مجلس الأمن الدولي يدعو لهدنة فورية وغير مشروطة في غزة
وترامب يعقد اجتماعاً مثيراً للجدل لمناقشة الحرب على القطاع شارك فيه بلير وكوشنر

بالتزامن مع دعوة أعضاء مجلس الأمن الدولي باستثناء واشنطن، إلى هدنة فورية وغير مشروطة في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، أعلن مسؤول رفيع في البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترأس، الأربعاء، اجتماعاً سياسياً حول الحرب في القطاع، بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، والمبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط جاريد كوشنر.
وأوضح المسؤول، في تصريحات لوكالة “رويترز”، أن ترامب وكبار مسؤولي البيت الأبيض وبلير وكوشنر ناقشوا جميع جوانب الملف المتعلق بغزة، بما في ذلك “زيادة إيصال المساعدات الغذائية، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وخطط ما بعد الحرب، وغير ذلك”.
ووصف المسؤول الجلسة بأنها “مجرد اجتماع سياسي” من النوع الذي يعقده ترامب وفريقه بشكل متكرر.
وقال مسؤول آخر في البيت الأبيض: “لقد كان الرئيس ترامب واضحاً في أنه يريد أن تنتهي الحرب، ويريد السلام والازدهار للجميع في المنطقة، وليس لدى البيت الأبيض ما يضيفه حول الاجتماع في هذا الوقت”.
بلير وجاريد كوشنر
وأفاد موقع “أكسيوس” الأميركي بأن بلير وجاريد كوشنر، صهر ترامب، شاركا في اجتماع البيت الأبيض لطرح أفكار بشأن خطة ما بعد الحرب في غزة.
وقال مصدران لـ”أكسيوس”، إن ويتكوف ناقش على مدى أشهر خطة ما بعد الحرب في غزة مع كوشنر وبلير.
والتقى بلير بويتكوف في البيت الأبيض في يوليو الماضي، في اليوم ذاته الذي اجتمع فيه رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو مع ترمب، وفقاً لـ”أكسيوس”.
وتناول الاجتماع أيضاً كيفية زيادة تدفق المساعدات إلى غزة، وذلك بعدما أعلنت الأمم المتحدة تفشي المجاعة في محافظة غزة، واقتراب انتشارها في مناطق أخرى في القطاع الفلسطيني، بسبب الحرب والحصار الإسرائيلي على القطاع.
واشنطن تعدّ “خطة شاملة” لمرحلة ما بعد الحرب
واستبق المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف اجتماع البيت الأبيض، بقوله لقناة “فوكس نيوز”، الثلاثاء، إن الإدارة الأميركية تُعد “خطة شاملة” لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، مضيفاً أن واشنطن ترى أن التسوية ممكنة “بشكل أو بآخر”، وذلك “قبل نهاية العام”.
وخلال اجتماع في البيت الأبيض، الثلاثاء، قال ترامب إنه يأمل في التوصل سريعاً إلى حلول بشأن حرب غزة، ولكنه أضاف أن “لا شيء محدد أو نهائي بعد، هذه الحرب (في غزة) مستمرة منذ فترة طويلة، إذا نظرتم إليها بعمق، فهي مستمرة منذ آلاف السنين”.
والاثنين، توقّع ترامب، خلال حديثه للصحافيين في المكتب البيضاوي، “نهاية حاسمة” للحرب الإسرائيلية في غزة “خلال أسبوعين أو ثلاثة”، مشدداً على ضرورة أن “تنتهي حرب غزة لما تسببه من جوع وموت”. وأضاف أن هناك “جهداً دبلوماسياً جاداً للغاية”.
أعضاء مجلس الأمن يدعون لهدنة فورية في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن
في السياق، دعا كافة أعضاء مجلس الأمن الدولي باستثناء الولايات المتحدة، إلى هدنة فورية وغير مشروطة في غزة وإطلاق سراح الأسرى.
وأصدر أعضاء مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة، بيانا يوم الأربعاء، عبروا فيه عن استيائهم وقلقهم بشأن حدوث مجاعة في غزة وأكدوا ثقتهم في عمل نظام التصنيف المرحلي للأمن الغذائي بشأن غزة.
وشدد البيان على أن المجاعة في غزة من صنع البشر وأن القانون الإنساني الدولي يمنع استخدام التجويع كسلاح.
ودعا 14 عضوا في مجلس الأمن في بيان مشترك، إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس وجماعات أخرى.
ودعا البيان أيضا إلى زيادة المساعدات بشكل كبير في أنحاء القطاع، ورفع إسرائيل فورا ودون شروط جميع القيود المفروضة على إيصال المساعدات.
كما طالبوا إسرائيل بعدم توسيع العملية العسكرية في غزة.
مستويات لم نشهدها في التاريخ الحديث
وفي السياق، قال نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط رامز الأكبروف، إن الوضع على الأرض الفلسطينية المحتلة يستمر في التدهور إلى مستويات لم نشهدها في التاريخ الحديث.
وأكد رامز الأكبروف أهمية إعادة الالتزام بعملية سياسية تنهي الاحتلال وتحقق حل الدولتين.
وصرح أمام مجلس الأمن الدولي، بأن غزة بعد 22 شهرا من الحرب تغرق بشكل أكبر في وضع كارثي مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين والنزوح الجماعي والآن المجاعة.
وأضاف أن الأسرى لدى حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة، لا يزالون يعانون في ظروف مروعة.
“لا توجد نهاية في الأفق للصراع في غزة”
وبين أيضا أن الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، تواجه أيضا أزمة غير مسبوقة تتمثل في توسيع المستوطنات بلا هوادة والهدم وتصاعد العنف بما يقوض أي آفاق للسلام.
في اجتماع مجلس الأمن الدوري حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، قال الأكبروف إن الاختيار لم يكن أكثر وضوحا من الوقت الحالي إما الاستمرار على المسار الحالي للصراع طويل الأمد بما يكرس الاحتلال، أو إعادة الالتزام بعملية سياسية تحل الصراع وتنهي الاحتلال وتحقق حل الدولتين.
وتابع قائلا: “للأسف، لا توجد نهاية في الأفق للصراع في غزة، فرغم جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى لا يزال ذلك بعيد المنال”.
وتحدث المسؤول الأممي عن تصاعد القصف العسكري الإسرائيلي بأنحاء غزة، بضرب خيام النازحين والمدارس والمستشفيات والمباني السكنية، مشيرا إلى أن الاستهداف المستمر الصحافيين أدى إلى مقتل 246 صحفيا في غزة منذ بدء الصراع.
وذكر أن الأمم المتحدة وشركاءها يعملون بلا هوادة لمساعدة السكان في غزة، مؤكدا أن المخاطر الأمنية عالية للغاية وتدابير التكيف الحالية غير كافية على الإطلاق.
واختتم الأكبروف كلمته أمام مجلس الأمن بالقول “إن هذه الصورة المقلقة تدفعنا إلى العمل بعزيمة لتغيير المسار الحالي، بدءا من وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن”، مشددا على أن المطلوب الآن هو عمل جريء لحل الصراع وإنهاء الاحتلال وإعادة الأفق السياسي.
“”أكثر من نصف مليون شخص يواجهون الجوع الشديد والعوز والموت”
من جهتها، بدأت جويس مسويا مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إحاطتها لمجلس الأمن بالإشارة إلى حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقعات اتساعها إلى دير البلح وخانيونس بنهاية الشهر المقبل، وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
واستعرضت بعض الأرقام التي تعكس الواقع في غزة، وقالت إن “أكثر من نصف مليون شخص يواجهون حاليا الجوع الشديد والعوز والموت وبنهاية سبتمبر قد يزيد العدد عن 640 ألفا”، مضيفة أن “نحو مليون شخص يواجهون المرحلة الرابعة الطارئة من تصنيف مراحل الأمن الغذائي، وأكثر من 390 ألفا في المرحلة الثالثة (الأزمة).
وأكدت جويس مسويا أنه لا يوجد أحد في غزة تقريبا لم يتأثر بالجوع.
وأوضحت أن 132 ألف طفل على الأقل تحت سن الخامسة من المتوقع أن يعانوا من سوء التغذية الحاد من الآن وحتى منتصف العام المقبل.
أما عدد من يهددهم الموت من بين هؤلاء الأطفال، فزاد بثلاثة أضعاف ليصل إلى أكثر من 43 ألفا، كما أن نسبة الحوامل والمرضعات فيتوقع أن يزداد من 17 ألفا إلى 55 ألفا، وفق مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
” كارثة من صنع البشر”
وصرحت مسويا بأن المجاعة ليست ناجمة عن جفاف أو كارثة طبيعية، ولكنها كارثة من صنع البشر تم خلقها نتيجة صراع أدى إلى مقتل عدد هائل من المدنيين وإصابات وتدمير ونزوح جماعي.
وقالت نائبة منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام التجويع كأسلوب في الحرب والهجمات على ضروريات بقاء السكان على قيد الحياة مثل الغذاء والمياه والبنية الأساسية الزراعية.
واختتمت كلمتها بالقول “إن الفشل في العمل الآن سيؤدي إلى عواقب لا يمكن تغييرها”، ودعت مجلس الأمن وجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى العمل فورا لضمان الوقف الفوري والدائم للأعمال العدائية في غزة، والإفراج عن جميع الرهائن فورا وبدون شروط، وحماية المدنيين والبنية الأساسية الحيوية، ووصول المساعدات بشكل آمن وعاجل وبدون عوائق وعبر جميع نقاط الدخول لكل السكان المحتاجين بأنحاء غزة، واستئناف تدفق السلع التجارية على نطاق واسع.
يشار إلى أن حركة “حماس” قد على مقترح ويتكوف في 18 أغسطس، والذي يتضمن إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين، لكن نتنياهو رد بعدها، وقال إن إسرائيل تطالب بالإفراج عن “الرهائن” الخمسين كلهم.
وينص هذا المقترح الذي يحمل في طياته جزءاً من تعديلات سابقة قدمتها “حماس”، وكذلك إسرائيل سابقاً، على أن يتم وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً بضمان الوسطاء، بمن فيهم الولايات المتحدة، على أن تبدأ فوراً مفاوضات المرحلة الثانية، وأن يستمر وقف إطلاق النار ما دامت المفاوضات مستمرة.