صراع جبهتي إسطنبول ولندن في تنظيم الإخونجية يطال القواعد والسجناء

حذرت جبهة إسطنبول التي يقودها محمود حسين الأمين العام السابق لتنظيم الإخونجية، كوادر التنظيم من الانحياز إلى جبهة لندن التي يقودها القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم إبراهيم منير، وطالبتهم بضرورة إظهار الولاء لها.

ويحرص محمود حسين على جني ثمار قراراته بعزل إبراهيم منير، وتحويلها إلى واقع ملموس من خلال حصد أعلى قدر من تأييد الهياكل السفلى لجبهته، محاولة إنهاء تبعية العديد من المكاتب الإدارية لجبهة منير.

وتجلى ذلك في قرار أصدره حسين يتعلق بوقف الدعم المالي عن بعض أسر سجناء التنظيم في السجون المصرية، ووقف رواتبهم الشهرية من منطلق أنهم محسوبون على جبهة لندن، بالتزامن مع تحذير عناصر وقادة المكاتب الإدارية في الداخل من تأييد منير، والتهديد بفصلهم رسميًا ووقف الامتيازات الممنوحة لهم منذ فترة.

عقوبات وتحقيق

وحدد البيان، الذي تداولته أسر وشعب التنظيم الداخلية، أخيرا عواقب إعلان التأييد لجبهة لندن، وتشكيل لجان لمتابعة كافة المنصات الخاصة بقيادات التنظيم ومسؤولي الشعب والأعضاء البارزين ورصد كل ما يُنشر عليها وتحويل المخالفين إلى لجان تحقيق لفصلهم.

وعمدت اللجان الإلكترونية التابعة لجبهة إسطنبول إعادة نشر منشورات بعض أعضاء التنظيم المتضررين من وقف رواتبهم الشهرية والمساعدات التي ظلت جبهة حسين تضخها لهم على خلفية إعلان انحيازهم إلى إبراهيم منير في صراعه على قيادة التنظيم، كدلالة على عدم التهاون في اتخاذ قرارات بالفصل النهائي من التنظيم والحرمان من الدعم المالي لحسم الصراع لصالحها عبر تحشيد قواعد التنظيم خلفها.

بعد جولة كسب الشرعية الحركية والتنظيمية التي تمثلت في قرار إبراهيم منير الخاص بحل ما عُرف بمجلس الشورى العام التابع لحسين الذي قابله الثاني بقرار عزل الأول وتعيين لجنة بديلة برئاسة مصطفى طلبة والتلويح بحل التنظيم الدولي للإخونجية، انتقل الصراع إلى جولة متقدمة وهي تنفيذ خطط الاستحواذ على فروع ومكاتب التنظيم داخل مصر وخارجها، والظهور في شكل من يحظى بتأييد كبير من قبل قواعد التنظيم.

وترجع أهمية الاستحواذ على المكاتب والفروع الإدارية والإقليمية إلى ارتباطها بشكل مباشر بالهيمنة على التمويلات والتبرعات والشركات والحصص الاستثمارية، والتي لها دور مؤثر في تنمية النفوذ وكسب الولاءات وعقد التحالفات.

وتعود أهمية كسب ولاء القواعد إلى ارتباطها المباشر بقضية حسم صراع الشرعية، فمن يحظى بولاء وتأييد الغالبية سوف يصبح هو الجهة القيادية الشرعية، فضلا عن دورها في مسألة الدعم المالي، وذلك لاعتماد التنظيم على تبرعات واشتراكات الأعضاء والقواعد.

السيطرة المالية

ووفق خبراء في شؤون الحركات الإسلامية، فإن كل طرف يلعب على نقاط القوة والضعف لدى الطرف الآخر، حيث تعلم جبهة إسطنبول أن المحركات الاقتصادية للتنظيم باتت في يد جبهة لندن نظرًا لاتساع مساحة استثمارات التنظيم الدولي.

ويبدو هذا الأمر مغايرا لتحكم جبهة إسطنبول في الملف المالي لبعض الفروع الداخلية وقدرته على منع ضخ المعونات لمكاتب وأشخاص بعينهم.

وتدرك جبهة محمود حسين أن قوتها الحقيقية في تواصلها المباشر مع القواعد واقترابها من الصفوف الدنيا من التنظيم، بداية من الصف الثاني وما بعده، بالنظر إلى تفضيل القواعد لجبهته المتشددة نتيجة التربية التي تلقتها على المنهج القطبي، مقابل ابتعاد إبراهيم منير وجبهته عن القواعد وإقامتهم البعيدة والدائمة في بعض العواصم الأوروبية وتمثيلهم الظاهر للاتجاه الذي لا يتبنى الفكر القطبي التكفيري.

الإنفاق على السجناء

وقال الخبير في شؤون الحركات الإسلامية طارق البشبيشي، إنه على الرغم من أن نقاط القوة التي تمتلكها جبهة إسطنبول ليست هينة، إلا أنها تعاني من قلة الدعم المالي الذي تحتاجه للإنفاق على السجناء وأسرهم.

وأضاف أن المال هو نقطة القوة الرئيسية التي تمتلكها جبهة إبراهيم منير بسبب تحكمه في استثمارات وأرباح مشاريع التنظيم الدولي وما يتلقاه من مساعدات يقدمها رجال أعمال التنظيم في دول أوروبا.

ورجح البشبيشي أن تحسم جبهة إسطنبول هذا الصراع في النهاية لصالحها، بالنظر إلى أن قواعد التنظيم لا تعرف جيدًا إبراهيم منير والكثير منهم تربوا على يد الجناح القطبي المتشدد داخل التنظيم.

الارتباك والتخبط في قواعد التنظيم

ويسود حالة من الارتباك والتخبط حاليًا قواعد تنظيم الإخونجية مع احتدام الصراع في قمتها على القيادة وانقسام التنظيم إلى شطرين، وراجت تعليمات لدى من تبقى من قواعد داخل مصر بضرورة ترقب ما يجري في صمت وعدم الحديث بهذا الشأن حتى لا يسهموا في زيادة اشتعال الفتنة.

وولاء رجال الأعمال

وإذا نجحت جبهة إسطنبول في تنفيذ خططها المركبة وتشمل كسب الشرعية الحركية وولاء وتبعية رجال الأعمال المؤثرين وانحياز القواعد ستصبح هي الأولى بالمساندة والدعم، وتكون صاحبة القرارات الأكثر تأثيرًا في سياق الصراع الراهن على الانفراد الكامل بقيادة تنظيم الإخونجية.

وقد تلعب القناعات الفكرية، بجانب المال والإعانات المادية، دورًا محوريًا في الجولات النهائية من الصراع المحتدم على القيادة بين جبهتي إسطنبول ولندن وفرض أمر واقع يضع حدًا للترتيبات التي طالت وتركت آثارًا سلبية على قواعد التنظيم بعد القبض على القيادي محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام في أواخر أغسطس العام الماضي.

وإذا كان التنظيم فقد عددًا لا يُستهان به من القواعد من الذين أعلنوا رفضهم لجبهتي الصراع ولا يرون أن لإحداهما أحقية بقيادة التنظيم ماليًا وإداريًا، باعتبارهما تشتركان في الفشل والعجز والتسبب في الكوارث التي حلت بالقواعد وأسرهم، يتبقى عدد كبير منهم يترقب الأحداث، لذلك يسعى كل جناح لاستباق الأمور وضم القواعد إلى جانبه بهدف الإمساك بشكل كامل بالمناصب والمراكز الحساسة داخل مصر وخارجها.

ولا يزال من بقي من قواعد التنظيم رقمًا مهمًا تسعى كل جبهة نحو كسب ولائه وضمان تبعيته من خلال اللعب بالملفات العديدة التي تسيطر عليها ولها تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على توجهات القواعد.

وينطوي لجوء جبهة محمود حسين إلى ورقة القواعد والمكاتب الإدارية والإقليمية على مواصلة الإصرار على إثبات أنه الرقم الصعب والمهم في معادلة التنظيم، وليس من السهل الإطاحة به، بل يستطيع حسم صراع القيادة لصالحه من منطلق دعم المرشدين الأخيرين للتنظيم المحبوسين حاليًا، وهما محمد بديع ومحمود عزت، وعبر الاستباق بتوظيف مجموعة من الملفات المؤثرة، فكريًا وماديًا وحركيًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى