مناورة تركية مع عباس لتعطيل تفاهمات دحلان- السنوار

قال قيادي فلسطيني من حركة فتح، في تصريح لـ”الأوبزرفر العربي”: إن قيادة السلطة الفلسطينية وبعض النافذين في اللجنة المركزية لحركة فتح باتوا يعتبرون أن العدو الرئيسي هو محمد دحلان ودولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، وأن اتفاق إسطنبول بين حركتي فتح وحماس لا تعدو عن كونها مناورة ناتجة عن شعور الحركتين بأن المرحلة القادمة في الملف الفلسطيني ستكون لقيادة جديدة قادرة على مجاراة التطورات، وخاصة ما يتعلق بملف السلام، وأنهما يسعيان لوقف صعود اسم محمد دحلان، زعيم التيار الإصلاحي في فتح، كبديل مدعوم عربيا ودوليا ويحظى بشعبية في الأوساط الفلسطينية.

وأضاف القيادي الفتحاوي: لهذا فإن اتفاق إسطنبول هو مع التيار القطري التركي في حماس الذي يتركز اليوم في قيادة الضفة الغربية والخارج، ويسعى بدوره لعزل القيادي في حماس يحيى السنوار، صاحب التفاهمات مع دحلان في القاهرة 2018، الذي سمح للتيار الإصلاحي في فتح بحرية الحركة السياسية والتنظيمية في قطاع غزة.

وتابع أن حماس الخارج والضفة الغربية تستعد للإطاحة بالسنوار في الانتخابات الداخلية في مارس القادم، خاصة وأنه يقود حملة تطهير داخل الحركة ضد الفاسدين والذين أثروا بسبب مواقعهم الوظيفية. ولم يستثن السنوار في حملته إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي يتهمه بإدارة شركات بأسماء أولاده في تركيا، كما يتهم خالد مشعل بأنه لم يسلّم موازنة الحركة منذ خروجه من رئاسة المكتب السياسي إلى اليوم.

وترى بعض قيادات السلطة الفلسطينية وحركة فتح في إصرار السنوار على إدراج اسم القيادي الأسير مروان البرغوثي على رأس قائمة تبادل الأسرى مع إسرائيل، تدخلا في شؤون حركة فتح الداخلية، خاصة أن شعبية البرغوثي تغطي على شعبية القيادات الحالية.

يأتي هذا في ظل توتر علاقات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع مصر والسعودية بسبب اتجاهه نحو النظامين التركي والقطري، وتحالفه مع حماس للالتفاف على وضعه كرئيس بلا شرعية بعد تمديد رئاسته دون إجراء انتخابات كما يقتضي القانون الفلسطيني.

وأعلنت حركتا فتح وحماس الخميس أنهما اتفقتا على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون ستة أشهر، على أن تجرى الانتخابات التشريعية أولا ومن ثم الرئاسية وآخرها انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقال سامي أبو زهري المسؤول في حماس خلال تصريح من إسطنبول، حيث التقى مسؤولون من الجانبين خلال اليومين الماضيين، “هناك اتفاق مبدئي بين الجانبين على إجراء انتخابات خلال فترة ستة شهور”.

وأكد جبريل الرجوب، المسؤول في حركة فتح، الاتفاق وقال إن عباس سيصدر مرسوما بموعد التصويت.

ويرى محللون أن الرئيس عباس لا يهدف فقط إلى تحييد دحلان ومنعه من خلافته على رأس السلطة، إنما يريد أيضا الاحتماء بالاتفاق مع حماس من ضغوط أوروبية تجبره على إجراء الانتخابات، حيث يهدد الاتحاد الأوروبي بقطع المساعدات على السلطة إذا لم تجر انتخابات تشريعية ورئاسية.

ولم يجر الفلسطينيون أيّ انتخابات عامة منذ عام 2006، وبدأ الانقسام الداخلي بعد ذلك بعام إثر سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة.

وترأس عباس مطلع الشهر الجاري اجتماعا هو الأول منذ سنوات للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية على إثر إعلان دولة الإمارات والبحرين اتفاقين لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.

لكن العديد من المراقبين يرون أن أفق تحقيق المصالحة لا يزال مسدودا، وخاصة أن الحسابات كلها تتعلق بالحكم وليس بمواجهة المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية بعد التحولات التي حصلت في الإقليم والعالم في العقدين الأخيرين.

وقال الكاتب الفلسطيني محمد مشارقة، مدير مركز التقدم العربي للسياسات في لندن، إن “طرفي الانقسام يعيشان أزمة ثقة مع الشارع الفلسطيني بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها الغالبية العظمى من المواطنين، وموضوع رواتب الموظفين التي انخفضت إلى النصف للشهر السادس على التوالي”.

ولم يستبعد مشارقة أن تعود فتح وحماس إلى صيغة كانت قد طرحت في حوارات 2015 وهي دخول الانتخابات بقائمة موحدة، بهدف الحفاظ على موقعيهما في السلطة، مقللا من الحديث عن أن تفاهمات إسطنبول يمكن أن تمهد لإنهاء الانقسام.

وعزا مشارقة ذلك إلى “وجود برنامجين مختلفين، أحدهما مرتبط عقائديا بمشروع الخلافة الإسلامية ومركزه تركيا، ما يعني إدارة الظهر لمصر وبقية الدول العربية، وثانيهما برنامج حركة فتح التي تقود منظمة التحرير المتحالفة تقليديا مع ما يعرف بدول الاعتدال العربي”.

وأضاف أن حركة فتح، وأساسا الرئيس عباس، باختيارها تركيا وسيطا، تقلب تحالفاتها وتعطي إشارات خاطئة للقاهرة والرياض، وهو موقف يشكل خروجا عن الثوابت السياسية التي درجت عليها منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الابتعاد عن المحاور والاستقطابات العربية وأن فلسطين هي فوق الخلافات العربية.

وقال الكاتب عدلي صادق إن الفلسطينيين ينظرون بعين الريبة إلى نوايا الطرفين، بحكم تجربتهم الطويلة معهما، وأصبحت هناك قناعة لدى النخب الاجتماعية، بين الكلام المسموع، بأن هناك فارقا كبيرا لدى فتح وحماس بين مفهوم المصالحة ومفهوم إنهاء الانقسام.

وأضاف صادق الذي سبق أن شغل مواقع دبلوماسية فلسطينية “الطرفان متصالحان أصلاً، ويتبادلان المجاملات في الأفراح والأحزان، لكنهما ظلا حريصيْن على إبقاء الإنقسام، ولا يريدان إنهاءه، لأن كلاً منهما لا يريد التخلي في منطقته عن شيء من سلطته لصالح نظام وطني، قوي ورصين وقادر على مواجهة التحديات”.

واعتبر أن ما رشح من رؤى الطرفين لتطبيق المصالحة غير مشجع، لاسيما عندما يقال إن فتح وحماس ستخوضان الانتخابات بقائمة واحدة. فهذه كبيرة إلا على من يريدون التحايل على المسائل.

وقال “المطلوب فلسطينيًّا في هذه الساعات، بعض التواضع مع بعض الواقعية، وليس الانتقال الفجائي من التخوين والشيطنة والفتاوى الرديئة، إلى الحب حتى الالتصاق. فلم يمر وقت طويل على اتهام الفتحاويين في غزة بالانحراف والخيانة، لمجرد أنهم تفاهموا مع حماس على مصالحة تبدأ مجتمعية وإغاثية. وكان الذين يتهمون هم أنفسهم وفد فتح إلى محادثات تركيا، والمعترضون بشدة هم أصدقاؤهم وفد الطرف الثاني الموصول بإخوان الخارج”.

وشدد صادق بقوله “عندما تخوض الحركتان الانتخابات في قائمة واحدة، سيكون المعنى أن منهجية كل منهما تتطابق مع منهجية الأخرى، وهذا ليس ولم ولن يكون صحيحًا. أما الإدعاء به، فمن شأنه أن يشطب موضوعيًّا مفهوم المنافسة الديمقراطية”.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى