

منير أديب

إذا نشبت الحرب في دولة ما أو دبّ الصراع فيها، فعليك أن تنتبه إلى دور الإخوان المسلمين؛ فلهم في الفوضى موضع قدم لا يُخطئه التنظيم الذي يقتات على هذه الصراعات، ولديه القدرة على تخليقها إذا غابت أو اختفت.

وضع خير دليل عليه تلك الصراعات التي بموج بها العالم، والتي صنعتها الجماعة على عينها وعاشت على رحاها.

إن الإخوان هم من أشعلوا الحرب في السودان ودعموها في ليبيا وكانوا وقودها في اليمن وشرارتها في سوريا، بعد أن مهدوا لها في مصر، إلا أن القاهرة أجهضت وهدمت مخططهم، واجهتهم بنفس القوة حتى لا يسرقونها على عين أبنائها في وضح النهار.

إن الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية صنعها الإخوان أو حاولوا استغلالها على أحسن تقدير؛ إلا أن هناك دولا تعافت سريعًا ونجحت في عدم الوقوع في الفخ؛ مثل: تونس والمغرب والجزائر والقاهرة، وهناك من بات أسيرًا لها، كما هو مشار للدول سالفة الذكر.

استغل الإخوان الحرب الأوكرانية بهدف إنشاء حركة جهادية في شرق القارة الأوروبية، كما استغلوا الوضع المضطرب في النيجر بهدف دعم الفوضى في البلد الأفريقي حتى يستكملوا مربع العنف مع مالي وبوركينا فاسو وحتى يصل التهديد إلى كل دول الساحل والصحراء ومنها إلى كل القارة السمراء.

لم يغب دور التنظيم المصنف إرهابيا في مصر في السعي نحو الفوضى والصراعات المسلحة عن المنطقة العربية، فهم كانوا لهيب وشرارتها أي حرب تندلع في مناطق الصراع المختلفة في الشرق والغرب؛ فعندما نقترب من فهم ما يدور في السودان نفاجأ بأنهم هم من أطلقوا الرصاصة الأولى، كما أنهم أذكوا الصراع ومازالوا؛ أملين في العودة إلى ما كانوا عليه.

وفي ليبيا، يهدف الإخوان للوصول للسلطة في ليبيا، عبر عرقلة أي تفاهمات تؤدي إلى تسوية سياسية أو سلمية واستكمال باقي المراحل الانتقالية التي تعيشها هذا البلد الأفريقي منذ أكثر من عشر سنوات؛ فهم يُحركون الميلشيات المسلحة لإجهاض أي تحرك من شأنه استعادة الدولة المسروقة في خضم الحرب والفوضى.

وإلى سوريا، حيث كانوا أيضًا وقود الصراع، الذي من رحمه وفروا بيئة لكل تنظيمات العنف والتطرف؛ بدءًا من تنظيم القاعدة الإرهابي، وهيئة تحرير الشام، وانتهاء بتنظيم داعش الإرهابي؛ وغيرها من التنظيمات المتطرفة التي عاشت في الشوارع الدمشقية والأحياء العتيقة داخل العاصمة الأموية وجامعها الكبير الذي بناه الوليد بن عبد الملك.

إن “داعش” هو ثمرة قطفها تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا والعراق، بعدما مهدوا لها الطريق وخلقوا لها البيئة التي نشأت فيها، كما أنهم يعملون على إحياء التنظيم الإرهابي حاليًا من خلال بث الروح في خلاياه النشطة والخاملة، ولعل الشهور القادمة ستشهد إعادة إحياء وإنتاج للتنظيم في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما بدا واضحا في بعض العمليات النوعية في البادية السورية خلال الأسابيع الماضية.

الإخوان يرون دورهم المهم في توفير بيئة خصبة للإرهاب ولكل التنظيمات المتطرفة؛ وخطورة التطرف هنا ليس في أفعال المتطرفين، وإنما في توفير هذه البيئة لهم؛ فلولا هذه البيئة ما ظهر التطرف ولما كان للإرهاب أي دور، وهنا تبدو خطورة الإخوان مقارنة بباقي تنظيمات العنف والتطرف، فهي إما بمثابة الرحم التي أنتجت هذه التنظيمات أو الثدي الذي أرضع أغلبهم.

هذا الدور الذي يلعبه “الإخوان المسلمون” بإتقان شديد، وربما يتم برعاية دولية، حيث تستغل بعض الدول التنظيم الإرهابي، وتستخدمه كواجهة دعوية بخلاف واقعه المنحاز دائمًا إلى ممارسة العنف الجنائي والمعنوي أيضًا، حتى يقوم بدوره في حرث الأرض وتمهيدها للتنظيمات الأكثر تطرفًا، فالإخوان هم عرّاب الإرهاب الأول في المنطقة والعالم.

فالإخوان يمتلكون تنظيمًا دوليًا، وبالتالي يعملون على مستوى عالمي في ممارسة الإرهاب، وقد تجاوزوا المحلية في هذه الممارسات، كونهم تنظيما عابرا للحدود والقارات على مستوى ممارسة العنف؛ فعلى قدر الأدوار التي يقوم بها التنظيم في منطقة الشرق الأوسط، كانت له أدوار مشابهة في شرق أوروبا وغرب أفريقيا.

وهنا استغل التنظيم الحرب الروسية في أوكرانيا، كما أنه استغل الانقلاب العسكري في النيجر، فنجح في إنشاء وتدشين حركة جهادية في شرق القارة العجوز، وها هو يقوم بنفس الدور في غرب القارة السمراء، مستغلًا حالة الفوضى التي خلفتها الحرب في أوكرانيا والانقلاب العسكري في إحدى أهم دول الغرب الأفريقي، مستغلًا انتشار وتنامي الجماعات الإرهابية في دول الساحل والصحراء، وهنا يرى التنظيم أهمية انتشاره وتناميه في هذه القارات بعد تضييق الخناق عليه في منطقة الشرق الأوسط.

 للإخوان وجود كبير في أكثر من 80 دولة؛ فالتنظيم تمدد في هذا الدول خلال عقود زمنية سابقة، استغلوا فيها الحروب والصراعات، ثم قاموا في مرحلة تالية بتخليق هذه الصراعات من أجل مزيد من الانتشار والتمدد، وهنا تبدو أهمية القضاء على أسباب تمدد هذه التنظيمات، فلابد أن يُدرك المجتمع الدولي أن جزءًا من مواجهة التنظيمات المتطرفة هو الوقوف أمام عوامل نشأتها وبقائها في بعض الدول مثل الحروب والصراعات.

إذا كان المجتمع الدولي جادًا في مواجهة الإرهاب فعليه مواجهة تنظيم الإخوان، وإذا كان جادًا في مواجهة الإخوان فعليه أن يواجه الصراعات والحروب التي تساعد الجماعة على نشوبها أو تستغلها من أجل نشر الفوضى، وبالتالي ممارسة الإرهاب المقنن وغير المباشر من خلال الجماعات والتنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة.

فهم الإخوان وطبيعة تحركهم وخضوع التنظيم لرؤية استشرافية، مهم في التعامل معه في ظل أجواء مضطربة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، خاصة وأن هناك دولا مازالت تدعم التنظيم أو لا ترى فائدة أو أهمية من مواجهته أو مواجهة الإرهاب الناتج عنه، وهو ما يفرض تحديًا جديدًا للمواجهة لابد أن تتحلى به الدول التي ترى خطرًا على الأمن الإنساني من وجود الإخوان أو استغلالهم للصراعات المسلحة والحروب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى