الأحزاب والمنظمات التونسية تدين عنف الشرطة في التعامل مع احتجاجات تطاوين

أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي عن رفضه القطعي للمعالجات الأمنية في فض اعتصام الكامور، مؤكدا أن تطاوين تعاني من نسب بطالة كبيرة رغم أنها تزخر بالثروات الطبيعية.

وأشار الطبوبي في تصريح إعلامي إلى “أن الاتحاد ضمن في اتفاق الكامور إلا أنه لم يقع تحقيق جميع النقاط التي جاءت فيه وهو ما اعتبره مرتبطا بالوضع السياسي العام في البلاد مشددا على ضرورة تطبيق ما تبقى من اتفاق الكامور”.

وأضاف الطبوبي أنه “اتفق مع رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ على أن يتنقل وفد إلى ولاية تطاوين من أجل حوار هادئ وهادف يفضي إلى نتائج ملموسة ويعطي بوادر أمل لشباب الجهة” مذكرا بأن المعالجات الأمنية لا تزيد الأمر إلا تعقيدا.

من جانبه دعا فرع الاتحاد العام التونسي للشغل بتطاوين في بيان الأحد إلى إضراب عام في تطاوين الاثنين معبرا عن “رفضه لاستعمال العنف المفرط وغير المبرر” ضد المحتجين.

واستنكرت القوى السياسية والنقابية في تونس التدخل الأمني العنيف ضد المحتجين المطالبين بتنفيذ اتفاق الكامور في ولاية تطاوين جنوب شرق البلاد.

وفي السياق ذاته، عبّر الحزب الجمهوري في بيان الأحد عن استغرابه واستنكاره استعمال القوة بدل لغة الحوار والتفاوض مع شباب أعيتهم الحيلة والصبر إزاء وعود حكومية واتفاقات لم تنفذ رغم كل المساعي التي بذلوها في سبيل ذلك.

وطالب الحزب الجمهوري بفتح تحقيق فوري في الأسباب التي أدت إلى تفجير الأوضاع وتوتيرها، وإطلاق سراح الموقوفين حالا. كما دعا إلى التعجيل بعقد مجلس وزاري خاص بمشاكل الجهة ومتابعة تنفيذ بنود الاتفاق المبرم مع مكونات الحراك الاجتماعي.

وأصدر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) بيانا، عبر فيه عن مساندته للشباب المحتجين ولاعتصامهم ومطالبهم المشروعة، فضلا عن إدانة نهج الحلول الأمنية والقمع المفتوح الذي تواجه به الحكومة مطالب الشعب في ظل تصاعد الأزمة الاجتماعية والبؤس والفقر في صفوف الكادحين.

وطالب بالإفراج الفوري عن الموقوفين ومحاسبة كل المسؤولين عن انتهاك حق الاحتجاج وقمع المعتصمين، ودعا الشباب المحتجين على البطالة والفقر وتدهور شروط الحياة إلى تنسيق مجهوداتهم من أجل تصعيد الاحتجاج ضد السياسات اللا شعبية للحكومة التي لا يهمها إلا تجاوز أزمتها السياسية وتعويض خسائر الأقلية المتحكمة في اقتصاد البلاد على حساب أغلبية التونسيين. وكانت قوات الأمن التونسية أطلقت الغاز المسيل للدموع الأحد لتفريق محتجين في ولاية تطاوين يطالبون بإطلاق سراح محتج، فضلا عن التزام الحكومة بتنفيذ اتفاق سابق يقضي بتوظيف مواطنين في شركات نفطية ناشطة في المنطقة.

وشهدت شوارع مدينة تطاوين كرّا وفرّا بين المئات من المحتجين الذين أضرموا النار في إطارات مطاطية وألقوا بها وسط الطريق، وقوات الأمن التي أطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع.

وقالت وزارة الداخلية في بيان الأحد إن مجموعة من الأشخاص عمدت “إلى محاولة الاعتداء على المقرات الأمنية بالجهة بواسطة الزجاجات الحارقة، مما أجبر الوحدات الأمنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه المقرات واستعمال الوسائل المتاحة قانونا في مثل هذه الوضعيات”. وأضافت “أمكن تبعا لذلك إلقاء القبض على عشرة أشخاص من محاولي الاعتداء على المقرات الأمنية”. ويطالب المحتجون الحكومة التونسية بالتزام اتفاق تم إقراره في العام 2017 بتوظيف عدد من العاطلين من العمل في المنطقة.

ونصب محتجون منذ أسابيع خيما في مناطق من الولاية وأغلقوا الطريق أمام الشاحنات التابعة للشركات التي تستثمر في استخراج النفط والغاز في منطقة الكامور بالولاية المهمشة والتي شهدت مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في العام 2017.

ويطالب المحتجون الحكومة التونسية بالتزام اتفاق تم إقراره في العام 2017 بتوظيف عدد من العاطلين عن العمل في شركات نفطية في منطقة الكامور التابعة للولاية.

ولم تؤثر الاحتجاجات حينها على الأنشطة البترولية في المنطقة حسب وزارة الطاقة التونسية على عكس ما كان عليه الحال في العام 2017 حين توقفت عمليات الضخ.

وتوصّلت الحكومة التونسية ومحتجّون في الولاية، في مايو 2017 إلى اتفاق لإنهاء اعتصام عطل لمدة أشهر إنتاج النفط بهذه الولاية الصحراوية، وشهد مواجهات مع الشرطة أسفرت عن مقتل متظاهر.

وتم التوصل آنذاك إلى الاتفاق بفضل “وساطة” من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) نورالدين الطبوبي. وقضى الاتفاق بتوظيف 1500 شخص في “شركة البيئة والغراسات” (حكومية)، وألف آخرين بدءا من يناير 2018، و500 مطلع العام 2019.

كما قضى بتخصيص مبلغ 80 مليون دينار (حوالي 29 مليون يورو) لصندوق التنمية والاستثمار في تطاوين سنويا.

منذ ثورة 2011 التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، لم يتغير حال ولاية تطاوين وبقيت منطقة تنقصها التنمية والاستثمار بحسب تقرير نشرته منظمة أوكسفام غير الحكومية حول غياب التوازن بين المناطق التونسية.

وأوضحت المنظمة في تقريرها أنه في العام 2019 فإن “شخصا يقيم في تطاوين الولاية الأكثر تضرّرا من البطالة (28.7 في المئة) يتعرض للبطالة بأربعة أضعاف مقارنة بشخص آخر من ولاية المنستير الساحلية”.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد التقى عددا من ممثلي اعتصام الكامور في منتصف يناير الفائت ودعاهم آنذاك إلى “بلورة جملة من المشاريع النابعة من إرادة المواطنين أنفسهم بعيدا عن أي توظيف، وعن الفكر السياسي القديم الذي يكرّس المركزية”، حسب ما أفادت رئاسة الجمهورية في بيان.

وتجددت الاشتباكات الاثنين بين قوات الأمن التونسية والمتظاهرين في شوارع الولاية وعبروا عن رفضهم للتهميش المتواصل في المنطقة.

وحاول رجال الأمن الأحد تفريق محتجين في الولاية وأطلقوا الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين طالبوا كذلك بإطلاق سراح الناطق الرسمي باسم اعتصامهم طارق الحداد الذي تم توقيفه.

وقال والي المنطقة عادل الورغي في تصريح لإذاعة حكومية الأحد إن الاحتجاجات بدأت إثر توقيف ناشط في الاعتصام “مطلوب لدى العدالة”، مضيفا “منذ أكثر من شهر والطرقات مغلقة وخيم الاعتصامات وسط الطريق وهذا خارج عن القانون”. كما أكدت وزارة الداخلية في بيان الأحد أن مجموعة من الأشخاص عمدت “إلى محاولة الاعتداء على المقرات الأمنية بالجهة بواسطة الزجاجات الحارقة مولوتوف… مما أجبر الوحدات الأمنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه المقرات واستعمال الوسائل المتاحة قانونا”.

وأضافت “أمكن تبعا لذلك إلقاء القبض على عشرة أشخاص من محاولي الاعتداء على المقرات الأمنية”. وتواصلت ليل الأحد – الاثنين عمليات الكرّ والفرّ بين المحتجين والشرطة ونشرت وزارة الدفاع التونسية وحدات عسكرية لحماية المؤسسات الحكومية في شوارع المدينة، على ما أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع محمد زكري لوكالة فرانس برس.

من جانبه دعا فرع الاتحاد العام التونسي للشغل بتطاوين في بيان الأحد إلى إضراب عام في الولاية الاثنين معبرا عن “رفضه لاستعمال العنف المفرط وغير المبرر” بحق المحتجين.

وأغلقت المؤسسات الحكومية أبوابها تبعا لذلك، بينما واصلت المحلات التجارية نشاطها بصفة عادية بحسب مراسل فرانس برس. وأكد وزير التشغيل فتحي بالحاج في تصريح لإذاعة خاصة “نحن ملتزمون بجملة الاتفاقيات السابقة والملف يفتح عن طريق الحوار” وأضاف أن الاحتجاجات “مشروعة شرط عدم عرقلة مؤسسات الدولة”.

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى