مكارثي يتّهم بايدن ب”الكذب” على الشعب الأمريكي ويدعو لعزله

دعا رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي، الثلاثاء، إلى المباشرة بإجراءات عزل الرئيس جو بايدن، على خلفية اتهامات بشأن انتهاكات تجارية ارتكبها نجله هانتر بايدن، متهماً بايدن بالكذب على الشعب الأمريكي.

وقال مكارثي للكونغرس: “أطلب من لجان مجلس النواب بدء الإجراءات الرسمية لعزل” بايدن، واتهم الرئيس الديمقراطي ب”الكذب” على الشعب الأميركي بشأن أعمال ابنه المثيرة للجدل في الخارج وتغذية ثقافة الفساد.

وتحدثت وسائل إعلام في الولايات المتحدة عن توجه مكارثي لإبلاغ المشرعين في المجلس بأن هناك ما يكفي من الأدلة للموافقة رسمياً على التحقيق الجاري منذ 4 أشهر، بشأن عائلة الرئيس جو بايدن وعزله.

ويأتي ذلك ضمن جهود قانونية ترمي إلى الوصول لسجلات بنكية ووثائق أخرى تعود للرئيس وابنه هانتر بايدن، في وقت لم تكشف التحقيقات التي يقودها الحزب الجمهوري بشأن عائلة الرئيس الأميركي، عن أية أدلة تُثبت وقوع مخالفات ارتكبها بايدن، أو حتى وجود صلة له بالصفقات التجارية الأجنبية لنجله هانتر.

ولطالما أكد البيت الأبيض أن بايدن لم يكن متورطاً في التعاملات التجارية لعائلته، معتبراً أن الجمهوريين لم يُثبتوا أن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة استفاد بشكل مباشر من تلك التعاملات التجارية عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما، أو أنه اتخذ قرارات سياسية بناءً على أعمال عائلته.

وليس من الواضح ما إذا كان هناك ما يكفي من الأصوات داخل مؤتمر الحزب الجمهوري (218 صوتاً) لعزل الرئيس الأميركي، لكن أعضاء في الحزب يقولون إنه لا توجد دلائل كافية للتحرك باتجاه العزل.

دواعي المساءلة

أدرج مؤسسو الولايات المتحدة إجراءات في الدستور الأميركي لعزل الرئيس من منصبه إذا ما استدعت الحاجة، وذلك تحسباً لإقدام الرؤساء على استغلال صلاحياتهم بشكل سيء.

وينص الدستور على أنه يمكن عزل الرئيس إما “للخيانة أو تقاضي الرشوة أو لارتكاب أي جريمة كبرى أخرى أو جنحة”، ورغم أن منطوق هذه العبارة غير واضح تماماً، لكنه يُمكن أن يشمل التجاوزات والتورط بالفساد أو أشكالاً أخرى من إساءة استغلال ثقة الشعب.

ولا تستلزم مساءلة الرئيس أن يخالف قانوناً جنائياً بعينه. وهناك عبارة شهيرة للرئيس الأميركي السابق جيرالد فورد عندما كان عضواً في الكونجرس وهي “الجريمة التي تستوجب المساءلة هي ما تعتبره أغلبية في مجلس النواب كذلك في وقت ما من التاريخ”.

خطوات العزل

تبدأ إجراءات عزل الرئيس الأميركي بالمساءلة في مجلس النواب، الذي يناقش الأمر ويطرح للتصويت ما إذا كان يتعين توجيه اتهامات للرئيس من خلال تأييد قرار للمساءلة أو بنود المساءلة، وذلك بأغلبية بسيطة من أعضاء المجلس.

وبحسب تقرير لوكالة “رويترز”، يمنح الدستور الأميركي قيادات مجلس النواب مساحة واسعة من الحرية في تقرير الكيفية التي ستتم بها إجراءات المساءلة.

وإذا وافق مجلس النواب على بنود المساءلة، يعقد مجلس الشيوخ محاكمة للرئيس. ويقوم أعضاء المجلس في تلك المحاكمة بدور الادعاء، وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين، ويرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأميركية.

وخلال تاريخ الولايات المتحدة سُمح لرؤساء سابقين خلال المساءلة بأن يكون لهم فريق من محامي الدفاع، وأن يكون لهم الحق في استدعاء الشهود وطلب الوثائق.

3 رؤساء أميركيين واجهوا إجراءات العزل

يعرف التاريخ الأميركي 3 رؤساء أميركيين واجهوا إجراءات العزل من المنصب، رغم تهديد رؤساء عدة بذلك المصير.

وكان الرئيس الـ17 للولايات المتحدة أندرو جونسون أول من واجه إجراءات العزل في عام 1868، ثالث سنوات مدته الرئاسية الوحيدة التي قضاها على رأس السلطة، وجاء التصويت على عزله بعد تنحيته لوزير الدفاع أدوين ستانتون.

لكن جونسون نجا من العزل بفارق صوت واحد فقط بفضل تصويت الجمهوريين.

أما ثاني الحالات التاريخية لمحاولة عزل رئيس أميركي فواجهها بيل كلينتون، الرئيس الـ42 للولايات المتحدة، بتهم الكذب أمام هيئة محلفين كبرى وعرقلة عمل العدالة، وذلك بعد كذبه بشأن طبيعة العلاقة التي ربطته بمتدربة سابقة في البيت الأبيض تدعى مونيكا لوينسكي، وطلبه منها أن تكذب بشأن الأمر.

وصوت مجلس النواب عام 1998 بأغلبية 228 مقابل 206 لصالح عزل كلينتون في ما يخص التهمة الأولى، و221 لـ212 في ما يخص التهمة الثانية.

لكن عندما أحيلت القضية إلى مجلس الشيوخ في عام 1999، لم تحظ بتأييد الثلثين من أعضاء المجلس، وهي النسبة الضرورية لتمريرها.

ترامب ثالث الرؤساء

وكان ثالث الرؤساء الذين تعرضوا لإجراءات المساءلة هو دونالد ترامب، الذي نجا مرتين من المحاكمة البرلمانية بتهم مختلفة، ليكون أول رئيس يتعرض لمحاولة العزل مرتين في التاريخ الأميركي.

في ديسمبر 2019، صوت مجلس النواب لصالح محاكمة ترمب برلمانياً، بتهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، تمهيداً لنظر مجلس الشيوخ في عزله.

وتعلقت القضية بمحادثة هاتفية جرت في 25 يوليو 2019 بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، يشتبه في أن الرئيس الأميركي طلب خلالها أن يجري زيلينسكي تحقيقاً بشأن نجل جو بايدن، الذي كان حينها مرشحاً محتملاً للرئاسة عن الحزب الديمقراطي.

وكان يشتبه في أن ترامب ربط حينها صرف مساعدات عسكرية لأوكرانيا بإعلان كييف أنها ستحقق بشأن نجل بايدن، الذي عمل بين عامي 2014 و2019 لدى شركة طاقة أوكرانية.

وفي مجلس الشيوخ انتهت إجراءات المحاكمة في 5 فبراير 2020 بتبرئة ترمب من التهمتين، بأغلبية 52 صوتاً مقابل 48 في ما يتعلق بتهمة إساءة استخدام السلطة. وفي تهمة عرقلة عمل الكونجرس صوت 53 عضواً لصالح التبرئة مقابل 47 لصالح الإدانة.

أما محاولة العزل الثانية فبدأت في الأيام الأخيرة لحكم ترمب، إذ اتهم أغلبية في مجلس النواب الرئيس السابق بالتحريض على التمرد، على خلفية أحداث العنف واقتحام مبنى الكابيتول في العاصمة الأميركية.

وفي فبراير 2021، أي بعد انتهاء ولاية ترامب وتسلم بايدن السلطة، برأ مجلس الشيوخ ترامب من المحاكمة بأغلبية 57 صوتاً مقابل 43.

مجلس الشيوخ والمحاكمة

هناك جدل بشأن ما إذا كان الدستور الأميركي يفرض على مجلس الشيوخ إجراء محاكمة، لكن قواعد مجلس الشيوخ عملياً تتطلب إجراء محاكمة.

ويتزعم تشاك شومر الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ حالياً، ما يعني أن محاولات عزل الرئيس جو بايدن من خلال مجلس الشيوخ، في حال وصلت إلى هذا المستوى، ستواجه معضلة كبيرة.

وفي العام الماضي، نجح الديمقراطيون في مواصلة زعامتهم لمجلس الشيوخ المؤلف من 100 مقعد لمدة عامين آخرين، إذ ارتفع عدد مقاعد الديمقراطيين في مجلس الشيوخ إلى 51 مقعداً، متجاوزاً بذلك  مقاعد الجمهوريين والبالغ عددها 49 مقعداً.

وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة الثلثين أو 67 عضواً. ولذا فإن عزل بايدن من منصبه في حالة المساءلة يستلزم موافقة 18 عضواً ديمقراطياً، بالإضافة إلى جميع الأعضاء الجمهوريين، وذلك بافتراض أن المئة عضو سيصوتون، وبالتالي تبدو الإدانة في المحاكمة أمراً مستبعداً.

في حال تمت إدانة الرئيس الأميركي جو بايدن وعزله، وهذا مستبعد إلى حد كبير، فإن نائبته كامالا هاريس ستُصبح رئيسة للولايات المتحدة في الفترة المتبقية من ولايته، والتي تنتهي في عام 2024.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى