الاستهداف الإسرائيلي للمرافق الصحية في غزة يتسبب بأوضاع كارثية

أكثر من مليون و88 ألف إصابة بأمراض معدية انتشرت في القطاع

أفاد تقرير جديد لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، تفاقم سوء الأوضاع الصحية في قطاع غزة، الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر الماضي لحصار قاتل وعدوان إسرائيلي مدمر يترافق مع عمليات برية واسعة النطاق.

ويسلط التقرير، الضوء على وضعية البنية التحتية الصحية في القطاع المدمر والارتفاع المتسارع في أعداد أفراد الطواقم الطبية الذين لقوا حتفهم جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، وكذا انتشار بعض الأمراض المعدية في ظل غياب المواد الأساسية اللازمة، وأزمة الغذاء وشح المياه النظيفة الصالحة للشرب.

والأربعاء قالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن ما لا يقل عن 32 ألفاً و975 فلسطينياً استشهدوا، فيما أصيب 75 ألفاً و577 جراء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة ضد الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر الماضي على قطاع غزة.

والثلاثاء أعلنت منظمة “وورلد سنترال كيتشن” الإغاثية الأميركية، وقف عملياتها في غزة بعد قتل إسرائيل، 7 من أعضاء فريقها بضربة إسرائيلية أثناء تفريغ مساعدات وصلت من قبرص إلى القطاع المحاصر والمهدد بالمجاعة.

ولم تسلم البنية التحتية الطبية في القطاع من الدمار، الذي تتسبب فيه الأعمال العسكرية الإسرائيلية، إذ أظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية، وحللها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة أن 35% من المباني في قطاع غزة، دُمرت أو تضررت خلال الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني.

واستخدم المركز في تقييمه صوراً عالية الدقة التقطتها الأقمار الاصطناعية وتم جمعها في 29 فبراير، وقارنها بصور ملتقطة قبل وبعد اندلاع الصراع الأحدث.

وخلص إلى أن 35% من مجمل المباني في قطاع غزة، أي 88 ألفاً و868 مبنى، تضررت أو دُمرت بالكامل. وقال إن 31198 من المباني دُمرت بالكامل و16908 مبان لحقت بها أضرار بالغة، و40762 مبنى لحقت بها أضرار متوسطة.

استهداف البنية التحتية الصحية

وألحقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أضراراً بالبنى التحتية في غزة تقدّر بنحو 18.5 مليار دولار، وفق تقرير جديد للبنك الدولي نُشر الثلاثاء. ولفت البنك الدولي في تقييمه غير النهائي للأضرار إلى أن الرقم يمثّل 97% من الناتج الاقتصادي المشترك للضفة الغربية المحتلة وغزة في العام 2022.

وأظهر تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أن 32 مستشفى أصبح خارج الخدمة جراء عمليات الاستهداف والاقتحام التي نفذتها القوات الإسرائيلية.

ويُقدر تقييم البنك الدولي، أن 84% من المرافق الصحية في غزة، إما لحقت بها أضرار وإما دمّرت، في حين هجّرت المعارك 75% من السكان.

وهكذا، تسببت الغارات الجوية وعمليات الاستهداف، في إخراج كل من مستشفى الشفاء ومجمع ناصر الطبي من الخدمة، وتبلغ طاقتهما الاستيعابية 642 و665 سريراً على التوالي.

كما أظهر تقرير وزارة الصحة الفلسطينية، أن 53 مركزاً صحياً أصبح خارج الخدمة جراء الهجمات الإسرائيلية، كما تم استهداف وتدمير أكثر من 126 سيارة إسعاف.

وفي المجموع، ذكر التقرير أن عدد المؤسسات الصحية المستهدفة بشكل جزئي أو كلي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، بلغ 155 مؤسسة، مشيراً إلى المستشفيات فقدت قدراتها العلاجية والاستيعابية، ما يدفع الطواقم الطبية لمعالجة الجرحى بإمكانيات بسيطة للغاية.

وخلص التقرير الذي أُعد استناداً إلى مصادر لجمع البيانات عن بعد، إلى أن شبكات المياه والصرف الصحي في غزة “شبه منهارة” وتعمل بأقل من 5% من قدراتها مقارنة بما قبل اندلاع الحرب.

ضحايا الكوادر الطبية

وكشفت وزارة الصحة في غزة، أن 484 فرداً من الطواقم الصحية في القطاع، لقوا استشهدوا جراء الجرائم العسكرية الإسرائيلية المتواصلة.

ومن بين هؤلاء، 134 فرداً من طاقم التمريض، 84 طبيباً، و46 مسعفاً، و46 صيدلياً، و39 مختصاً في العلاج الطبيعي، و38 طبيب أسنان، و32 طالب في طب الأسنان، و25 إدارياً، و16 فرداً يعملون في التحاليل الطبية، و9 أخصائيي عيون، و7 أكاديميين، و4 فنيي أشعة، و3 أخصائيين نفسيين وأخصائي أسنان واحد.

وقبل نحو أسبوع حاصر الجيش الإسرائيلي مستشفيين جنوب قطاع غزة بعد أيام من العملية العسكرية التي استهدفت مستشفى الشفاء، الذي يعد أكبر منشأة طبية في القطاع المحاصر.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني عندها، إن “قوات الاحتلال تحاصر كلاً من مستشفى الأمل ومستشفى ناصر وسط قصف عنيف جداً وإطلاق نار كثيف”، محذراً من أن “جميع طواقمنا تحت الخطر الشديد حالياً، ولا تستطيع الحركة نهائياً”. وسبق أن أعلنت الجمعية في وقت سابق مصرع أحد كوادرها.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد شن عملية كبيرة داخل وحول مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات غزة، وزعم إنها تستهدف مقاتلي “حماس”. وعاد الجيش إلى المستشفى بعدما نفذ فيه في نوفمبر عملية طالتها انتقادات دولية.

وقال الهلال الأحمر في فبراير الماضي، إن جيش الاحتلال حاصر المنشأة الطبية لعدة أيام مع قصف وإطلاق نار، مستنكراً استهدافه في وقت يضم آلاف النازحين.

الإصابة بأمراض معدية

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إنها رصدت مليوناً و88 ألفاً و764 حالة إصابة بأمراض معدية في مراكز الرعاية الأولية التابعة للحكومة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، منها 31 ألفاً و348 حالة عدوى التهاب الكبد الوبائي من نوع A نتيجة الاكتظاظ الكبير في مراكز الإيواء وتدني مستويات النظافة في أماكن النزوح في قطاع غزة.

وأظهرت البيانات التي وردت في تقرير مركز عمليات الطوارئ الصحية، تسجيل 578 ألفاً و845 حالة إصابة بالتهاب في الجهاز التنفسي، و318 ألفاً و321 حالة إسهال حاد، و52 ألفاً و329 إصابة بطفح جلدي، و47 ألفاً و922 إصابة بالقمل، و35 ألفاً و336 إصابة بالجرب، و31 ألفاً و348 إصابة باليرقان (Jaundice)، و7 آلاف و643 إصابة بالجدري.

وأشار التقرير إلى وجود “نقص كبير” في المواد الخاصة بإجراء الفحوصات المخبرية للدم (CBC) التي تستخدم في الكشف عن الأمراض، إلى جانب خروج مختبرات مستشفيات الشمال وغزة ومجمع ناصر الطبي عن الخدمة؛ بسبب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع المحاصر.

وأوضحت الوزارة، أنها تواصل تقديم خدماتها غير الطارئة، بالرغم من العبء والضغط الشديد نتيجة العمليات العسكرية المتواصلة، حيث بلغ إجمالي العمليات التي تم إجراؤها في المستشفيات الجنوبية نحو 12 ألف عملية.

ورصد التقرير تكدساً على مستوى عدد المرضى المترددين على وحدات غسيل الكلى في المستشفيات الجنوبية، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 155 مريضاً.

المجاعة وسوء التغذية والجفاف

وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية، 28 حالة وفاة في قطاع غزة نتيجة سوء التغذية والجفاف منذ فبراير الماضي، موضحة أن غالبية المتوفين لا تتعدى أعمار غالبيتهم 12 شهراً.

وأضافت الوزارة في تقريرها، أن هذا العدد يعكس ما يصل إلى المستشفيات فقط، مشيرة إلى أن “العشرات يفارقون الحياة بصمت نتيجة المجاعة” دون أن يصلوا للمستشفيات.

وأوضحت أن آلاف الأطفال يعانون من مضاعفات خطيرة قد تؤدي للوفاة نتيجة عدم توفر أنواع الحليب الخاص بهم في غزة وشمال غزة، كما طالبت الوزارة، المؤسسات الأممية ومؤسسات الطفولة حول العالم بتوفير حليب الأطفال.

ويوم الجمعة الماضي، قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية لـ”رويترز”، إنه من المحتمل تماماً وجود مجاعة في بعض المناطق بشمال غزة، وإن ندرة الشاحنات تمثل عقبة أمام إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المكتظ بالسكان والواقع تحت الحصار الإسرائيلي.

وتحذر الأمم المتحدة من أن قطاع غزة يواجه مجاعة وشيكة، وتشكو المنظمة من وجود “عقبات هائلة” أمام إدخال المساعدات وتوزيعها في أنحاء القطاع. وأقر مسؤولون أمريكيون بأن القطاع يواجه كارثة إنسانية، لكن المسؤول الأميركي الذي اشترط عدم الكشف عن هويته قال إن المجاعة ربما تكون موجودة بالفعل.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذر تصنيف عالمي للأمن الغذائي مدعوم من الأمم المتحدة من أن المجاعة وشيكة، ورجح أن تحل بشمال غزة في مايو أيار وقد تنتشر على امتداد القطاع الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة بحلول يوليو.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، الأربعاء، إن هناك “تحديات هائلة” أمام توزيع المساعدات، منها “الافتقار إلى الأمن والافتقار إلى التعاون مع السلطات الإسرائيلية وعدم توفر العدد الكافي من الشاحنات وعدم كفاية الوقود”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى