تونس: تجدد الصدامات بعد وفاة رجل خلال الاحتجاجات ضد إجراءات التقشف





خرج المتظاهرون إلى شوارع المدن التونسية مجددا مساء الثلاثاء احتجاجا على إجراءات التقشف التي اعتمدتها الحكومة أخيرا، بعد سبع سنوات على الثورة التي أرست نظاما ديمقراطيا في البلاد. وكما مواجهات اليوم السابق، شهدت مظاهرات الثلاثاء مواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن، ولا سيما في طبربة التي قتل فيها رجل خلال الصدامات مساء الاثنين.
عاد المتظاهرون إلى الشوارع في مدن ومناطق تونسية متعددة احتجاجا على غلاء الأسعار بعد بدء تطبيق قانون المالية لعام 2018. وتجددت الصدامات بين المحتجين وقوات الأمن في كثير من هذه المظاهرات.
ونزل مئات الشبان الى الشوارع في طبربة، التي أسفرت المواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن فيها عن مقتل رجل مساء الاثنين، حيث انتشرت تعزيزات كبيرة من القوى الأمنية والعسكرية التي ردت على رشقها بالحجارة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، حسبما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
كما شهدت مناطق أخرى فقيرة في القصرين وجلمة القريبة من سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية أواخر عام 2010 وبداية “الربيع العربي”، صدامات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع ورشقا بالحجارة.
في سيدي بوزيد (وسط)، تم إغلاق طرق بالإطارات وحدث رشق بالحجارة أيضا، كما أفاد مراسل لفرانس برس.
وتم الثلاثاء تشريح جثة الرجل البالغ من العمر 45 عاما الذي نقل إلى مستشفى بعد إصابته أثناء مشاركته في تظاهرة الاثنين، لتحديد أسباب وفاته.
ونفت وزارة الداخلية ما تم تداوله بأن الرجل قتل بأيدي الشرطة، مؤكدة عدم وجود أي آثار عنف عليه. وقال الناطق باسمها العميد خليفة الشيباني إن الرجل كان يعاني من مشاكل “ضيق تنفس”.
وقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد لإذاعة “موزاييك إف إم” الخاصة “البارحة ليلا، لم نر احتجاجات. البارحة رأينا أناسا يكسرون ويسرقون ويعتدون على التونسيين”.
وأضاف “في الديمقراطية ليست هناك احتجاجات بالليل. حق التظاهر مضمون في الدستور، والحكومة مستعدة للاستماع، لكن أي شخص… يجب أن يتظاهر بطريقة سلمية”.
وتأتي هذه الحوادث على خلفية مطالب اجتماعية في تونس وخصوصا احتجاجا على إجراءات تقشف دخلت حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير، وتتضمن زيادة على ضريبة القيمة المضافة وضرائب جديدة.
وشارك حوالى مئة شخص الثلاثاء في تظاهرة في وسط العاصمة بدعوة من تجمع منظمات من المجتمع المدني، لم يتخللها أي حوادث.
وردد المتظاهرون، وغالبيتهم من الشبان، هتافات بينها “زاد الفقر زاد الجوع يا مواطن يا مقهور”، و”نظامك أكله السوس”، و”يا حكومة الالتفاف الشعب يعاني في الأرياف”، و”الأسعار شعلة نار”.
وقال حمزة نصري، عضو حملة “فاش نستناو” (ماذا تنتظرون)، لفرانس برس خلال التظاهرة “أتينا إلى هنا اليوم … لنعبر عن رفضنا وتنديدنا باغتيال الشهيد الأول في انتفاضة 2018”.
وأضاف “أبرز مطالبنا هي إيقاف العمل بقانون المالية لسنة 2018 وإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه وتوظيف فرد من كل عائلة محتاجة”.
وأكد وزير المالية رضا شلغوم لوكالة فرانس برس إن “رئيس الحكومة تعهد عدم زيادة (أسعار) المنتجات ذات الاحتياجات الأولية، والضرائب لا تطال بشيء سلة المنتجات الغذائية لأنها خارج إطار الضريبة على القيمة المضافة”.
وأضاف “بين مكتسبات الديمقراطية، هناك احتمال التظاهر لكن لدينا أيضا التزام بالعمل من أجل اقتصاد تونسي سليم لكي تتعزز مؤشرات النمو التي ظهرت عام 2017، ونتمكن من خلق وظائف”.
“عنف ونهب”
وأعلن العميد خليفة الشيباني الناطق باسم وزارة الداخلية لإذاعة “شمس” توقيف 44 شخصا على الأقل بينهم 16 في القصرين و18 آخرون في أحياء شعبية قرب العاصمة، معتبرا أن الاضطرابات “لا علاقة لها بالديمقراطية أو المطالب الاجتماعية”.
وأشار إلى أن منفذي الاضطرابات ألحقوا أضرارا بمقار قوات الأمن في منطقة في جنوب البلاد.
من جانب آخر، قال الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني العميد وليد حكيمة لوكالة فرانس برس “إن 11 عنصرا من الأمن الوطني أصيبوا برشق الحجارة والمقذوفات وقنابل المولوتوف، فيما تضررت أربع آليات للشرطة” خلال الصدامات الليلية.
وأضاف “هذه التحركات جرت بهدف ما يسمى الاحتجاج على ارتفاع الأسعار وموازنة 2018، لكن بالواقع هناك أشخاص يهاجمون الشرطيين ويرتكبون أعمال عنف ونهب”.
ويتم التداول بالدعوات إلى التظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ “فاش_نستناو”.
وقال الشيباني ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، “ما حصل أمس مخالف للقانون نظرا إلى أننا في حالة طوارئ في تونس”، معتبرا أن “الاحتجاجات مرتكزة على عملية تجييش من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويشهد كانون الثاني/يناير عادة تعبئة اجتماعية في تونس منذ ثورة 2011 وسط أجواء يشوبها توتر مع اقتراب أول انتخابات بلدية في فترة ما بعد الثورة، وقد تقرر إجراؤها في أيار/مايو بعد تأجيلها مرات عدة.
وبعد سبع سنوات من الثورة، لا تزال تونس تواجه صعوبات في إنعاش اقتصادها. وحصل البلد الوحيد الناجي من ثورات وانتفاضات واضطرابات الربيع العربي، في 2016 على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 2,9 مليار دولار على أربع سنوات، في مقابل تنفيذ برنامج إصلاحات.
وأقر مجلس النواب التونسي في 9 كانون الأول/ديسمبر قانون المالية لسنة 2018 الذي يتضمن خفض عجز الميزانية إلى 4,9 بالمئة مقابل أكثر من 6 بالمئة في 2017 إلى جانب توقعات بتحقيق نمو بنسبة 3 بالمئة، لكنه نص على زيادة الضرائب.


Related Articles

Back to top button