وزراء الخارجية العرب يدعون مجلس الأمن لاجتماع عاجل يبحث أزمة سد النهضة

ويطالبون إثيوبيا بالامتناع أي إجراءات أحادية تضر بالمصالح المائية لمصر والسودان

قال وزراء الخارجية العرب، الثلاثاء، إلى أن الإجراء الإثيوبي، “قد يتسبب في إلحاق الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان، وخاصة المنشآت المائية في السودان وأهمها سد الروصيرص”.

وطالبوا إثيوبيا بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان، بما في ذلك الامتناع عن ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد.

كما طالب وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم الطارئ بالعاصمة القطرية الدوحة، مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة عاجلة لبحث الخلاف بشأن سد النهضة الإثيوبي.

ودعا الوزراء في مشروع قرار البيان الختامي للاجتماع، مجلس الأمن الدولي بـ”تحمل مسئولياته في هذا الصدد”،  و”اتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية فعالة تضمن التوصل، في إطار زمني محدد، لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً بشأن سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث(مصر والسودان وإثيوبيا)”.

وأعرب الوزراء، حسبما ورد في البيان، عن القلق، “إزاء تعثر المفاوضات التي تمت برعاية الاتحاد الإفريقي بسبب المواقف التي تبنتها إثيوبيا”، كما أعربوا عن “القلق الشديد إزاء ما أعلنته إثيوبيا عن نيتها الاستمرار في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل في صيف عام 2021 الجاري، وهو الإجراء الأحادي الذي يخالف قواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، وخاصة اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في الخرطوم بتاريخ 23 مارس 2015”.

من جهته، قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للجامعة، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الجامعة العربية قد تتخذ أيضاً إجراءات تدريجية لدعم مصر والسودان في النزاع حول السد.

في السياق، ذاته، أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن بلاده لديها إصرار على استنفاد كافة الحلول الدبلوماسية في أزمة سد النهضة، و”هو ما دعاها إلى عرض الأمر على الأشقاء العرب، طلباً لدعم المسعى المصري السوداني العادل في القضية”.

مفاوضات مضنية

وأعرب شكري، في كلمته أمام اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري لبحث قضية سد النهضة، الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، عن شكره لسرعة الاستجابة لعقد الاجتماع الطارئ الذي دعت له مصر لوضع أشقائها العرب في صورة ما يجري حالياً اتصالاً بمفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، خاصة “مع تعثر المفاوضات وتعنت الإثيوبيين إزاء أي مبادرات ومقترحات لحل القضية”.

وقال شكري: “كما تعلمون، فقد انخرطت مصر والسودان طوال 10 سنوات في مفاوضات مضنية مع الجانب الإثيوبي، ولا زلنا نراوح مكاننا من دون إحراز أي تقدم ملموس، وعلى الرغم مما أبدته مصر من نية حسنة لإنجاز اتفاق قانوني ملزم وعادل يضمن لإثيوبيا حقها في التنمية دون افتئات على حقوق دولتي المصب، وبما لا يسبب لأي منهما ضرراً جسيماً”.

“إثيوبيا تريد فرض رؤيتها قسراً”

وأضاف وزير الخاجية المصري: “على بداهة ما تطالب به مصر، إلا أن التفاوض على ذلك الاتفاق استغرق منا جولات لا حصر لها، أبدت فيها بلادنا مرونة فائقة، تعكس التزاماً وحرصاً على الموازنة بين جميع الاعتبارات، وعلى النحو الذي يتيح لجميع الأطراف أن تخرج من المفاوضات وقد حققت جزءاً مما تريد، من دون إضـرار بالطرف الآخر”.

واعتبر  شكري أن “المشكلة تكمن في أن الطرف الإثيوبي لا يريد سوى فرض رؤيته قسراً على الآخرين، متغافلاً في ذلك عن عمد، عن تعارض ما ينادي به مع كل المواثيق والاتفاقيات التي تحكم الأنهار الدولية، وساعياً إلى فرض واقع جديد تتحكم فيه دول المنبع بدول المصب، وهو ما لا يمكن أن تقبل به مصر، فنهر النيل ملكية مشتركة، لدول المنبع كما لدول المصب، ولا يجوز لأحد مهما كان أن يغير من تلك القواعد المستقرة”.

مفاوضات واشنطن

وأضاف: “لقد أثبتت مصر حسن نواياها في كل المرات التي وُضعت فيها نوايانا موضع الاختبار، فانخرطنا في جميع مسارات التفاوض، بداية من المسار الثلاثي ومروراً بالوساطة الأميركية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق اختراق جدي، قبل أن ينسحب المفاوض الاثيوبي في اللحظة الأخيرة، وصولاً إلى مسار الوساطة الإفريقية الذي لا زالت مصر تتفاعل معه بكل الجدية إيماناً منها بغلبة لغة الحوار على ما عداها”.

الوساطة الإفريقية

وتابع شكري: “ومع مرور ما يقرب من العام على بدء الوساطة الإفريقية، إلا أنها لم تسفر بعد، وللأسف الشديد، عن النتائج المرجوة، ولا يتحمل اللوم في ذلك من قاموا عليها، فمصر تقدر الجهود التي بذلتها جنوب إفريقيا، والكونغو الديمقراطية، ولكننا لا نرى طرفاً يتحمل اللوم على إفشال كل تلك الجهود وإطالة أمد التفاوض لا لشيء إلا لكسب الوقت، سوى الجانب الإثيوبي”.

وأشار إلى أنه “إزاء تعنت إثيوبيا والمتمثل في إصرارها على الاستمرار في ملء خزان السد دون اتفاق مع دولتي المصب ما يعد مخالفة جسيمة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث عام 2015، وأمام غياب أي إرادة سياسية لإنجاز اتفاق قانوني ملزم وعادل، فإن صبرنا قد تعرض لاختبارات عدة، وفي كل مرة أثبتت مصر أنها الطرف الذي يتصرف بمسؤولية ومن منطلق إدراك مسبق بتبعات تصعيد التوتر على أمن واستقرار المنطقة، ومن ثم فإن القاهرة مصرة على استنفاد كافة الحلول الدبلوماسية، الأمر الذي دعانا ونحن هنا لنعرض الأمر على أشقائنا العرب، طالبين منهم الدعم للمسعى المصري السوداني العادل”.

الأمن القومي العربي

وذكر شكري أن مصر تعرض هذه القضية الوجودية على المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية من منطلق تأثر الأمن القومي العربي بها.

وأشار إلى أنه لا ينبغي أن تفهم خطوة القاهرة باعتبارها محاولة لخلق اصطفاف موجه ضد دولة إفريقية شقيقة، ولكنه طلب يستمد روافده من أهمية التكاتف العربي لحماية مقدرات الأمن القومي.

ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن المائي لبلاده والسودان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي العربي، مشيراً إلى أن “التأكيد على وجود تضامن عربي واضح وموقف موحد يدعو لضرورة وضع إطار زمني للعملية التفاوضية حتى يتم التوصـل إلى اتفاق متوازن”.

وأعلن شكري، أنه “ليس مقبولاً أن يستمر التفاوض إلى ما لا نهاية، خاصة وأننا بتنا مدركين لنوايا الطرف الآخر، وإقدامه على خطوات أُحادية تُفرغ أي تفاوض من مضمونه، وظناً أنه بسلوكه المراوغ قادر على فرض رؤيته وتجاهل مواقفنا”.

وأكد أن الدعم العربي لمصر والسودان في موقفهما العادل يكتسب أهمية مضاعفة في ظل هذه الظروف الحالية.

وأردف: “وإنا لعلى يقين بأننا سنلقى منكم كل الدعم المطلوب، انتصاراً لقيم الإخاء والتلاحم، وإيماناً بعدالة قضيتنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى