تركيا تدخل على خط المصالحة الفلسطينية

انهاء الانقسام أكبر من قدرات عباس

من المتوقع يصل إلى تركيا هذا الأسبوع وفد من حركة فتح التي تهيمن على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، برئاسة جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لفتح.

وسيلتقي الرجوب بصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المقيم في إسطنبول منذ سنوات.

ويقيم العاروري في تركيا، بعد أن أجبرته إسرائيل ومصر على مغادرة الضفة الغربية بسبب أنشطته، واتهامه من قبل الولايات المتحدة بتمويل خلايا إرهابية في إسرائيل والضفة الغربية.

واستبعدت مصادر سياسية فلسطينية أن يسفر اللقاء المرتقب هذا الأسبوع في تركيا بين قياديين من حركتي فتح وحماس عن مصالحة بين الفصيلين المتصارعين.

وأكدت المصادر المقربة من مصدر القرار الفلسطيني في تصريحات ل” الأوبزرفر العربي” أن المصالحة مع حماس التي تدفع باتجاهها تركيا وقطر، بعد توقيع اتفاق التطبيع الإماراتي البحريني مع إسرائيل، لها استحقاقات وفواتير لا تستطيع حركة فتح والرئيس محمود عباس دفعها في الوقت الراهن.

وأشارت إلى أن في مقدمة تلك الفواتير التنازل عن ثلث عضوية المجلس الوطني الفلسطيني -الذي يُعدّ برلمان منظمة التحرير- واستبعاد كل الهيئات القيادية، المتمثلة في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير. وهناك استحقاق آخر يتعلق بالسلطة الفلسطينية ووزاراتها وبعثاتها الدبلوماسية.

وعلى عكس الصفقات السابقة التي توسطت فيها مصر، فإن الصفقة الجديدة تحت رعاية تركيا في محاولة منها للعب دور سياسي وتحشيد الرأي العام ضد قرار التطبيع الإماراتي مع إسرائيل.

وسبق أن فشلت كل الاتفاقات السابقة التي رعتها مصر وقطر والسعودية في إنهاء الصراع المستمر بين حركتي فتح وحماس منذ ثلاثة عشر عاما.

وقدم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان الملاذ والدعم لحركة حماس، بما في ذلك منح الجنسية التركية لبعض القياديين فيها، كجزء من محاولاته لتوسيع نفوذ تركيا في المنطقة.

واستبعد مصدر فلسطيني مطّلع أن يتمكن الرئيس محمود عباس من الانتقال في التحالفات إلى المحور الذي تقف فيه حماس، المحور الإيراني التركي القطري الإخونجي. لكنه لم يستبعد أن يكون لقاء الرجوب والعاروري في تركيا آخر المناورات والرسائل التي يرسلها عباس إلى حلفائه السابقين في معسكر الاعتدال العربي.

وفي تصريح لـ”الأوبزرفر العربي” عزا المصدر ذلك إلى أن النخبة الفلسطينية المتحكمة بالسلطة والنفوذ في رام الله تدرك جيدا أنها باتت في موضع ضعف وسيكون موقعها ثانويا في التحالف مع حماس بعد أن أعربت دول الخليج ومصر والأردن عن دعمها لقرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ووفق المصدر نفسه “يعني تصالح فتح مع حماس، فتح الباب لفرض الحصار على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، لأن حركتي حماس والجهاد الإسلامي مدرجتان على قوائم الإرهاب، ليس فقط في دول الخليج بل في العديد من العواصم الأوروبية”.

وتوقع محللون سياسيون فشل جهود النظام التركي في الجمع بين فتح وحماس، مؤكدا على أنه لا مصالحة فلسطينية ومحمود عباس موجود في الرئاسة.

وتعيش الحركتان الفلسطينيتان أزمات جدية مع جمهورهما في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلا عن أزمة ثقة تتسع يوما بعد يوم، فلم تستطع الحركتان حشد مظاهرة في محافظة الخليل التي يقطنها 800 ألف نسمة بعد توقيع الاتفاق الإماراتي البحريني مع إسرائيل، ولم يتجاوز الحضور ستين شخصا غالبيتهم من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، كما ألغيت مظاهرة في رام الله الجمعة الماضية لأن الحضور لم يتجاوز عشرين شخصا.

وراهن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على دعم مالي قطري بعد اتهامه الإمارات وزعماءها بالخيانة وحرق الأعلام والصور الإماراتية، وأرسل في الثالث من سبتمبر الحالي عضو اللجنة المركزية لفتح حسين الشيخ لطلب قرض عاجل بـ300 مليون دولار من الدوحة، إلا أنه عاد خالي الوفاض مع نصيحة قطرية بالعودة إلى التنسيق مع الجانب الإسرائيلي للحصول على أموال المقاصة الضريبية، وبأن القرض الإسرائيلي موجود في مالية السلطة الفلسطينية بقيمة 900 مليون شيكل.

واعتبر مراقبون سياسيون أن الصيغة التي تريدها حماس من اجتماع تركيا المرتقب لا تقترب من فكرة إنهاء الانقسام على الأرض.

وقالوا: “هناك فارق بين إنهاء الانقسام والمصالحة بين قادة الحركتين. فهم عمليًّا متصالحون، لكن الحركتين أبعد ما تكونان عن فكرة إنهاء الانقسام، من خلال تنازل كل منهما عن صلاحياتها في منطقة حكمها تحت الاحتلال الإسرائيلي أو المحاصر في غزة، لصالح كيان وطني قوي سياسيّا وينهي مهزلة عدم وجود مؤسسات وعنوان فلسطيني واحد”.

وأضافوا أن جماعة الإخونجية التي ترتبط بها حماس عبرت عن موقف إيجابي حيال المصالحة، لكنه في المضمون يحافظ على الانقسام باعتبار أن غزة على تماس مع مصر، وأن الإخوان لا يسمحون بإنهاء الانقسام الفلسطيني على يد المصريين؛ لأن جماعة الإخونجية والنظام التركي، في أصل موقفهما، يريدان توظيف غزة وحماس داخل القطاع في الاتجاه المضاد لمصر سياسيًّا وأمنيّا.

يذكر أنه خلال اجتماع عقد في بيروت عبر تقنية الفيديو كونفرانس قبل أيام، كانت لهنية كلمة تعرضت لنقد مرير من قواعد حماس في غزة، لفرط المديح الذي أجزله لعباس، بينما قواعد حماس، كما قواعد فتح في غزة، تأذت كثيرا من سياسات عباس خلال السنين العشر الماضية.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى