محاولات دولية لمنع تصاعد أزمة تشكيل الحكومة في ليبيا

تواجه ليبيا مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي، الأمر الذي يهدد بتقسيم مؤسساتها مرة أخرى وتبديد المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين”.

وتصاعدت حدة الأزمة السياسية في ليبيا منذ انهيار الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021 في إطار عملية سلام تهدف لإعادة توحيد البلاد بعد سنوات من الفوضى والحرب في أعقاب انتفاضة عام 2011.

وسط هذه الأجواء المشحونة، ذكرت مصادر مقربة من رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا أن تنسيقا يجري للتواصل مع المنظمات الدولية، ومنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لمحاولة إيجاد اتفاق ما على حل “أزمة الحكومتين” بما يرضي جميع الأطراف، وبحسب هذه المصادر، فإنه من المتوقع أن يجري اتصال هاتفي بين غوتيريش وباشاغا.

حكومة مشتركة

ويرى مختصون بالشأن الليبي، أن هناك تطورات قد تفصح عنها الأيام القادمة بعد اتصالات دولية وأممية بالشخصيات النافذة في ليبيا، ومنها أن يتولى رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، منصب رئيس الدولة والقائد الأعلى القوات المسلحة نهاية يونيو المقبل، وهو الوقت المحدد لنهاية خارطة الطريق لملتقى الحوار السياسي.

وبحسب المحلل السياسي عمران القبلاوي، فإن رغبة غوتيريش في الاتصال بفتحي باشاغا قد تكون محاولة لإقناع الأخير بالتراجع عن تولي الأمور، ومحاولة التوصل إلى اتفاق مع رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولاياتها عبد الحميد الدبيبة، لتشكيل ما يشبه “حكومة مشتركة” لتجنب صراع محتمل في العاصمة طرابلس مع تمسك الدبيبة بمنصبه، ورفضه تسليم السلطة لباشاغا.

وبتعبير القبلاوي، فهذه التحركات تأتي في إطار “تدويل” المشكلة الليبية، وإصرار المجتمع الدولي ومؤسساته على أن يكون الحل ضمن إطار تضعه الدول ذات النفوذ في هذا الملف، خاصة تلك التي ترى أن حكومة الدبيبة هي أفضل وسيلة تساعدها في السيطرة على مصالحها في ليبيا، وتخشى وجود شخصية قوية على رأي أي حكومة جديدة.

انتهاء مهمة ستيفاني ويليامز

وفي تقدير المختص في الشؤون السياسية، الدكتور سعيد العرفاوي، فإن قُرب انتهاء مهمة ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، نهاية هذا الشهر، تدفع غوتيريش لاتخاذ خطوات استباقية للإسراع في حل يرضي الأطراف القوية في العالم، أو تجميد الوضع في ليبيا حتى يستطيع إيجاد اسم لمهمة رئيس البعثة الأممية في ليبيا، والذي تتصارع عليه عدة دول كبرى.

وفيما يستعد غوتيريش لتقديم أسماء المرشحين لتولي منصب مبعوث الأمين العام إلى ليبيا إلى مجلس الأمن الدولي، وهو المنصب الشاغر منذ استقالة السلوفاكي يان كوبيش نوفمبر الماضي، تدور في الكواليس صراعات دبلوماسية حول اسم المبعوث الجديد، حيث تريد الولايات المتحدة أن يكون من نصيب الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، وهو ما ترفضه روسيا، ويريد الاتحاد الإفريقي من جانبه أن يكون المبعوث من قارة إفريقيا.

دور المجلس الرئاسي

وفي إطار الاتصالات الدولية الجارية، عقد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائباه عبدالله اللافي وعبدالله الكوني اجتماعا مع سفراء الإمارات ومصر وبريطانيا وإيطاليا والمغرب والجزائر والولايات المتحدة وتونس وإسبانيا وتركيا وفرنسا وروسيا والكونغو وألمانيا وهولندا ومالطا واليونان وقطر، إضافة إلى ستيفاني ويليامز.

وأكد الاجتماع أهمية دور المجلس في الخلاف الحالي بين رئيسي الحكومتين، السابقة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والجديدة برئاسة فتحي باشاغا المكلف من مجلس النواب.

واتفق المجتمعون في كلماتهم خلال اللقاء على أن يكون حل الأزمة السياسية بدون عنف وبالاتفاق بين كل الأطراف، مؤكدين على أن الانتخابات شرط ضروري، لكنه ليس كافيا لحل الأزمة الليبية، ومن هنا جاءت الحاجة إلى أن يرافق المجلس الرئاسي العملية الانتخابية بانتقال وطني يتضمن أهدافا مشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى