هل يتوقف “أعداء بوتين المقتولون” عن القيام؟





 ألكسندر نازاروف

لا يبدو مقتل الصحفي أركادي بابتشينكو في أوكرانيا ثم “قيامه” فصلا كوميديا مدهشا فحسب، بل هو ذروة الحماقة للحملة المعادية لروسيا التي يقودها الغرب.
وبدأت الحملة بـ “روسيا جيت” (فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية وفقا لوسائل الإعلام الأمريكية) ثم تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال. وتٌرى كيف سيكون الاستفزاز القادم؟
استيقظ العالم منذ أيام على جريمة اغتيال مروعة في العاصمة الأوكرانية كييف للمراسل الصحفي المعارض لبوتين أركادي بابتشينكو. فما كان من أوكرانيا إلا أن اتهمت روسيا فورا باغتياله، ومن جانبها طالبت العواصم الغربية بإجراء تحقيقات في الواقعة، بينما تفتحت شهية الغرب لقصة جديدة تخدم الحملة المعادية لروسيا على غرار “تسميم سكريبال”، وشرعت وسائل الإعلام الغربية على الفور في حملة ضارية حول هذه “الفضيحة الجديدة”، ولم تقاوم السلطات الأوكرانية إغراء رسم مشهد “مصرع عدو جديد” لبوتين باغتياله برصاصة في ظهره بمنتهى الخسّة، بينما كان يبتاع الخبز لعائلته من متجر مجاور. لكن بابتشينكو فاجأ الجميع وعاد إلى الحياة في اليوم التالي، وأعلن النظام في كييف أن تلك الجريمة كانت فخا منصوبا من جانب أجهزة الاستخبارات الأوكرانية بغرض الحفاظ على حياة المراسل من “المؤامرة الروسية”، في الوقت الذي صرح فيه مدبر عملية الاغتيال ومنفذها بأنهما يعملان لصالح أجهزة الاستخبارات الأوكرانية.
الآن بينما يحاول العالم كله تخمين ما إذا كانت السلطات الأوكرانية بكامل عقلها أم لا، يحاول الغرب التقليل من أضرار ذلك الفعل المجنون على حملته المعادية لروسيا.
من جانب آخر فقد ظهر كم هائل من التعليقات الساخرة على أوكرانيا وبابتشينكو.
إن تلك القصة في المجمل منطقية ومتوقعة، فحينما بدأت أحداث “روسيا جيت”، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والغرب بصفة عامة معايير للحملة المعادية لروسيا تتمثل في غياب الأدلة، بمعنى أنه من الممكن اتهام روسيا بأي شيء بلا أدلة، حتى أن انهيار الاتهامات الخاصة بتآمر روسيا وترامب لم يوقف الحملة المعادية لروسيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشرت موضة الحديث عن “التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية” سريعا في الغرب وطالت حتى المستعمرات الأوروبية السابقة التي تعوّدت على تكرار أي موضة ينشرها أسيادهم السابقون. تبع ذلك الاستفزاز الخاص بتهمة تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال في بريطانيا، والتي لم تتضمن أيضا أي أدلة، لكن عددا كبيرا من دول الغرب شارك في الحملة المعادية لروسيا وسحبوا دبلوماسييهم واتهموا روسيا بأوامر من واشنطن “تضامنا” مع بريطانيا، إلا أن شفاء سكريبال وابنته عقب تجرعهما “أكثر الأسلحة الكيميائية خطورة في العالم”، وتكشف حقيقة صناعة الناتو لغاز “نوفيتشوك” وامتلاكه له لم يؤديا سوى إلى فقدان لندن لمصداقيتها بالكامل. لم تعد أوروبا تصدق، وتحاول قدر المستطاع نسيان تلك القصة، على الرغم من محاولات لندن تشكيل جبهة موحدة ضد موسكو..
لكن أوكرانيا قررت أن تبعث الحياة في الهيستيريا المعادية لروسيا من خلال استفزاز جديد على شاكلة “روسيا جيت” و “قضية سكريبال”، لكن الخيال فيما يبدو قد ذهب بها بعيدا، لتتحول قصتها إلى مشهد غرائبي من مسرح العبث. إن الصحافة الغربية الآن تهاجم كييف، لا بسبب استفزاز الأخيرة لروسيا، وإنما بسبب أن بابتشينكو حي يرزق، ذلك أن ما حدث لا يطعن في مصداقية ما يمكن أن تقوله أوكرانيا في المستقبل بشأن روسيا فحسب، بل وإنما لأنه ينال بالتوازي من صدقية الاتهامات الغربية لروسيا بشأن قضية سكريبال أيضا.
ترى هل يعتزم الغرب أو أوكرانيا في المستقبل إتمام إحدى “جرائم القتل التي يرتكبها بوتين” حتى نهايتها المنطقية، كي لا تبدو الاتهامات الموجهة لروسيا على هذا القدر من الكوميدية؟


Related Articles

Back to top button