إسرائيل تركب مجازر في مدينة رفح وحماس تعلّق مفاوضات الهدنة

بالتزامن مع طلبه من السكان إجلاء المناطق الشرقية من مدينة رفح، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة مجازر في المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة خلال الساعات الماضية، فيما قال مصدر في حركة حماس، اليوم الاثنين، إن الحركة بعد التشاور مع فصائل المقاومة قررت تعليق مفاوضات الهدنة في غزة.

وقد شن طيران الاحتلال غارات كثيفة على مناطق شرقي رفح، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن الاحتلال ارتكب خلال الساعات الـ24 الماضية 5 مجازر بحق العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 52 شهيدا و90 مصابا.

وأعلن الدفاع المدني والهلال الأحمر في قطاع غزة، اليوم الاثنين، أن طائرات إسرائيلية قصفت منطقتين في رفح، سبق أن طلب الجيش صباحا من السكان إخلاءهما.

وقال مسؤول الإعلام في الدفاع المدني أحمد رضوان إن المناطق المستهدفة “بالقرب من محيط مطار غزة الدولي، ومنطقة الشوكة وأبو حلاوة ومنطقة شارع صلاح الدين وحي السلام”.

حماس تعلق مفاوضات التهدئة

وقال مصدر في حركة حماس، اليوم الاثنين، إن الحركة بعد التشاور مع فصائل المقاومة قررت تعليق مفاوضات الهدنة في غزة. وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، أن قرار فصائل المقاومة هو إرجاء عودة وفد التفاوض للقاهرة انتظارا لما ستسفر عنه جهود الوسطاء. وأكد أن قيادة الحركة تلقت اتصالات من الجانب المصري مطالبة إياها بعدم التصعيد العسكري وإعطاء الفرصة للجهود الرامية لاحتواء الأزمة واستكمال مفاوضات الهدنة في غزة.

إخلاء شرق رفح

ومع حلول الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، بدأ سكان المناطق الشرقية من مدينة رفح يتلقون اتصالات على هواتفهم المحمولة من جيش الاحتلال الإسرائيلي تضم رسائل صوتية مسجلة يطلب فيها منهم إخلاء كافة المناطق التي يوجدون فيها، ومن بينها عدد من البلدات وصولاً إلى حدود وسط المدينة، قبل البدء بعمليات عسكرية واسعة بتلك المنطقة.

وشملت التحذيرات الطلب من الأهالي عدم التوجه إلى مناطق البلد والسلطان والحي السعودي، والتي كان الاحتلال يدعي سابقاً أنها آمنة، ويطلب منهم التوجه إلى منطقة المواصي في مدينة خانيونس، محذراً من التوجه إلى مدينة غزة أو المنطقة الشمالية التي لا تزال محاصرة، ويعتبرها جيش الاحتلال منطقة قتال، كما هو حال المنطقة الشرقية في رفح في الوقت الحالي.

وتوجه الآلاف من المناطق الشرقية في رفح إلى غربي ووسط المدينة، وإلى غربي مدينة خانيونس (جنوب) وشمالي مدينة دير البلح (وسط)، بالرغم من ندرة وسائل المواصلات من جراء عدم توفر الوقود في القطاع، وهم ينوون إعادة نصب خيامهم في تلك المناطق في ظل عدم توفر أي مأوى فيها.

ويوجد في رفح قرابة 1,5 مليون نسمة، غالبيتهم نازحون من مدينة غزة وشمالي القطاع خلال أشهر العدوان الإسرائيلي الماضية، وقد انتشرت حالة من الذعر بين النازحين الموجودين شرقي رفح، وعلت أصوات بكاء الأطفال والنساء في مشهد الإخلاء، إذ حمل كثيرون أمتعتهم متوجهين إلى مناطق وسط مدينة رفح، أملاً في الحصول على وسيلة نقل توصلهم إلى المنطقة الغربية وشارع الرشيد الذي يؤدي إلى منطقة المواصي في خانيونس.

مخاطر كارثية على 600 ألف طفل

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الاثنين، من أن الحصار العسكري والتوغل البري المحتمل في رفح بجنوب قطاع غزة، سيسببان مخاطر كارثية على 600 ألف طفل يحتمون فيها حالياً.

وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، في بيان: “لقد تسبب أكثر من 200 يوم من الحرب في خسائر يصعب تصورها في حياة الأطفال. فباتت رفح الآن مدينة أطفال، وليس لأطفالها أي مكان آمن يلوذون به ضمن غزة. وإذا بدأت عمليات عسكرية واسعة، فلن يتعرض الأطفال لخطر العنف فحسب، بل أيضا للفوضى والذعر – هم منهكون جسديا وعقليا بالأصل”.

وأضافت “مقارنة بالبالغين، فإن الأطفال معرضون بشكل خاص للآثار المدمرة للحرب في قطاع غزة. إنهم عرضة للقتل والإصابة أكثر من غيرهم، ويعانون بحدة أكبر عندما تنقطع الرعاية الصحية أو التعليم أو لا يتوفر ما يكفي من الغذاء والماء. وقد سقط بالفعل أكثر من 14 ألف طفل في هذا النزاع، وفقاً لآخر تقدير أصدرته وزارة الصحة الفلسطينية”.

وأردفت تقول: “تشير التقديرات إلى أن مئات آلاف الأطفال في رفح يعانون من إعاقات أو حالات طبية أو غير ذلك من مواطن الضعف التي تعرّضهم للخطر الأكبر من العمليات العسكرية التي تلوح في أفق المدينة”.

وأوضحت راسل أن مئات الآلاف من الأطفال “المتكدسين الآن في معبر رفح مصابون أو مرضى أو يعانون من سوء التغذية أو الصدمة أو الإعاقات. وقد نزح الكثيرون منهم عدة مرات مسبقا، وفقدوا منازلهم وأهلهم وأحباءهم. إنهم بحاجة إلى الحماية، إضافة إلى ما تبقى من الخدمات التي يعتمدون عليها، ومنها المرافق الطبية والمأوى”.

ودعت اليونيسف إسرائيل إلى “الوفاء بالتزاماتها القانونية، بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، بتوفير الغذاء والإمدادات الطبية وتسهيل العمليات الإغاثية”، كما دعت  قادة العالم إلى منع وقوع “كارثة أسوأ”.

مصر تحذر إسرائيل

وحذرت مصر إسرائيل من مغبة شن عملية عسكرية في رفح قائلة إنها تنطوي على “مخاطر إنسانية بالغة” تهدد أكثر من مليون فلسطيني يتواجدون في المنطقة، بعدما طالب الجيش الإسرائيلي السكان والنازحين الفلسطينيين، الاثنين، بإخلاء شرق مدينة رفح استعداداً لعملية عسكرية.

وطالبت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، إسرائيل بـ”ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار”.

وشددت على أن مصر “تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة”.

وحذرت مصر في العديد من المناسبات إسرائيل من اقتحام رفح التي كانت الملاذ الآمن الأخير للفلسطينيين بعد اجتياح إسرائيل لكل مناطق القطاع الضيق تقريباً.

بوريل: أوامر إسرائيل بإجلاء المدنيين في رفح تنذر بالأسوأ

قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إنه يتعين على إسرائيل عدم المضي قدماً في الاجتياح البري لمدينة رفح جنوب قطاع غزة الفلسطيني، معتبراً أنه بإمكان الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، ويتعين عليهما منع مثل هذا السيناريو، واصفاً الأمر الإسرائيلي بإجلاء المدنيين بأنه غير مقبول.

وقال بوريل عبر منصة “إكس”: “إن الأوامر التي أصدرتها إسرائيل بإجلاء المدنيين في رفح تنذر بالأسوأ: المزيد من الحرب والمجاعة”.

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على مناطق عدة في رفح، بعد ساعات من مطالبته المدنيين بإخلاء مناطق من شرق المدينة والتوجه إلى خانيونس.

“الأونروا”: لن نخلي مواقعنا في رفح

بدورها، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، الاثنين، أنها لن تخلي مواقعها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وستحافظ على وجودها لأطول فترة ممكنة لتقديم المساعدات المنقذة لحياة للناس.

وقالت الوكالة، على منصة “إكس”، إن الهجوم الإسرائيلي على رفح يعني المزيد من المعاناة والوفيات بين المدنيين، وأن العواقب ستكون مدمرة بالنسبة لنحو 1.4 مليون شخص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى