الفلسطينيون في 48 يشاركون في مسيرة العودة

شارك الفلسطينيون من أهالي مدينة أم الفحم ومنطقة وادي عارة ومختلف البلدات العربية في مسيرة العودة الكبرى بقرية اللّجون المهجّرة والواقعة في أراضي منطقة الروحة، بالقرب منطقة مجيدو، وذلك تحت شعار “يوم استقلالهم يوم نكبتنا”.

وكانت قد انطلقت المسيرة اليوم من محطة الوقود في مفترق اللجون (مجيدو)، توجهًا نحو مزكز قرية اللّجون المهجرة، حيث تمّت اقامة فعاليات مختلفة وعديدة.

وتخللت مسيرة العودة، مسار خاص للخيالة المشاركين ورسم على وجوه الأطفال، بالإضافة إلى فعاليات أخرى. هذا، وأدى المشاركون صلاة الغائب عن روح المرحومة سهى مصاروة ضحية جريمة القتل البشعة قبل أيام.

آلاف المهجّرين

مئات آلاف من الفلسطينيين الذين هُجّروا، بعضهم بقي في داخل حدود الوطن لكنّه خسر أراضيه وبيوته وأملاكه، في حين تشتّتت عائلات آخرين ما بين المهجر ومخيّمات اللاجئين في الدول العربية والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر. وتحت شعار “يوم استقلالهم يوم نكبتنا”، توجّه هؤلاء إلى حطين في قضاء طبرية، والبصة والبروة والدامون في قضاء عكا، واللجون في قضاء جنين، وكذلك إلى بلدات مهجّرة أخرى.

وكانت جمعية صفّوريّة للتراث والعودة قد دعت إلى إحياء ذكرى النكبة الثالثة والسبعين على أراضي قرية صفّوريّة المهجّرة، بالقرب من نبع القسطل.

التأكيد على حق العودة

والتقى أبناء القرية المهجّرة مع جيل النكبة الأوّل، مؤكدين حقهم في العودة. وشمل البرنامج قراءة قصص عن التهجير مع حكواتيين وسماع شهادات حية من الجيل الأول من النكبة. يُذكر أنّ قرية صفّوريّة التي تبعد نحو ستة كيلومترات عن مدينة الناصرة، دُمّرت وأقيمت على أنقاضها مستوطنة “تسيبوري”. وفي عام النكبة، كان عدد سكان القرية يتراوح ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف، أمّا اليوم فيعيش 18 ألفاً من المتحدّرين منها في حيّ الصفافرة في الناصرة.  بالإضافة إلى هؤلاء، تشتّت كثيرون من أهلها في بقاع مختلفة من العالم.

أمين محمد علي من مواليد صفّوريّة في عام 1935، يحكي أنّه “في عام النكبة، كنت ابن 12 عاماً. أذكر يوم سقوط صفّوريّة… هو من الأمور التي لا يمكن أن تُنسى. كنّا في 15 من شهر رمضان. وأنا درست في صفّوريّة حتى الصف الخامس وسقوط البلدة”. يضيف أنّه في يوم سقوطها، “بدأ الهجوم على صفّوريّة بطائرتَين. استُهدفت البلدة بالقصف. الناس شعروا بالرعب وخرجوا من بيوتهم ليروا ماذا يحدث. وبعدما اتّضح الأمر واستمرّ  الهجوم، توجّه الناس إلى دير راهبات صفّوريّة، دير القديسة حنّة”. ويتابع: “انتظرنا العودة إلى بيوتنا. لكنّ البلدة صارت محتلة عند الساعة الثالثة والنصف فجراً”. ثمّ تركوا المنطقة وتوجّهوا صوب الجنوب اللبناني، ووصلوا بعد ليلتَين إلى بنت جبيل اللبنانية. ويشير إلى أنّه “مكثنا هناك 28 يوماً، قبل أن يأخذونا في الباصات إلى البقاع (شرقي لبنان) وتحديداً إلى القرعون حيث سكنّا في براكسات (بيوت للإيواء المؤقت). وكان يفصل ما بين عائلة وأخرى بطانية معلقة بملقط. وبعد مرور سبعة أشهر عدنا إلى الناصرة”.

ذاكرة أبو عاطف

أمّا الحاج أبو عاطف عامر، وهو من مواليد صفّوريّة في عام 1933، فهو يقطن في قرية كفر مندا اليوم، في الجليل الأسفل. يقول: “أذكر كلّ شيء في صفّوريّة. أذكر المياه والغنى اللذَين تميّزت بهما. كانت مشهورة بالبساتين وفلاحة الأراضي. وكان العطشان يأتي من حوران وإربد ليشرب من مياه صفّوريّة”. يضيف أنّه “في عام 1948، بقيت وأمي وأبي في دارنا، على الرغم من القصف الشديد، واحتفلنا بعيد الفطر وعيد الأضحى في صفّوريّة. بعدها، أعطونا الهويات وهجّرونا إلى عيلوط (في الجليل)”. ويؤكد أنّ “هويتي معي وهي من صفّوريّة، تلك الأرض التي اشتهرت بالرمّان والملوخية والباذنجان والتفاح وغيرها. هي كانت أرض خيرات، والجائع يقصد صفّوريّة ليشبع جوعه قبل أن يغادر من جديد”.

من جهته، يخبر سليمان الحاج أنّه كان يملك نزلاً وديواناً للطعام للضيوف وزائري البلدة. ويقول: “إذا مات الختياريّة (كبار السنّ) ولم تديروا بالكم على الوطن، فسوف نخسره”، مشدداً “نحن عائدون عائدون إلى صفّوريّة وإلى البساتين”.

في السياق نفسه، أقامت جمعية الدفاع عن المهجرين مسيرة رقمية، عصر اليوم الخميس، إلى حطين المهجّرة في قضاء طبريّة، وقد بُثّت عبر موقع “فيسبوك”، وذلك لأسباب لوجستية. لكنّ أهالي القرية المهجّرين خرجوا، ظهر اليوم، لزيارتها. ويقول سليمان فحماوي، وهو عضو في الجمعية، “في الذكرى الثالثة والسبعين لنكبة شعبنا الفلسطيني، تنظّم مسيرات عودة كالمعتاد. هذه المسيرة الرابعة والعشرون أتت رقمية لأكثر من سبب.

فالخطة كانت تقتضي تنظيم مسيرة على أرض الواقع، لكنّه لم تكن إمكانية لإجراء تحضيرات لوجيستية لها في خلال فترة قصيرة”. يضيف أنّ “هذه المسيرة تؤكد أنّ حق العودة مقدس وإنساني وقانوني وشرعي، وهو كذلك حق فردي. سوف نستمر في المطالبة بحق العودة إلى داخل الوطن. واليوم هذه مسيرة تلاحم ما بين الشتات والداخل الفلسطيني وغزة والضفة الغربية ومخيمات لبنان والأردن”. وقد تخللت مسيرة العودة الرقمية إلى حطين كلمات لمهجّرين ولدائرة اللاجئين من الضفة الغربية، إلى جانب كلمة لرئيس لجنة المتابعة محمد بركة، وكلمات لمهجرين في الشتات والمخيمات في لبنان والأردن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى