عام 2022 يحمل “تنظيم الإخونجية” إلى مسار التفكك السريع

شهد عام 2022 إخفاقات وخسائر كبيرة مني بها تنظيم الإخونجية على امتداد تواجده، وفقد قدرته على الحشد والتأثير خلال العديد من المحطات وفي أكثر من بلد، اضافة لما يشهده من أزمة داخلية وصراع قادته على المناصب وبروز جبهات متناقضة أخرجت المدفون إلى العلن ووضعت التنظيم على مسار التفكك السريع.

وما بين تعمق انقسام التنظيم ببروز جناح ثالث؛ “تيار التغيير”، مرورا بالتحول في العلاقات المصرية التركية عقب المصافحة التي بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان في الدوحة، ثم وفاة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، مر عام 2022 على تنظيم الإخوان في مصر.

الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن 2022 عام استمرار انقسام تنظيم الإخونجية، وضعف فاعليته وتأثيره، مع استمرار غياب المراجعات، أو النقد الذاتي الذي أصبح سمة عامة للجماعة منذ تأسيسها.

3 جبهات

وأكد الشوبكي أن ما يحدث للتنظيم، امتداد لما حدث في 2013، وهو استمرار المسار السيء والفشل التنظيمي والسياسي للإخونجية، دون أن يمتلك التنظيم الرغبة، أو القدرة على الوقوف على الأخطاء وتقديم مراجعة نقدية.

وأشار الشوبكي إلى أن الانقسام الحالي في التنظيم لـ 3 جبهات سيستمر في العام الجديد، دون أن تتمكن جبهة من الهيمنة والسيطرة على مقاليد الجماعة، ولن تستطيع أيضا أي جبهة من إعادتها إلى التأثير في المجال العام مرة أخرى.

وأوضح الخبير بمركز الأهرام أن أزمة تنظيم الإخونجية هذه المرة هيكلية وغير مسبوقة، لحد إصابتها بالشللء، مشيرا إلى أن الخلافات بين الجبهات المختلفة عميقة وتطال الجانب الأخلاقي.

بعد عزلها في مصر

ورغم فداحة الخسائر التي لحقت بالإخونجية خلال عام 2022 وما مر به من تخبط رأى الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي: أن عام 2013 يظل العام الأصعب على التنظيم، بعد عزلها عن السلطة في مصر ما أدى لتوالي أزماتها في كل دول المنطقة بل طالت حضورها في أوروبا.

وأضاف النجار: ثم يأتي بعد ذلك عام المصالحة الخليجية القطرية، وما تبعه من تقارب مصري قطري ثم بعد ذلك هذا العام 2022، الذي شهد تحولا في العلاقات المصرية التركية، والمصافحة التاريخية بين الرئيسين المصري والتركي، علاوة على تعمق أزمة انقسامات الجماعة وتشعبها ببروز جناح ثالث هو جناح الكماليين، نسبة إلى الإخونجي محمد كمال الذي قتل عام 2016، في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن المصرية.

وشهد عام 2022، دخول “التيار الثالث” على خط الصراع الدائر بين جبهتي لندن (أتباع إبراهيم منير) وإسطنبول بقيادة محمود حسين ، وهو ما عمق حالة التشظي التي تعيشها التنظيم الإرهابي.

وعقد “التيار الثالث”، أو ما يسمى “تيار التغيير“، وهو الجبهة الثالثة في التنظيم، منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في تركيا، اجتماعا مثيرا، في تطورات أزمة تشظي الجماعة، والانقسام الذي يعيشه التنظيم، إضافة إلى خطط التنظيم الإرهابي القادمة.

ومنذ تأسيسه من قبل أتباع محمد كمال، اختار “التيار” قيادة جناح العنف داخل “التنظيم”، حيث انبثقت عنه حركة “حسم” الإرهابية المسؤولة عن عدد من العمليات الإرهابية داخل مصر، خاصة ضد قوات ورجال الأمن.

وأشار النجار  إلى وفاة القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم إبراهيم منير أحد أبرز قادة التنظيم في الخارج، معتبرا أن رحيله خسارة للإخونجية، بالنظر إلى قدراته التنظيمية وعلاقاته بأجهزة خارجية، وهو ما ساعد في مواصلة التنظيم الدولي بعض نشاطه من الخارج ممتصا الضربات التي تلقاها في مصر والمنطقة العربية، وإلى جانب إجادته المناورة والمراوغة بعرض التراجع والمصالحة سعيا للانحناء للعاصفة، والتراجع خطوات للوراء لإنقاذ الجماعة وإعادة بنائها من جديد.

مزيد من الانهيار

وقال مراقبون إن تنظيم الإخونجية، تتجه نحو مزيد من الانهيار والتشظي التنظيمي، إثر وفاة إبراهيم منير، واحتدام الخلافات على المستوى الداخلي وتصاعد الانشقاقات على مستوى الأعضاء.

ووفقا لمصادر خاصة، تعتزم جبهة لندن تعيين القيادي في تنظيم سيد قطب، صلاح عبد الحق قائمًا بأعمال المرشد العام، خلفا لإبراهيم منير كـشخصية توافقية، داخل جبهة لندن، بين الأجنحة المتصارعة؛ محيي الدين الزايط، وحلمي الجزار.

وصية منير

وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، إن اختيار عبد الحق جاء بناء على وصية إبراهيم منير، مضيفاً أن تعيين صلاح عبد الحق قائما بأعمال المرشد جاء وفق وصية منير قبل وفاته التي تم فتحها فى وجود أعضاء مجلس شورى الإخونجية في جبهة لندن واللجنة الإدارية العليا.

وإزاء عدم تولي عبد الحق أي منصب إداري أو موقع تنظيمي داخل التنظيم من قبل، أكد أديب أنها ستنقسم بشكل أكبر من ذي قبل، خاصة جبهة لندن.

وفي المقابل، كانت جبهة إسطنبول قد أعلنت تعيين قائدها محمود حسين قائماً بأعمال المرشد، يوم 17 نوفمبر/تشرين ثاني  في خطوة اعتبرها مراقبون ستشعل حرباً جديدة بين الجبهات الإخوانية المتناحرة منذ سنوات على المناصب القيادية ومصادر التمويل داخل الجماعة، وستعزز الصراعات داخل التنظيم.

وإزاء تلك التطورات، بإعلان (جبهة إسطنبول) تعيين محمود حسين، قائما بأعمال المرشد، وأنباء تعيين المعسكر المناوئ في لندن؛ لصلاح عبد الحق، يكون التنظيم وبنهاية العام قد أصبح له قائمان بأعمال المرشد، واحد في (لندن) والثاني في (إسطنبول)، ولكل منهما متحدث إعلامي ومجلس شورى، علاوة على بروز جبهة ثالثة (تيار التغيير) في تركيا، وهو ما سوف يعمق الخلافات داخل التنظيم بشكل أكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى