الرئيس التونسي يقطع الطريق على مناورات الغنوشي

أعلن رئيس البرلمان التونسي الإخونجي راشد الغنوشي، الثلاثاء، إن مبادرته لحل الأزمة السياسية لم تلق تجاوبا من رئيس الجمهورية قيس سعيد حتى الآن، في خطوة اعتبر مراقبون أنها تُظهر معرفة الرئيس التونسي بخلفية المبادرة ومناورة الغنوشي لإظهار نفسه في موضع الساعي للحوار.

وقال الغنوشي في تصريحات لإذاعة محلية أن “الرئيس قيس سعيد لم يتجاوب بعد مع المبادرة، لكني شديد القناعة أن الحوار وخاصة على صعيد الرئاسات الثلاث (قيس سعيد، الغنوشي، المشيشي) ضروري”، آملا أن “يتسع وقت الرئيس ويقتنع بأن الحوار هو أقرب طريق لحل مشكلاتنا”.

وقُوبلت مبادرة الغنوشي التي طرحها يوم السبت برفض واسع داخل الطبقة السياسية وسط شبه إجماع على أنها مبادرة لإحراج قيس سعيد وتقديمه في صورة الرافض للحوار.

واعتبرت مصادر سياسية تونسية أن تصريح الغنوشي يُظهِرُه كأنه الباحث عن حلول لأزمة كان رئيس حركة النهضة نفسه أحد مهندسيها بدفع رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى شق عصا الطاعة في وجه الرئيس الذي اختاره وكلّفه بالمهمة.

الرئيس التونسي يرفض الحوار لأجل الحوار، ويطالب بخطوات عملية قبل ذلك، وعلى رأسها رفع حركة النهضة يدها عن المشيشي، ودفعه إلى الاستقالة وإعادة مهمة تكليف رئيس حكومة جديد إلى الرئيس سعيد.

الإخونجي راشد لغنوشي طالب بعقد لقاء ثلاثي بين الرئاسات الثلاث -يشرف عليه رئيس البلاد قيس سعيد- يتولى البحث في سبل الخروج من الأزمة الحالية وخاصة ما تعلق بقضية اليمين بالنسبة إلى الوزراء الجديد، وهو ما يرفضه قيس سعيد الذي يعتبر أن التعديل الوزاري غير قانوني وفيه أخطاء قانونية كثيرة.

وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي قد أعلن في السادس عشر من يناير الماضي تعديلا حكوميا شمل إحدى عشرة حقيبة وزارية من أصل خمس وعشرين حقيبة، وبعد عشرة أيام صدّق عليه البرلمان، لكن الرئيس سعيد لم يوجه الدعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية، معتبرا أن التعديل شابته “خروقات”.

وقبل أسبوع أعلن المشيشي إعفاء خمسة وزراء وتكليف آخرين بتصريف الأعمال في الوزارات التي كان يشغلها المقالون إلى حين استكمال التشكيلة الحكومية.

واعتبر الغنوشي في بيان آنذاك أن “خطوة المشيشي حل مؤقت. والحل الجذري هو في تشكيل المحكمة الدستورية (تعطل تشكيلها أكثر من خمس سنوات بسبب غياب التوافق)، وإلى أن يتم ذلك يجب على كل الأطراف التعامل بمرونة حتى لا تتعطل الدولة ومصالح المجتمع”.

ويحاول الغنوشي أن ينأى بنفسه وبحركة النهضة الإخونجية عن الأزمة الدستورية القائمة والصراع المستمر مع الرئيس سعيد، لكن مراقبين ومعارضين من اتجاهات مختلفة سبق أن حمّلوا الغنوشي مسؤولية الأزمة وحثوا حركة النهضة على الكف عن الاختباء وراء رئيس الحكومة وإدارة الصراع مع سعيد من وراء الستار.

ولم يخف الاتحاد العام التونسي للشغل في أكثر من مرة تحميل الحزام البرلماني المسيطر على الحكومة مسؤولية التصعيد مع قيس سعيد وإفشال مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد، والتي كان الهدف منها التوافق بشأن رؤية وطنية أوسع للتعاطي مع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك إدخال تعديلات على النظام الانتخابي بما يساعد البلاد على انتخاب برلمان جديد خلفا للمجلس الحالي الذي يتسم أداؤه بالصراعات السياسية.

ويدفع الاتحاد إلى تكوين حكومة وحدة وطنية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني خلفا لحكومة المشيشي الواقعة تحت تأثير الخلافات بين الرئاسات الثلاث، لكن إلى الآن ليس هناك تحمّس لهذا الحوار من المشيشي والغنوشي وخاصة قيس سعيد الذي لم يتحمس لأن يكون الحوار تحت رعايته.

وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل حفيظ حفيظ “قدمنا مبادرة وطنية منذ أكثر من ثلاثة أشهر للعنوان المناسب، أي رئيس الجمهورية باعتباره الضامن للدستور، لكن الرئيس سعيد تحمس في البداية ثم تراجع”.

وأضاف حفيظ أن مبادرة الحوار شبيهة “بالحوار الوطني الذي قاده الاتحاد مع بقية الرباعي الراعي للحوار، وتوصلنا إلى توافقات سياسية تمخّض عنها دستور الجمهورية الثانية في يناير 2014”.

وكان الطبوبي قد كشف في تصريحات صحافية سابقة أنه استنتج من خلال اللقاءات التي جمعت بينه وبين قيس سعيد أن رئيس الجمهورية متخوّف من فشل الحوار.

وقال الطبوبي إن الاتحاد اقترح هيئة حكماء تشرف على تسيير الحوار الوطني يترأسها رئيس البرلمان السابق محمد الناصر، لكن إلى اليوم لم يتلق الاتحاد أي إجابة في هذا الخصوص.

وأضاف أنّ الاتحاد قبل مطلب رئيس الجمهورية إشراك الشباب في الحوار الوطني عن طريق اختيار شابة وشاب يمثّلان الأحزاب السياسية التي ستشارك في الحوار.

ويعتقد سياسيون ومحللون أن مبادرة الاتحاد يمكن أن توفر أرضية لنقاشات متعددة بشأن سبل الخروج من الأزمة دون أن يكون المسعى هو الانتصار لأحد الرؤساء الثلاثة، مشددين على أن هذه المبادرة توفر فرصة لحل حقيقي.

وعبّر زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب عن اعتقاده في أن الحل هو حوار بعيد عن التسويات السياسية السابقة؛ حوار يقود إلى الاتفاق على تعديل النظام السياسي والنظام الانتخابي وتعديلات في الدستور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى