فصول الصراع الأرمني الأذربيجاني عبر التاريخ

قبل أيام قليلة، اشتبك الأذربيجان والأرمن مجدداً، في نسخة محدثة من صراع مزمن بدأ في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كفصل من فصول الصراعات الاثنية والقومية التي رافقت انهيار الاتحاد السوفياتي، والتي لم يُحلُّ الكثير من قضاياها النهائية طوال ثلاثة عقود.

وتسود منذ عقود ضغينة بين أرمينيا وأذربيجان، الدولتين السوفياتيتين السابقتين الواقعتين في القوقاز، على خلفية نزاع حول الأراضي يتطور باستمرار لمواجهات دامية.

في ما يلي إضاءة على خلافات الجارين اللدودين بعد أن اندلعت اشتباكات عنيفة بينهما الأحد.

توجد منطقة ناغورني قره باغ في محور العلاقات المتوترة بين يريفان وباكو. ألحقت السلطات السوفياتية هذا الجيب الذي تسكنه أغلبية أرمينية بأذربيجان عام 1921، لكنه أعلن استقلاله عام 1991 بدعم من أرمينيا.

تلى ذلك حرب أدت إلى مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف. ورغم توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار عام 1994 وقيام وساطة روسية أميركي فرنسية تحت اسم “مجموعة مينسك”، لا تزال الاشتباكات المسلحة متواترة.

وشهدت الاشتباكات الأخيرة الأحد اتهام أذربيجان والانفصاليين الأرمينيين بعضهم لبعض بإشعال القتال الذي أسفر عن سقوط ضحايا بينهم مدنيون. وتأتي المواجهة الاخيرة في أعقاب تصعيد على طول حدودهما، بعيدا عن ناغورني قره باغ، في يوليو الفائت، أودت بحياة 17 جنديًا من الجانبين.

في أبريل 2016، جرت أكبر المعارك في المنطقة منذ سنوات، وقد أدت إلى مقتل 110 أشخاص.

شهدت أرمينيا التي صارت مسيحية منذ القرن الرابع، عدم استقرار سياسيا واقتصاديا بعد استقلالها عام 1991.

عرفت هذه الدولة الفقيرة وغير الساحلية عدة ثورات وعمليات قمع دموية، وعمليات اقتراع مطعون فيها، على خلفية نزوع عدة زعماء لممارسات زبائنية وسلطوية.

أوصلت ثورة سلمية في ربيع 2018 رئيس الحكومة الحالي نيكول باشينيان إلى السلطة. أجرى هذا الأخير إصلاحات، لقيت ترحيبا واسعا، لإحلال الديموقراطية واجتثاث الفساد.

في المقابل، تمثل أذربيجان بلداً شيعياً على ضفاف بحر قزوين، تحكمها عائلة واحدة منذ 1993. أدار الضابط السابق في المخابرات السوفياتية حيدر علييف البلد بقبضة من حديد حتى أكتوبر 2003، حين أورث السلطة إلى ابنه إلهام قبل بضعة أسابيع من وفاته.

على غرار والده، لم يسمح إلهام علييف ببروز أي معارضة، وعيّن في 2017 زوجته مهريبان نائبة للرئيس.

جعلت تركيا التي لها طموحات جيواستراتيجية في القوقاز وآسيا الوسطى، من أذربيجان الثرية بالمحروقات والتي يتحدث شعبها لغة متفرعة من التركية، حليفها الأساسي في المنطقة، وهي صداقة يعززها العداء المشترك لأرمينيا. وتدعم أنقرة باكو في رغبتها في استعادة ناغورني-قره باغ وتصدر في شكل روتيني بيانات شديدة اللهجة تأييدا لهذا المسعى.

أما أرمينيا، فتكن ضغينة تجاه تركيا بسبب اتهام الإمبراطورية العثمانية بإبادة نحو مليون ونصف مليون أرميني خلال الحرب العالمية الأولى.

واعترفت أكثر من 30 دولة بالأمر كإبادة، لكن، ترفض تركيا هذا الوصف لما حدث وتتحدث عن مجازر متبادلة.

في الأثناء، تبقى روسيا أكبر قوة إقليمية، وهي تقيم مع أرمينيا علاقات أوثق من علاقاتها مع أذربيجان، لكنها تبيع الأسلحة للطرفين.

انضمت يريفان إلى أحلاف سياسية واقتصادية وعسكرية تهيمن عليها موسكو، أبرزها منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

تحتاج أرمينيا إلى الشقيقة الروسية الكبرى أكثر من عدوها الأكثر ثراء، والذي ضاعف انفاقه العسكري.

فصول الصراع الأرمني الأذربيجاني عبر التاريخ

تسعى أذربيجان إلى تحسين صورتها في العالم، خاصة في الغرب، لإزالة سمعتها كبلد سلطوي تسوده المحسوبية، وتستخدم في ذلك مواردها النفطية.

استثمرت باكو في عقود الرعاية، خاصة في كرة القدم ولا سيما في بطولة أمم أوروبا 2020 التي أجّلت بسبب فيروس كورونا المستجد. ستستقبل باكو مباريات من هذه البطولة، كما صارت تنظم منذ 2016 جائزة كبرى للفورمولا 1.

يسعى البلد أيضا إلى فرض نفسه في أوروبا كبديل للمحروقات الروسية.

في المقابل، تملك أرمينيا شتاتا واسعا ومؤثرا يتكون من أحفاد اللاجئين نتيجة القمع العثماني، وتستغله في الترويج لنفسها.

من بين الشخصيات المشهورة المتحدرة من أصل أرميني نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان والمغني الراحل شارل أزنافور والمغنية والممثلة شير وبطل العالم في كرة القدم مع منتخب فرنسا يوري ديوركاييف، وغيرهم.

صار بعض هؤلاء سفراء غير رسميين ليريفان، على غرار كيم كارداشيان في ما يخص الإبادة، شارل أزنافور الذي جمع تمويلات لمساعدة أرمينيا عقب الزلزال المدمر الذي ضربها عام 1988.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى