واشنطن تتجنب إدانة تل أبيب على جريمة إغتيال 7 من موظفي الإغاثة الدوليين

"لم نرصد أيّ حادثة قام فيها الإسرائيليون بانتهاك القانون الإنساني الدولي"

زعم البيت الأبيض، الثلاثاء، إنه “غاضب” من القصف الجوي الإسرائيلي، الذي راح ضحيته 7 من موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة “وورلد سنترال كيتشن” الخيرية في قطاع غزة، رافضاً إدانة عملية الإغتيال رغم اعتراف إسرائيل بتنفيذها حسب ما أعلنه رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو يوم أمس الثلاثاء.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال إفادة صحافية، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصل بمؤسس المنظمة غير الحكومية لتعزيته.

وأعلنت المنظمة وقف عملها في المنطقة، على أن يتم اتخاذ قرارات بشأن العمليات المستقبلية، إذ أصبح عملها رئيسياً في الجهود المحفوفة بالمخاطر والمشحونة سياسياً لتوزيع المساعدات الإنسانية على سكان قطاع غزة.

وأقر رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو، بأن الجيش الإسرائيلي قتل “عن غير قصد”، 7 من موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة “وورلد سنترال كيتشن”، في غارة جوية على قطاع غزة، على حد زعمه، وتعهد الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق مستقل.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، في إفادة صحافية: “أغضبنا أننا علمنا بقصف للجيش الإسرائيلي، قتل عدداً من المدنيين العاملين في المساعدات الإنسانية من وورلد سنترال كيتشن”.

بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في نفس الإفادة الصحافية، إن بايدن قال للطاهي خوسيه أندريس، مؤسّس ورئيس المنظمة الإغاثية إن “قلبه مفطور”، وإنه “سيبلغ إسرائيل بكل وضوح بوجوب حماية عمّال الإغاثة الإنسانية”.

ورداً على سؤال بشأن إذا كانت الولايات المتحدة، ستدين القصف الإسرائيلي، قال كيربي إن استخدام كلمة “غاضب” يمكن اعتبارها “إدانة للقصف في حد ذاته”.

وأضاف كيربي أن الإسرائيليين: “قالوا بالفعل إنهم يتحملون هذا.. هناك مساءلة يتعين تحملها هنا”.

وتابع: “هناك قضايا تتعلق بعدم الاشتباك يتعين بوضوح تحديدها وتحسينها”، لكنه قال إن واشنطن ستواصل التأكد من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها.

الإسرائيليون لم ينتهكوا القانون الإنساني

ورداً على سؤال أحد الصحافيين، بشأن شرط تم تحديده في مذكرة أصدرها الرئيس بايدن في فبراير بشأن منع تسليم الأسلحة، التي تؤدي إلى خطر تسهيل اقتراف انتهاكات لحقوق الإنسان أو المساهمة فيها، قال كيربي: “سبق وأقرّ الإسرائيليون بكون ذلك خطأ اقترفوه. والتحقيقات جارية في هذا الصدد، وسيصلون إلى الاستنتاجات. دعنا لا نستبق الأمور”.

وأضاف: “يفترض سؤالك في هذا الوقت المبكر جداً أنّ هذه الضربة كانت متعمدة، وأنهم كانوا على علم تام بما يستهدفونه واستهدفوا العاملين في مجال المساعدة عن قصد، ولكن ما من دليل على هذا”.

وأردف: “أود أيضاً أن أذكرك سيدي أننا ما زلنا نعاين الحوادث بعد حدوثها، وقد وضعت وزارة الخارجية آلية محددة لهذا الغرض، وحتى الآن ونحن نتحدث، لم نرصد أيّ حادثة قام فيها الإسرائيليون بانتهاك القانون الإنساني الدولي. وفي حال قلت إننا لا تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، أطمئنك أنّنا جادون جداً. نعاين الأمور فور حدوثها”.

ورداً على سؤال آخر “إذا لم تنتهك إسرائيل القانون الإنساني الدولي أبداً قطعاً في الأشهر الخمسة إلى الستة الماضية؟، أجاب كيربي: “ما أقوله هو أنّ وزارة الخارجية درست حوادث ماضية، ويُنتظر منها أن تحدد ما إذا كان أيّ منها ينتهك القانون الإنساني الدولي”.

ضغوط على بايدن

ويواجه الرئيس الأميركي ضغوطاً من شركاء أجانب، ومنظمات حقوقية، وبعض أنصاره الديمقراطيين في الكونجرس، لفرض شروط على نقل الأسلحة من أجل كبح الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

وأكد السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، أن “قتل هؤلاء الموظفين، والكثير من موظفي الأمم المتحدة وموظفي إغاثة آخرين، غير مقبول. طفح الكيل. لا بد من إجراء تحقيق عاجل ومستقل”.

وكانت “رويترز” أفادت قبل ساعات من الغارة الإسرائيلية على موظفي “وورلد سنترال كيتشن”، الاثنين، بأن إدارة بايدن تدرس المضي قدماً في إرسال أسلحة إلى إسرائيل بقيمة 18 مليار دولار.

ويقول مسؤولو الصحة في القطاع الفلسطيني، إن جرائم الإبادة الإسرائيلي في غزة حصدت أرواح أكثر من 32 ألفاً و916 فلسطينياً أكثرهم من النساء والأطفال.

تحقيق سريع

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه في باريس: “تحدثنا مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية عن هذه الواقعة بالتحديد. وطالبنا بإجراء تحقيق سريع وشامل ونزيه”، مضيفاً أنه يتعين حماية العاملين في المجال الإنساني.

ووصل بلينكن إلى باريس لإجراء محادثات مع عدد من كبار المسؤولين منهم الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك بعد ساعات فحسب من تعرض المنظمة غير الحكومية ومقرها واشنطن لغارة جوية إسرائيلية في وسط غزة، ما يزيد الضغط على واشنطن لاتخاذ موقف أكثر صرامة في بشأن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.

ووصف بلينكن موظفي المنظمة غير الحكومية الذين قُتلوا في الغارة “هؤلاء الأشخاص أبطال، اقتحموا النار ولم يهربوا منها”.

وتابع: “ينبغي ألا يكون لدينا وضع يتعرض فيه الأشخاص الذين يحاولون بكل بساطة مساعدة إخوانهم من البشر لخطر جسيم”؛ لكنه لم يصل إلى التنديد المباشر بالهجوم، على خلاف نظيره الفرنسي.

وعبر سيجورنيه عن “التنديد الشديد” من فرنسا بالغارة الجوية الإسرائيلية خلال حديثه بصحبة بلينكن، قائلاً: “لا شيء يمكن أن يبرر مثل هذه المأساة”.

تدفق الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل

وعندما سُئل بلينكن عما إذا كانت حوادث مثل استهداف موظفي “وورلد سنترال كيتشن”، تجعل واشنطن تعيد التفكير في “فيضان الأسلحة” المقدم إلى إسرائيل، لم يجب بلينكن على السؤال بالتحديد، لكنه قال إن جميع عمليات نقل الأسلحة الأميركية تمت بما يتسق مع متطلبات سياسية.

وأضاف: “من اليوم الأول، نعمل على أن تدرك إسرائيل ضرورة حماية المدنيين، والالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي وقانون الصراع المسلح. هذا أمر نفحصه ونراجعه على أساس منتظم”.

على نحو مماثل، ندد السفير الأميركي في إسرائيل، جاك لو، بقتل أحد الأميركيين ضمن فريق منظمة “وورلد سنترال كيتشن” الإغاثية، وطالب إسرائيل بإجراء تحقيق سريع وشامل ونزيه في الواقعة.

وقال السفير عبر منصة “إكس”: “أشعر بالحزن الشديد إزاء قتل المواطن الأميركي وزملائه، بينما كانوا يقومون بتوصيل مساعدات إنسانية عبر منظمة (وورلد سنترال كيتشن)”.

تجاهل القانون الإنساني

واعتبر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن قتل 7 من عمال الإغاثة في ضربة إسرائيلية بغزة يظهر “تجاهل القانون الإنساني”، وسلامة الطواقم الإنسانية في حرب إسرائيل على قطاع غزة.

وقال إن “تكرار هذه الأحداث هو نتيجة لا مفر منها لكيفية خوض هذه الحرب راهناً”، في “تجاهل للقانون الإنساني الدولي وتجاهل لحماية العمال الإنسانيين”، مندداً بمقتل “جميع العمال الإنسانيين”.

وأضاف أن الأمم المتحدة “تدعو مجدداً” إلى وقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية في الحرب المستمرة منذ 6 أشهر، مشيراً إلى سقوط “ما لا يقل عن 196 من موظفي الإغاثة منذ أكتوبر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي أحد أخطر وأصعب أماكن العمل في العالم”.

وذكر دوجاريك أن سيجريد كاج منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار لغزة اجتمعت مع فريق “ورلد سنترال كيتشن” في غزة قبل ساعات من مقتلهم، وأن الهجوم أصابها بالهلع.

وتابع: “لدينا آلية لفض الاشتباك. لاحظنا أنها لا تعمل كما ينبغي. نستمر في إيصال المساعدات.. على أساس الفرص السانحة، وهي ليست بأي شكل من الأشكال الطريقة المناسبة لإدارة عملية مساعدات كبيرة”.

وحينما سُئل عن الرسالة التي يمكن للأمم المتحدة أن توجهها إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن الغارة الجوية، قال “الرسالة هي: اتركوا موظفي الإغاثة يؤدون عملهم”.

مسؤولية جنائية و”تعويض”

ودعا نائب وزير الخارجية البولندي أندريه زيجنا، إسرائيل، إلى “تعويض” عائلات عمال الإغاثة السبعة الذين قتلوا في ضربة إسرائيلية، وبينهم مواطن بولندي.

وقال زيجنا في تصريح إذاعي: “على السلطات أن تفكر في الطرف الذي ينبغي أن يتحمل مسؤولية جنائية لضغطه على زر معين، وفي كيفية تعويض عائلات الضحايا، رغم أنه يستحيل القيام بذلك (باللجوء إلى) المال”.

بدورها، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إسرائيل بـ”إجراء تحقيق سريع ومعمق” في مقتل عمال الإغاثة.

وكتبت الوزيرة على منصة “إكس”: “يجب أن يتمكن عمال الإغاثة من القيام بعملهم المهم بأمن تام، في العالم أجمع وأيضاً في غزة (…) يجب عدم السماح بوقوع حوادث مماثلة”.

بريطانيا تطلب تفسيراً عاجلاً

واستدعت بريطانيا، السفيرة الإسرائيلية لديها، تسيبي هوتوفلي، للتعبير عن “إدانتها القاطعة للقتل المروع” للعاملين في المنظمة، ومن بينهم مواطنون بريطانيون.

وقال وزير شؤون التنمية وإفريقيا البريطاني أندرو ميتشل: “أعبر عن إدانة الحكومة القاطعة للقتل المروع لسبعة من عمال الإغاثة في “وورلد سنترال كيتشن”، من بينهم 3 بريطانيين”، مضيفاً: “طلبت إجراء تحقيق سريع وشفاف يعرض على المجتمع الدولي، وتحقيق محاسبة كاملة”.

وقال وزير الخارجية ديفيد كاميرون، إنه تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، للتأكيد على أن سقوط عمال الإغاثة “غير مقبول بالمرة”.

وأضاف كاميرون في منشور على منصة “إكس”، “يجب أن تقدم إسرائيل تفسيراً عاجلاً عن كيفية حدوث ذلك، وأن تجري تغييرات كبيرة لضمان سلامة موظفي الإغاثة على الأرض”.

إدانات عربية

وأدانت وزارة الخارجية السعودية، استهداف قافلة “وورلد سنترال كيتشن” الإغاثية في قطاع غزة، مجددة رفض المملكة القاطع لاستهداف البعثات والمنظمات الإغاثية والعاملين فيها.

ووصفت الوزارة، الهجوم، في بيان، بأنه “استمرار ممنهج لجرائم وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي الإنساني”، كما طالبت الخارجية السعودية المجتمع الدولي “بالقيام بدوره تجاه وقف هذه الانتهاكات وحماية المدنيين العزل والعاملين في المنظمات الإنسانية والإغاثية، والعمل على إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية العاجلة لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة”.

وقال مسؤول إماراتي لوكالة “رويترز”، طلب عدم كشف هويته، إن الإمارات علقت إرسال مساعدات إنسانية عبر ممر بحري من قبرص إلى غزة لحين حصولها على مزيد من ضمانات السلامة من إسرائيل، وإجراء تحقيق كامل في مقتل موظفي إغاثة بالقطاع الفلسطيني، دون تقديم تفاصيل عن ضمانات السلامة التي تريدها الإمارات من إسرائيل.

وتمول الإمارات شحنات المساعدات المحمولة بحراً إلى غزة، بينما تعمل “وورلد سنترال كيتشن” على تنظيم هذه الشحنات.

ونددت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان، باستهداف موظفي الإغاثة، ودعت إلى إجراء “تحقيق عاجل ومستقل وشفاف”. وقالت الإمارات إنها تحمل إسرائيل “مسؤولية هذا التطور الخطير”.

تأزم الأوضاع الإنسانية الكارثية

أدانت مصر، بأشد العبارات، الغارة الجوية التي استهدفت موظفي إغاثة دوليين في قطاع غزة تابعين لمؤسسة المطبخ المركزي العالمي “وورلد سنترال كيتشن”، مؤكدة في بيان أصدرته وزارة الخارجية، رفضها واستنكارها القاطع لاستمرار إسرائيل في استهداف المنظمات العاملة في المجال الإنساني، والتي تقوم بدور حيوي ورئيسي في مواجهة الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، دون محاسبة أو تحمل للمسئولية عن تلك الانتهاكات السافرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وجددت مصر، مطالبتها بضرورة قيام إسرائيل بوضع قرارات مجلس الأمن الداعية إلى ضمان النفاذ الآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة موضع التنفيذ.

وشددت مصر، على أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية المتعمدة لكافة القوانين والأعراف الدولية، وعدم مبالاتها بالاعتبارات الإنسانية التي يتفق عليها الضمير العالمي، سيؤدي إلى المزيد من تأزم الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع بشكل يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذى يقف عاجزاً أمام اتخاذ موقف حاسم ومؤثر تجاه تلك الانتهاكات.

وطالبت مصر، بإجراء تحقيق عاجل وجدي يؤدي إلى محاسبة المسئولين عن تلك الانتهاكات الممنهجة والمتعمدة لحقوق الإنسان الفلسطيني، والامتثال التام لكافة قرارات مجلس الأمن بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار وضمان النفاذ الآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية، وحماية كافة العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، لما يقومون به من جهود تخفف وطأة الأزمة الإنسانية التي يشهدها سكان القطاع على مدار الأشهر الماضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى